محمية جاج... الأرز في مواجهة الإسمنت

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Wednesday, November 29, 2017

فاديا كيوان: حمايتها مسؤولية تاريخية

"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -

             

يعتبر لبنان "نقطة ساخنة" hot spot للتنوع البيولوجي رغم مساحته الصغيرة، وهو الأغنى بمرات عدة مع دول أكبر مساحة، إذ يحتوي حوالي 9116 نوعا من الحيوانات والطيور والزواحف والنباتات، أي ما نسبته 0.8 بالمئة من الموجود منها على مستوة الكرة الأرضية، وتنقسم هذه الأنواع بين النباتات والحيوانات، وثمة 1،2 بالمئة (221 نوعاً) من النباتات والأشجار موجودة فقط في لبنان، وأهمها الأرز اللبناني المنتشر في مناطق معينة من لبنان، وقد تم إعلان هذه المناطق كمحميات طبيعية للمحافظة على هذه الشجرة الدهرية، وما تمثل من رمزية خاصة للبنان.

 

غابة أرز جاج

 

       وإحدى هذه المحميات ومن أصغرها غابة أرز جاج، وهي محمية غنية بتنوعها الحيوي، وتضم الغابة القديمة الوحيدة في أعالي قضاء جبيل، على ارتفاع يقارب ألفي متر، بعضا من أقدم شجر الأرز في لبنان، وقد استخدم خشب الأرز فيها، وفقا لـ "ميثولوجيا تاريخية" في بناء هيكل الملك سليمان في القدس، كما استعمل من قبل الفراعنة واليونانيين في بناء السفن والنواويس، ومحليا استخدمت أخشاب الأرز في بناء المنازل والسفن والمعابد.

إلا أن هذه الغابة تواجه الآن تحديات عدة، فعدا عن التغير المناخي الذي يطاول كافة النظم الإيكولوجية، يشكل التمدد العمراني تهديدا لكافة المناطق الحرجية في لبنان، ولكن أن يصل التمدد العمراني إلى المنطقة العازلة للمحمية، فهذا أمر جلل لا يمكن التغاضي عنه، وهو يقوّض كل الجهود والعمل الذي قام به المجتمع المدني لحماية هذه البقعة المميزة في لبنان على مدى ثلاثين عاما وصولا إلى إعلانها محمية.

 

كيوان: جميعنا أمام امتحان

 

       وفي التفاصيل، فإن كل المناطق في لبنان، سواء كانت زراعية، سياحية، حرجية وأثرية تتبع قانون ترتيب الأراضي في لبنان، أو التصنيف القانوني لها، أو ما يشار إليه عادة بالـ Zoning إلا أن بعضا منها، لم تخضع لعملية تنظيم، وترك الأمر للجهات المعنية والوزارات المختصة، للقيام بذلك، وقد حاول البعض، ونجح في التحايل على القانون، واقتطاع بعض مشاعات الدولة وغيرها، وهو ما أشار إليه ناشطون من منطقة "جاج"، فضلا عن مناطق عدة من لبنان، أصابتها التجاوزات البيئية من كسارات ومقالع، فضلا عن زحف عمراني، ما يدمر الجهود الرامية للحفاظ عليها.

       وفي هذا السياق، قالت رئيسة لجنة المحمية الأستاذة في مجال العلوم السياسية الدكتورة فاديا كيوان لـ ghadinews.net: "ليس هناك Zoning للمنطقة العازلة Buffer Zone، وهي عبارة عن دائرة 500 متر تحيط بالمحمية، والمفروض أن تكون هناك رخص بمواصفات، وتبين على الأرض، أن أحد الأشخاص بدأ بتشييد بناء بعد الحصول على رخصة من البلدية وقبل أن تضع وزارة البيئة المواصفات والشروط الواجب التقيد بها، وتبين أن هناك  تجاوزا للرخصة وتقدم البناء من دون مواصفات، فتعالت أصوات المجتمع المدني، وتوالت الشكاوى للجنة المحمية".

وأضافت: "طلبنا من وزارة البيئة الكشف على الورشة وقد جرى ذلك بالفعل، وبحسب تقرير خبراء الوزارة فإن هناك مخالفات، وقد أبلغتنا الوزارة بذلك، وطلبت منا إبلاغ البلدية بضرورة وقف العمل في الورشة إلى حين يتم إيداع الشروط والمواصفات الخاصة لأي بناء في دائرة الـ buffer zone، وبالفعل تم ايقاف البناء إلى حين تسوية الموضوع بحسب الشروط اللازمة، ونحن متشددون جدا في تطبيق الشروط والمواصفات المعتمدة عالميا في هذا المجال، كذلك لمسنا من الوزارة نفس الحرص، وأبدت البلدية من جهتها التعاون الكامل، اليوم جميعنا أمام امتحان، وحماية غابة أرز جاج هي مسؤولية تاريخية نحملها بكل فخر وبكل حزم، ونشكر هيئات المجتمع المدني على يقظتها وعلى تعاونها معنا لما فيه خير المحمية".

 

حماية الأرز الموجود وزراعة المزيد

 

       وأشارت كيوان إلى أن لجنة المحمية "من موقع المسؤولية، طالبت الوزارة بالكشف أول الصيف الماضي، وكان قد بدأ صاحب العقار بأعمال البناء، وزارنا الوزير (طارق الخطيب) ووعدت الوزارة بوضع مواصفات، إلا أنه لم يتوقف البناء وبدأت الشكاوى تردنا من قبل الأهالي".

        وأضافت: "تحركت الوزارة مرتين، ولم تتوقف أعمال البناء، وبعد وضع صور على موقع (فيسبوك) أرسلنا الطلب الثاني وتم إيقاف العمل، وطالبنا الدولة بضرورة وضع المواصفات حتى لا يتضرر الناس، من جهتنا، لا نريد أن يتحول الموضوع سجالا، ولا مزايدات علينا في هذا الموضوع، ونأمل أن يدعمنا الإعلام كمجتمع مدني، للوصول إلى قرارات ملائمة، لأنه واجبنا أمام التاريخ حماية غابة الأرز في جاج، وهناك اتجاه للتعاون مع جهات عديدة محلية ودولية، للتشجير بكثرة، لأن عدد الأرزات قليل وقد ساهمت جمعيات عدة، وكان هناك على مستوى الجبل مؤخرا مجموعة من طلاب الجامعة اليسوعية وجمعية جذور لبنان، وتمت زراعة 300 شجرة أرز".

وختمت كيوان: "هناك أمران مهمان بالنسبة لنا، حماية الأرز الموجود وزراعة المزيد، وأن تكون لدينا غابة متكاملة، ونعمل على التنسيق مع كافة وسائل الإعلام لإيصال الصوت، والأهم هو الموقف الصلب والحازم من قبل البلدية والوزارة ولجنة المحمية والمجتمع المدني لحماية هذه الثروة".

 

إيقاف التعدي

 

       ووفقا لناشطين من منطقة جاج، فإن معظم الأراضي حول المحمية ملك خاص لأشخاص وأبدوا تخوفهم من مبادرة البعض إلى القيام بالمثل، أي البناء وبصورة مخالفة، وأن شخصا آخر قد حصل على رخصة أيضا، وهذا ينبع من حرصهم على ما يتبع هذا الزحف العمراني من تلوث بالنفايات ومياه الصرف الصحي، وغيره من الآثار السيئة على هذه المحمية، مع العلم أن مساحة هذا العقار الذي تم فيه البناء 3000 متر، وفي العادة فإنه يعتبر قائما في مناطق مشابهة أي المنطقة العازلة Buffer Zone حول المحميات، حيث لا يسمح لأي مالك بأن يبني أكثر من 5 بالمئة، أي ما لا يتجاوز 150 مترا، وبالتالي تخضع لشروط وزارة البيئة، وقد علمنا أن المالك (ط. أ.) حصل على رخصة بأقل من ذلك (وفقا للناشطين)،  ولكن مساحة البناء وصلت إلى 380 مترا حتى الآن، وقد توصل فريق خبراء وزارة البيئة إلى إيقاف البناء إلى حين صدور القرار النهائي، فضلا عن الشروط التي ستوضع بطريقة علمية ومهنية، والتوصل إلى نتائج نهائية ملزمة.

       ومن جهتنا في موقع ghadinews.net نطالب الجهات المعنية من وزارات وقوى أمنية وبلدية باعتبار هذا المقال كإخبار واتخاذ الإجراءات المناسبة لإيقاف هذا التعدي الذي يطاول محمياتنا.

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن