سوق الغرب لؤلؤة ترصع جبين لبنان تستعيد وهج بريقها

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Thursday, July 12, 2012

بلدة العلم والسياحة والعيش الواحد... حاملة عبق التاريخ
... سوق الغرب لؤلؤة ترصع جبين لبنان تستعيد وهج بريقها

"غدي نيوز" – صفا ليّون حجّار

كنتُ في طريق العودة إلى سوق الغرب، حين بادرني السائق بالسؤال: "إلى أين؟"، فأجبت "إلى سوق الغرب". افترَّ ثغره عن بسمة عريضة، واستأذن بأن يخبرني قصة قصيرة، وراح يروي ما سمعه منذ فترة على إحدى المحطات الإذاعية أعادت تفاصيل مقابلة مع موسيقار الاجيال الفنان الكبير الراحل محمد عبد الوهاب، فقال أن المذيعة سألته عن إحدى أشهر أغانيه (نسي اسمها)، فأجابها عبد الوهاب "الأغنية دي لحّنتها ونا جالس على البلكونة في حتّة من الجنة إسمها سوق الغرب".
وكان سؤال السائق: هل كان عبد الوهاب فعلاً يزور سوق الغرب؟ وهل ان سوق الغرب قطعة من الجنة؟ فأجبته: "نعم، إنها قطعة من الجنة وإن الفنان العظيم على صواب".
هي لؤلؤة على جبين جبل لبنان، ووسام على صدره، جنة الله على أرضه، ونعمته تحت سمائه، بجمالها وإشراقها وخضرتها ومائها ورقة هوائها، كانت وما تزال زينة مصايف الجبل، ومقصد الكثيرين الذين ينشدون السكينة والراحة، ورمزاً للقرية المثالية التي تصدّرت صورها كتب تلامذة المدارس، على أنها القرية اللبنانية النموذجية.

الموقع... ولمحة تاريخية

تقع سوق الغرب في قضاء عاليه - أحد أقضية جبل لبنان الستة - تبعد عن بيروت حوالي ١٧ كلم وترتفع حوالي ٧٥٠م، سمّيت كذلك لأنها قائمة على منبسط من الأرض عند عين ماء كان العابرون يتوقفون لينهلوا من مائها، كما إن مزارعي الجوار كانوا يبيعون محاصيلهم أو يبادلونها بمنتجات، حيث تحوّلت ساحة العين وقتذاك إلى مكان تتمُّ فيه المقايضات الموسمية فاشتهرت بسوق العين، ومن ثمَّ، وفي أواخر القرن الثامن عشر، غلبت عليها تسمية "سوق الغرب" لانفرادها واشتهارها بهذا السوق التجاري الوحيد في الطرف الغربي من قضاء عاليه.
تتّسم بطبيعة خلابة، تكسوها أحراج الصنوبر فتزيدها جمالا وسحرا، وتكسبها مناخاً صحياً. تشرف على خليج بيروت، من مطل رائع، ويحيط بها عدد من التلال. بيوتها من الحجارة البيضاء الصلبة، لم تستطع الحرب اللبنانية أن تقضي عليها أو تنهي قصص الحب والحنين في كل بيت من بيوتها، والتي حملها أبناؤها في قلوبهم حين اضطرّ القسم الأكبر منهم لهجر القرية خلال الحرب الأهلية، وبقيت حجارة بيوتها صامدة رغم الدمار، وبقيت هي فارغة لسنوات إلا من ذكريات أبناها.

نفض غبار الحرب عن بيوتها ومرافقها

وعن هذه الفترة يذكر أحد أبنائها إن "خمس أو ست عائلات فقط بقيت أثناء الحرب في سوق الغرب، يساندها الجيش اللبناني"، يقول العم أبو عبدالله، ويضيف "بقيت حال القرية على ما هي عليه حتى مطلع عام ١٩٩٢ حين بدأ الأهالي بالعودة وكانت عودة خجولة في البداية"، ولم يكن "هناك بلدية فعلية باستثناء اثنين من أعضاء البلدية القديمة"، على حدّ قوله.
وخلال هذه الفترة أيضاً، استُحدثَتْ وزارة المهجرين في لبنان للعمل على مساعدة الناس في العودة لقُراهم، وطُلبَ من القرى التي ليس لديها بلديات أن تؤلف لجان من الأهالي لتقوم بمهام البلديات، وهكذا أنشئت لجنة من أهالي سوق الغرب ضمّت حوالي ستة أشخاص بادروا على الفور بمساعدة الأهالي على متابعة ملفاتهم مع الوزارة، ونفض غبار الحرب في بيوتها ومرافقها.
ومن بعدها تمّ التنسيق مع وزارة الطاقة والموارد المائية لتمديد شبكات المياه والكهرباء والهاتف، وفي العام ١٩٩٦ انتخبت أول بلدية بعد آخر انتخابات بلدية واختيارية شهدها لبنان قبل نشوب الحرب الاهلية (1975)، وتوالت بعدها عدة بلديات، إلى أن انتخبت البلدية الحالية وتسلمت مهامها في العام ٢٠١٠ ، ويرأسها حالياً الدكتور كميل نصّار، عميد كلية الطب في جامعة البلمند، بعد أن وافت المنيّة الرئيس السابق لهذه البلدية السيد جورج صليبي منذ فترة قصيرة.
لا شك بأن سوق الغرب شهدت موجة من بيع الأراضي كعددٍ من قرى لبنان وترافقت مع بداية العودة في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وحدث ذلك في ظل التغير الديموغرافي الذي فرضته ظروف الحرب، ولهذه الظاهرة أسباب عدة، أهمها إن إبن سوق الغرب الذي ترك القرية أثناء الحرب، وجد أنه أصبح مرتبطاً إقتصادياً واجتماعياً بمكانٍ آخر، فصار سهلاً عليه أن يبيع، خصوصا وأن العروض كانت مغرية، وما بين العرض والطلب حدثت هذه "الفورة".
لكنّ هذه "الظاهرة تراجعت الآن، فالأهالي باتوا متمسّكين أكثر بأرضهم، وأصبح لدى الأكثرية الرغبة في العودة والسكن في بلدتهم". وهذا ما أشار إليه رئيس بلدية سوق الغرب في حديثه لـ "غدي نيوز"، الدكتور كميل نصار، الذي تحدّث ايضا عن مشاريع البلدية الحالية القريبة والمتوسطة المدى، من استحداث فرع لجامعة البلمند، مروراً بالحديث عن مدرسة سوق الغرب العريقة وفنادق البلدة لا سيما فندق حجّار الشهير، وصولاً إلى مطالب البلدية وحاجات البلدة.

مدرسة سوق الغرب

بدايةً كانت لنا عودة بالذاكرة إلى الماضي، وحديثا عن مدرسة سوق الغرب أو "الكلية اللبنانية" كما كانت تعرف في تلك الفترة. وقبل البدء بالحوار مع السيد نصار، لا بدّ من سرد قصير لتاريخ مدرسة سوق الغرب أو "مدرسة غلاسكو" كما كانت تدعى أيضاً، نظراً لأهميتها ودورها لجهة المساهمة في بعث النهضة الوطنية الأولى في جبل لبنان، والتي ساهمت في جعل سوق الغرب مرتعاً للعلم ومنهلاً للمعرفة لما كانت تحويه من مدارس ومعاهد تعاقبَ على إنشائها عدد من الإرساليات الأجنبية بمساعدة ومساندة أهل البلدة، وكان أهم تلك الصروح مدرسة سوق الغرب الشهيرة والتي تأسّست عام ١٨٥٥، وكانت تنافس بسمعتها مدارس لبنان الكبيرة والعريقة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن المتخرّج من هذه المدرسة،كان يتمّ قبوله في الجامعة الأميركية في بيروت بدون أن يخضع لامتحان دخول.
كل هذا حقّق إسماً لامعاً لمدرسة سوق الغرب التي ذاع صيتها كثيراً، وخرّجتْ أفواجاً من الشباب الذين لمعوا في ميادين العلم والادب والإدارة، ونذكر منهم الأديب اللبناني الكبير صاحب كتاب "إسمع يا رضا" أنيس فريحة والذي صار أستاذاً للغة العربية في المدرسة ذاتها، وهو ذكره في كتابه الشهير "قبل أن أنسى"، "عدتُ إلى رأس المتن لأنقل خبر تعييني براتب محترم جداً ورحتُ أقطع الدرب قفزاً فأنا عائدٌ إليها أستاذاً زميلاً للذين كانوا بالأمس القريب أساتذتي... تحوّل عظيم، وفي سوق الغرب دار للتنس وفي رأس المتن، لا يعرفون هذه اللعبة وسهرات ممتعة...".

جامعة البلمند

على مرّ الزمن، كانت سوق الغرب ولا تزال تعتبر رمزاً للعيش المشترك بين مختلف الأديان والطوائف، وقد ولدت فكرة إنشاء الجامعة  لتكريس العيش الواحد بين أبناء هذه المنطقة.
وأكد نصار ان "رسالة جامعة البلمند هي تقوية التعايش وستمتد هذه الرسالة إلى سوق الغرب، مثلما امتدّت إلى عكار لبعث التوافق في جبل لبنان الأشمّ وتعايش أبنائه وتضافر جهودهم بمختلف طوائفهم. هذا الجبل الذي لم ولن يكون يوماً مركزاً للطائفية".
وعن كيفية تبلور فكرة جامعة البلمند في سوق الغرب؟  قال: "قبل أن أبدأ بالحديث عن مشروع الجامعة، أود أن أنوّه بأننا كمجلس بلدي نسعى لإعادة بناء مدارس ثانوية على مستوى عالٍ لتنشئة الجيل الجديد من الطلاب ليصلوا الى المرحلة الجامعية وبالأخص إعادة مجد الكلية اللبنانية في سوق الغرب أو ثانوية سوق الغرب العالية كما عرفت أيضا في السابق والتي كانت الأساس بتعليم وتخرّج العديد من رجالات الثقافة والعلم في لبنان".
وتابع: "كلنا يعلم أن سوق الغرب اختيرت لتكون الأرض التي ستحتضن أهم صرح علمي في منطقة الجبل ألا وهو جامعة البلمند، ولقد أصبحنا في طورٍ متقدّم لجهة وضع الخرائط التنفيذية للأبنية التي سنبدأ بإنشائها، وقد بوشر بترميم المبنى المتبقّي من مدرسة سوق الغرب الموجود حالياً، وسيكون أول مبنى للجامعة، وأما المبنى الثاني فسيتبرّع بنفقاته الأستاذ يوسف مطر، وألفت هنا إلى أن الأرض التي ستقام عليها الجامعة، والتي كانت تحوي مدرسة سوق الغرب الشهيرة، كانت قد بيعت لشركة عقارية عندما بدأت الحرب، وأقفلت المدرسة أبوابها وكانت معروضة للبيع، وطبعاً كانت هناك أكثر من محاولة بأن تباع هذه الأرض وتبنى مكانها مدرسة. لكن هذا لم يحصل إلى أن تقدّم النائب وليد جنبلاط والأستاذ أنيس نصار "إبن سوق الغرب البار"، وساهما بشراء هذه الأرض التي قدّم منها النائب جنبلاط خمسين ألف م2  كهبة للجامعة التي ستضم ست كليات، منها: الآداب والعلوم والتكنولوجيا والعلوم الصحية والهندسة والفندقية كمرحلة أولى، وستكون مهيّأة لاستقبال أول دفعة من الطلاب مطلع العام ٢٠١٤".
وأملَ الدكتور نصار "خيراً من فكرة وجود الجامعة أيضاً التي ستلعب دوراً أيضاً في تنشيط الدورة الإقتصادية في البلدة عدا عن إستقطاب الطلاب من المنطقة وجوارها، وهذا ما انعكس منذ الآن ارتفاعا في أسعار الأراضي بعد أن أعلن عن إنشاء الجامعة في سوق الغرب".

المرافق والخدمات

وعن مشاريع وإنجازات البلدية، قال نصار: "على المدى القريب هناك ضرورات أساسية نعمل على إنجازها على صعيد البنية التحتية في البلدة كالكهرباء والماء والطرقات. بالنسبة للكهرباء، دعمتْ البلدية مشروع مولّدات كهربائية، وزّعتها في البلدة، وهي تؤمّن الطاقة لجميع اهالي البلدة بأكبر قدر ممكن من ساعات التغطية. ومن ناحية المياه، فقد سعت البلدية جاهدة مع وزارة الطاقة والمياه لنيل الموافقة بحفر بئر إرتوازية سيؤمّن مياه الشّفة للبلدة ولقسم من الجوار، وسيبدأ العمل بالمرحلة الأولى مطلع الأسبوع القادم. كما نسعى جاهدين لمتابعة موضوع الطرقات والأرصفة بالتعاون مع أهالي سوق الغرب والمصطافين فيها والملاكين أيضاً وهم كُثر، فنأمل أن يساهموا معنا لنكون يداً واحدة لدينا هدفاً واحداً أساسياً هو إنماء سوق الغرب وإرجاعها على الخارطة السياحية في المنطقة. فسوق الغرب كانت لؤلؤة الاصطياف في الماضي، وكانت تستقطب أكثر من خمسين بالمئة من المصطافين الذين يقصدون لبنان. لذلك فإنه من الأهمية بمكان، أن نعمل على إعادتها دُرّة منطقة الجبل، وأن يكون لدينا برامج تجذب الناس للسكن أيضاً هنا، وليس للإصطياف فقط، ولهذا السبب أيضاً".
واضاف نصار: "قررنا إنشاء مجلس من الأهالي المقيمين والمصطافين لمساعدة المجلس البلدي في جميع الأمور الحيوية التي تهمّ البلدة، حتى لو بالمساهمة النظرية إن لم نقل العملية.
ومن مشاريع البلدية الحالية أيضا، وعلى المدى المتوسّط، هناك فكرة إنشاء ملعب رياضي كبير في سوق الغرب، فالرياضة موضوع أساسي على جميع البلديات الإهتمام به، والتعاون لجذب الشباب نحو الرياضة، كذلك هناك فكرة استحداث مبنى جديد للبلدية سيضاف إلى المبنى القديم.

فنادق سوق الغرب

عرفت سوق الغرب بفنادقها السياحية المتعددة، نذكر منها: كامل، سرسق، صليبا (أو فاروق)، نزل نادر. وكان أشهر الفنادق، فندق حجار الذي ارتبط إسم سوق الغرب دائماً باسمه. وقد ذاع صيته لفترة طويلة من الزمن واشتهر كأحد أهم فنادق الجبل المتميزة، والذي كان مقصوداً من كافة الأقطار العربية. وكانت تقام فيه الحفلات الموسمية التي ينتظرها الجميع من مباريات رياضية إلى انتخابات ملكات الجمال إلى حفلات الأعراس وحملات الإنتخابات النيابية، كما ذكرت إحدى سيدات البلدة التي  شهدت حملات انتخابية قام بها الصحافي اللبناني الكبير المرحوم غسان تويني، وغير ذلك من الإستعراضات الموسيقية والغنائية.
باختصار شهدَ الفندق عهداً ذهبياً في مرحلة ما قبل الحرب اللبنانية لما كان عليه من فخامة وشهرة قلَّ نظيرهما، ولكنه توقف خلال فترة الحرب كغيره من فنادق سوق الغرب، ومنذ فترة إشتراه أحد المستثمرين من بلد عربي ويأمل الجميع بما فيهم أهالي ومجلس بلدية سوق الغرب، أن "يعاد ترميمه وإعادته كفندق عريق يزيّْن مدخل سوق الغرب"، على حد قول الدكتور نصار، الذي رأى ايضا ان "الإستثمار في القطاع الفندقي في هذه المرحلة غير ظاهر على المدى القريب فهو يرتبط بوضع البلد ككل، إضافة إلى أنه يحتاج لتمويل كبير ومناخ إستثماري غير متوفر حالياً نظراً للوضع الإقتصادي في لبنان".
وقال نصّار: "الحرب أصبحت في الماضي، وتطلعاتنا اليوم مستقبلية، وأملنا كبير بمستقبل لبنان ومستقبل أبنائه"، كما عبّر عن رغبته بأن تنظر الدولة أكثر في وضع البلديات في لبنان "فكل بلدية هي حكومة مصغّرة، والحكومة من المفروض أن تكون نموذجية تقوم بخدمة الناس على أكمل وجه وكل المطلوب من الدولة هو الإفراج عن أموال البلديات، وكل بلدية تتكفّل حينها بالباقي".

دور العبادة في سوق الغرب

لا نستطيع أن نتكلم عن سوق الغرب من دون أن نذكر كنائسها العريقة، وأولها "كنيسة ودير القديس جاورجيوس" التي تمّ بناؤهما عام ١٩٠٥، على أنقاض كنيسة صغيرة قديمة يعود بناؤها لمطلع القرن التاسع عشر، وتطل على القادم إلى البلدة بأعمدتها الضخمة، وقرميدها الأحمر، وبقُبّتيها البيزنطيتين تتوسّطهما جدارية رخامية تمثل شفيعها على حصانه يطعن التنين، وفوقها برج الساعة التي تعلن دقاتها الوقت لكل الجوار، وهذا ما ذكره الدكتور سمير الصليبي في كتابه "سوق الغرب في ذاكرتي"، ويضيف بأنه إلى جانب الكنيسة يقع دير مار جرجس وهو أقدم بناء من الكنيسة يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر. وكانت سوق الغرب قد ألحقتْ بمطرانية بيروت كمقر صيفيّ لها بعد أن فصلتْ عن أبرشية الجبل.
وهنا لا بد أن نذكر أحد أحب وجوه سوق الغرب وركيزة من ركائزها، ألا وهو سيادة المطران إيليا الصليبي، المرشد والزعيم الروحي، الوطني الصادق، صاحب الهيبة والوقار الذي لم يكن مطراناً للطائفة الأرثوذكسية فحسب، بل مطراناً لكافة اللبنانيين. تميّز بالورع والتقوى والمحبة وحسن الإدارة والإنفتاح على الجميع. الكل احترمه وأحبه ووثق به لما كان له من خبرة وحنكة ودراية وتضحية، عايش إستقلال لبنان وكان أحد أعمدته البارزين، وبعد وفاته خلفه سيادة المطران غفرائيل الصليبي الذي انتدب مرارا للسفر إلى الخارج من قبل الكرسي البطريركي الإنطاكي.
أما الكنيسة الثانية في سوق الغرب، فهي كنيسة سيدة البشارة للروم الكاثوليك والتي بنيت عام ١٨٩٩، وهي مبنية من الحجر المعقود الأنيق ومزينة بأروع لوحات القديسين. وأيضا يوجد في سوق الغرب كنيسة البروتستانت التي بنتها إحدى الإرساليات الأميركية منتصف القرن التاسع عشر.

ننْزعُ لُغماً... نزرعُ شجرة

تحت شعار "مننْزع لغم... منزْرع شجرة"، وعن موضوع الألغام في سوق الغرب، الذي يعتبر من نتاج ومخلفات الحرب في لبنان، حدّثنا نائب رئيس بلدية سوق الغرب شكري فؤاد حجار، فقال: "بدأ الجيش اللبناني بعملية نزع الألغام في بلدتنا منذ العام، ٢٠٠٤ أي في عهد البلدية التي كان يرأسها السيد نبيل الصليبي، ومن أصل ٣٥ حقلا للألغام لا يزال حتى الآن بعض المساحات والأماكن الثانوية التي تحوي القليل منها. ومنذ حوالي الشهر، احتفلت سوق الغرب مع الجيش اللبناني وبرعاية مهمة من بنك لبنان والمهجر، بنزع آخر لغم، وأقيم إحتفال في منطقة رأس الجبل، قدّم خلالها البنك مشكوراً حوالي ٦٠٠ غرسة كهدية ليحلّ مكان كل لغم شجرة، علّهم يثمرون ثمراً ولا ينتجون ألغاماً".
وعن أمور البيئة في بلدية سوق الغرب، قال حجّار: "أنجزنا الكثير في الواقع منذ العام ٢٠٠٤ خاصة على صعيد تشجير الطرقات وقسم من الأحراج وأراضي المشاع، وزرعت كلها بأشجار الصنوبر والحور الإيطالي ، كما وزّعت أنواع الأزهار الكثيرة على جميع الطرقات، وقد ساهم بذلك بعض سكان سوق الغرب إلى جانب البلدية. لكن موضوع البيئة لا يقتصر على الزراعة والتشجير فحسب، إذ إن هناك العديد من الأمور يجب الإهتمام بها وإنجازها، ومن أهمها مشروع استثمار الطاقة الشمسية، ليس فقط على صعيد الفائدة المنزلية، بل الإستفادة منها كمصدر للإنارة، وهذا الموضوع هو الآن مثار اهتمام على صعيد لبنان ككل. وأيضاً من الإنجازات التي تأمل البلدية تحقيقها، وبما أن سوق الغرب في مرحلة إستعداد لبناء جامعة البلمند، هو موضوع الصرف الصحي الخاص بالجامع".
وتمنّى حجار على "الدولة أن تساهم مادياً في إعادة تشجير ما حُرق من مساحات حرجية بالكامل في سوق الغرب"،كما تمنّى ايضا "المساهمة مع البلدية في شق طرقات صغيرة في الأماكن الحرجية العالية والوعرة، لتستطيع فرق الإطفاء الوصول إليها في حال نشوب الحرائق.

مع الأهالي

"غدي نيوز"، إلتقى أيضاً عدداً من أهالي سوق الغرب واستطلع آراءهم ومطالبهم، وكان هناك رأي موحّد، أكدّه المواطن سمير بارودي، وهو "تأمين فرص للعمل في البلدة للأهالي كي لا يضطروا للنزوح والإستقرار في المدينة، فليس في سوق الغرب حتى الآن فنادق أو مدارس أو بنوك. وهذا موضوع حيوي يجب النظر فيه".
أما جورج ومايا وعماد، فقد طالبوا بإنشاء نادٍ يضم الشباب والشابات، لاقامة نشاطات مسلية ومفيدة وملعب للتنس، فهي رياضة راقية اشتهرت بها سوق الغرب خلال عهدها المزدهر ما قبل الحرب.

أعلام سوق الغرب

بقي أن نذكر إن سوق الغرب تضم  سنترالاً للهاتف، يربط جميع القرى المجاورة ببعضها، وأصبح يؤمن حالياًخدمة الـ "دي أس إل" للانترنت السريع، بالإضافة إلى وجود مركز صحيّ هام تابع لمطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت، يستقبل جميع المواطنين من كافة المناطق، ويشرف عليه أهم الأطباء من مستشفيات بيروت.
ولا يمكننا أن ننسى وجود عدد من الصيدليات والمحال التجارية وفرن سوق الغرب العريق والذي ما زال يعمل منذ أكثر من العام ١٩٤٥ .
هذا بالإضافة للعديد من الشخصيات الهامة وأعلام سوق الغرب والتي كان لها الدور الهام على مختلف الأصعدة، نذكر منها في الحقل السياسي عباس خلف الذي كان وزيرا للإقتصاد، في مرحلة سابقة ونائب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي في عهد النائب والوزير الراحل كمال جنبلاط، جورج الصليبي قائمقام حالي بالوكالة لقضاء الشوف، ريمون حتي قائمقام سابق لمنطقة كسروان.
وهناك الأطباء، ومنهم يوسف وإبراهيم وميشال والياس وتوفيق حجار، والدكتور كميل نصار والدكتور الياس الصليبي  والدكتور شاهين الصليبي والدكتور سمير الصليبي.
وأيضاً نذكر خليل الصليبي الرسام والمؤرخ المعروف والدكتور جورج سبع الصليبي الذي شغل منصب رئيس المجلس التأديبي الأعلى بالدولة اللبنانية، وعلى الصعيد الإعلامي الزميلة ماغي فرح والزميل إيلي الصليبي والمذيع في قناة الجديد الزميل جورج صليبي.
وعلى صعيد الأعمال نذكر أنيس نصار، وسيطل "غدي نيوز" على شخصيات وأعلام سوق الغرب ممن ورد ذكرهم آنفا، وستكون صفحاتنا مشرعة للاطلال على شخصيات لم نتمكن من معرفتها جميعها.

في القلب والذاكرة

تلالٌ تتعالى بكبرياء نحو السماء. بلدة صمدتْ في وجه أطول الحروب وأعنفها، وبقيت شامخة كالبرج ومبتسمة كالصباح. سوق الغرب بسحرها، تتربّع على عرش الجمال، تحت قدميها البحر، وفوق رأسها خضرة الصنوبر الدائمة.
جلسة شاعر ما بين خيال الواقع وحلم الأبدية. وهكذا نودّعُ حلوَ الأحلام في سوق الغرب، لنلتقي بحلم آخر في "حكاية ضيعة" أخرى.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن