البيئة والفساد!

Ghadi news

Monday, November 20, 2017

البيئة والفساد!

"غدي نيوز" -*فادي غانم-

 

في إجراء للتأكيد على الشفافية المفقودة، جاء استحداث وزارة مكافحة الفساد، وإن كنا نعلم أن هذه المشكلة - الآفة لا تعالج بوزارة فحسب، وإنما من خلال تفعيل وتعزيز السلطة القضائية، وإطلاق عمل بعض المؤسسات القضائية المعطلة (المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء)، فضلا عن تكريس المواطنة وتحديث الأنظمة والقوانين وتفعيلها.

إلا أن الحسنة الوحيدة في استحداث هذه الوزارة يتمثل في اعتراف السياسيين بأن لبنان غارق في الفساد، وقد احتل في أحدث تقرير عالمي صادر عن "منظمة الشفافية الدولية" في برلين المرتبة 136 عالميا، ولا نذيع سرا إن قلنا أن واقع الحال بلغ مستويات لا يمكن السكوت أو التغاضي عنها.

وما يهمنا في هذا المجال، تسليط الضوء على الفساد الذي يطاول طبيعة لبنان وبيئته وتنوعه البيولوجي، لأننا إذا لم نولِ اهتماما ببيئتنا، فسيفقد وطننا غناه الطبيعي ومناخه، ونحن ما عدنا في منأى أيضا عن تداعيات ظاهرة الاحترار العالمي وتغير المناخ.

منذ تشكلت حكومة العهد الأولى، توسمنا خيرا بأن الفساد سيحاصَر بإجراءات حازمة، بعيدا من طلات إعلامية لمسؤولين لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم نلقَ إلى الآن أية بوادر تبرِّد هواجسنا، فالقوانين وحدها لا تكفي، والمطلوب تنفيذها والتشدد بمعاقة المخالفين ومرتكبي الجرائم البيئية.

إن البيئة في لبنان تنتهك يوميا، ويهمنا في هذا المجال، عرض بعض العناوين بإيجاز:

1-لقد أقر قانون تنظيم الصيد البري مؤخرا، وأعلن عن افتتاح موسم الصيد في الخامس عشر من الشهر الماضي أيلول (سبتمبر)، لكن وبكل أسف، فإن القانون ينتهك كل لحظة، من خلال استمرار الصيد بوسائل ممنوعة ومحرمة دوليا، كاستخدام الشباك والدبق وآلات تقليد الطيور والكشافات الليلية، فضلا عن قتل الطيور المهاجرة المحرم صيدها، كاللقالق والبجع وأنواع من الصقور والعقبان، لا بل ثمة من يطلق النار على هذه الطيور بسلاح حربي، وكل ذلك موثق لدينا.

نسجل للأجهزة المعنية تجاوبا في بعض الأحيان مع نداءاتنا في ghadinews.net، والادعاء على مرتكبي المجازر، ولكن للأسف لا يلقى المعتدون عقابهم وفقا للقوانين المرعية الإجراء، والسبب يعود لقوى سياسية نافذة تعطل عمل القضاء والأجهزة الأمنية، وتحمي هؤلاء.

2-فيما كنا ننتظر تنظيم ملف المقالع والكسارات، نفاجأ بأن هذا الملف عصي على الحل، ونقول، بكل جرأة، وبصراحة متناهية أن ثمة من يحمي، وثمة من هو مستفيد من هذا الملف، وثمة سياسيون يدعمون من يدمر طبيعتنا ويقضم جبالنا، من كسارات "أبو ميزان" في المتن إلى كسارات ضهر البيدر وغيرها.

3-إن قمة الفساد أن تتبنى الحكومة السابقة مشاريع ردم البحر في رؤيتها لحل أزمة النفايات، من "الكوستابرافا" إلى "الجديدة" و"برج حمود"، ما أدى إلى تلوث البحر، وقضى على أرزاق الصيادين الذين امتلأت شباكهم بالنفايات، وهناك من يمارس الضغوط على القضاء للتمديد لبعض هذه المطامر، ولدينا معطيات كثيرة في هذا المجال.

4-إن مياهنا ملوثة، ونهر الليطاني بات يمثل كارثة تستهدف المواطنين في البقاع الغربي والجنوب، مع زيادة نسب الأمراض السرطانية وحالات الوفاة خصوصا في محيط بحيرة القرعون وبرالياس وغيرها من القرى.

هذا غيض من فيض، وحيال ما نواجه من فساد يبقي المشكلات قائمة، ويؤمن حماية المفسدين، فإننا نتطلع إلى تفعيل النيابات العامة البيئية، واستحداث جهاز قضائي بيئي مستقل يتمتع بحصانة في أخذ القرارات، ويتمتع أيضا بصلاحيات استثنائية في ملاحقة الجرائم البيئية.

وغير ذلك فعلى البيئة السلام وسيغدو لبنان صحراء قاحلة بدلا من واحة غناء ومراتع للخير والجمال... والصحة.

 

*رئيس "جمعية غدي"

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن