بحث

الأكثر قراءةً

اخر الاخبار

العيناتي يدعي على شركتي ترابة

"خطر وبائي".. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود

حملة توعية لجمعية غدي للتعريف عن الملوثات العضوية الثابتة وأخطارها

دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟

الصحة العالمية تتخوف من تفشي إنفلونزا الطيور بين البشر.. "أخطر من كوفيد 19"

المواد الغذائيّة المجلّدة.. حيوانات مريضة وعروضات مغشوشة!

Ghadi news

Tuesday, May 13, 2014

"غدي نيوز"

في جولةٍ قامت بها "الجمهورية" على عدد من المراكز التجارية الكبرى، والسوبر ماركات المتوسّطة، وصولاً إلى الدكاكين في الأحياء الشعبية، تبيّن أنّ السَمّان، "الخَضرجي"، اللحّام... جميعهم دخلوا في دوّامة تصنيع الأطعمة المجلّدة وبيعها. حتى إنّ أم سامر التي تُدير ميني ماركت زوجها، ما عادت تُضيّع وقتَها في الثرثرة مع النِسوة، فباتت تُحاسب الزبائن بيدِها اليسرى، وباليمنى تفرّز البازلّاء أو "تحشي" المعجّنات "حسب شو بِتساع التلّاجة".
يَعتبر طبيب الصحّة العامة الدكتور عماد الياس أنّ الأطعمة المجمّدة تخفي في طيّاتها قطَباً "مخفيّة ومخيفة" على حدّ سواء، على طريقة "داب التلج وبان المرج". لذا فهو ينصح المستهلكين، ولا سيّما المرضى منهم، بتناول الأطعمة الطازجة، كذلك الإلتزام بالمواسم الزراعية وفق موعدها، نظراً إلى الغذاء الذي توفّره للجسم بحسب توزّعها على مدار السنة، بعيداً عن الاعتماد على التفريز والتجميد.

حيوانات مريضة وعروضات مغشوشة

ويوضِح د. إلياس خلفية موقفَه في حديث لـ "الجمهورية"، قائلاً: "للطعام دور أساسيّ في إحاطة الجسم بالطاقة والفيتامينات التي يحتاجها المرء في مختلف مراحله العمرية، لذا فإنّ أيّ تلاعب في نوعية الغذاء سرعان ما تنعكس تداعياته على وظائف الجسم. وإذا نظرنا إلى المنتجات الغذائية المجمّدة، وتحديداً الخضار والفاكهة، نلاحظ أنّها بعدَ أقلّ من أسبوع (نحو 48 ساعة) على التجميد، تخسر تباعاً الفيتامينات الغنية بها، بالتالي تتحوّل عملية الطعام إلى حركة آليّة، لا طعمَ لها ولا نكهة، لا غذاء فيها ولا منفَعة صحّية".
وعمّا إذا كان يختلف الأمر بالنسبة إلى اللحوم والسمك المجمّد، فسرعان ما تسبق علامات الاستغراب والدهشة توضيح د. إلياس، فيقول آسفاً: "عالم اللحوم محفوفٌ بالمخاطر والدهاليز، فهو أشبهُ بمغارة علي بابا، والدليل حالات التسمُّم التي نعالجها يوميّاً والناتجة عن أساليب الغش والتلاعب المرافقة للتجميد. على سبيل المثال، الحيوانات المريضة المصابة بالكوليرا والتيفوئيد وغيرها... قد يُصار إلى التخلّص منها بذَبحِها وبيعها على أنّها لحوم مجمّدة، وفي أفضل الحالات تُمزَج مع لحوم أخرى، لتضييع المستهلك. قد ينجح التاجر في المرّة الأولى، ولكن لن تسلم الجرّة مع كلّ الزبائن، فقبل أن ينتهي الأسبوع ترتفع صرخات تسجيل حالات تسمّم من المطعم الفلاني. أمّا حالات التسمّم من السوبر ماركات فقد تتأخّر في الظهور، نظراً إلى أنّ المستهلك قد يشتري اللحوم المجمّدة ويتأخّر في تناولها أو يسيء تخزينها في منزله".
ولكن، في موازاة ذلك، يصعب علينا كبت شكوكنا حيال جودة اللحوم المجمّدة التي تطالها موجة "تحطيم وتكسير الأسعار" في تلك السوبرماركات، فهل تحوّلت إلى جمعيات خيرية لبيع كيلو اللحمة بعشرة آلاف بدلا من 30 ألف؟ أم إنّها تريد التخلّص من شحنة لحوم فاسدة على حساب صحّة زبائنها؟

تداعيات صحّية

في هذا الإطار، يحذّر د. إلياس من المَضارّ الصحّية التي قد تنتج عن الأطعمة الغذائية بسبب التغيّرات التي تصيبها من التجميد، فيقول: "لا يقضي التجميد على الميكروبات، إنّما يجمّد حركة نموّها، لذا فإن لم يتمّ طهو المنتجات المجمّدة على نحو جيّد وعلى درجات حرارة مرتفعة، فقد تنتعش الميكروبات، وأبرزُها السالمونيلا، ويتحوّل الغذاء إلى مادة سامّة، فتضرب الإلتهابات المصرانَ ومن ثمّ تتوسّع، وسرعان ما ترتفع حرارة جسم المتضرّر تباعاً".
ويلفت د. إلياس إلى أنّ غياب العوارض السلبية لدى مَن اعتادَ الأطعمة المجمّدة لا يعني بأنّ وضعه الصحّي سليم، ولكن مع الوقت وفي ضوء الفحوصات الطبّية التي يجريها سيكتشف تراجعاً في مناعته، وما فَوَّته على نفسه من فوائد غذائية لا توفّرها إلّا الأطعمة الطازجة.

تلاعُب في مدّة الصلاحية

فقدان النكهة الأصلية، غياب "القرشة"، التبدّل في لون المنتج... مجموعة سِمات قد يلاحظها المستهلك على الأطعمة أثناء التجميد وحتى بعد طهوها. لذا تُشدّد عميدة كلية العلوم الزراعية والغذائية في جامعة الروح القدس الكسليك د. لارا حنّا واكيم على ضرورة أن تنطلق عملية التجميد من شرطين أساسيّين.
فتقول في حديث لـ "الجمهورية": "أوّلاً، يُستحسَن الانطلاق من مادة غذائية سليمة، طازجة بالأساس، خالية من أيّ نوع من البكتيريا والجراثيم. ثانياً، تحضير المادة الغذائية قبل تجميدها، بهدف الحفاظ على أطول مدة صلاحية ممكنة، على سبيل المثال السَلق السريع للخضار لدقائق معدودة". وفي هذا السياق، تلفتُ د. واكيم نظرَ المستهلكين إلى قضيةٍ غالباً ما يتمّ التغاضي عنها، وهي ضرورة وجود على ملصق بعض الأطعمة نوعين من التواريخ انتهاء صلاحية المنتجDLC (Date limite de consommation) et DLUO (Date limite d’utilisation optimale).
يحدّد تاريخ الـ DLUO الفترة التي يُنصَح خلالها باستهلاك المنتج على نحوٍ يستفيد المستهلك قدر الإمكان من قيمته الغذائية من فيتامينات وأملاح ومعادن أخرى، بالإضافة إلى خصائص حسيّة من نكهة، رائحة، نسيج... لذا تظهر على المنتج عبارة: "من المفضل إستهلاكه قبل..."، دون أن يشكل خطرا على الصحة.
أمّا تاريخ الـ DLC، فهو يُظهر تاريخ انتهاء صلاحية المنتج، وإستهلاكه بعد هذا التاريخ يصبح مُضرّاً للصحّة، لذا يُستحسن سحبه من الاسواق. ولكنّ المؤسف أنّ في أسواقنا غالباً ما يتمّ اعتماد تاريخ واحد، وهو الفترة الزمنية الأطول، بهدف تحقيق أعلى نسبة من الاستهلاك، بالتالي رفع الأرباح.
وتحرص د. واكيم على أن يدرك المستهلك التمييز بين المنتجات المبرّدة والمجمّدة (المُجلّدة)، كي لا يقع ضحية تحايل بعض التجّار الذين يمزجون بين المبرّد والمجمّد بهدف تأمين أوسع مجال لتصريف البضائع. فتقول: "المبرّدة نعني بها موادّ غذائية محفوظة على درجة حرارة تتراوح بين الصفر وأربع درجات، أمّا المجمّدة فهي المواد الغذائية المحفوظة على 18 درجة تحت الصفر وما دون".

هل التجميد يُطيل عمر المنتَج؟

بنبرةٍ حاسمة ولغة واثقة تجيب د.واكيم: "بقدر ما تتمّ مراعاة ظروف التجميد، التخزين والتوضيب، يحافظ المنتج على جودته". وتتابع موضحةً: "عموماً يمكن المحافظة على المنتجات المجمّدة نحو 6 أشهر، البعض منها قد يبلغ السنة، ولكنّ أيّ مخالفة بسيطة تسيء إلى جودة المنتج، لا سيّما انقطاع التيار الكهربائي، أو عدم متابعة حرارة البرّادات على نحو مستمر".
في هذا المجال، تحذّر د. واكيم من "الحرق التجميدي" (freeze burn) الذي قد تتعرّض له الأطعمة، لا سيّما غير الموضّبة على نحو سليم، "يخرقها الهواء البارد والجاف، فيفسِدها، وتدريجياً يتحوّل لونها إلى رمادي، وكأنّ نسبة التجميد لامسَت الإحتراق".

حماية المستهلك

ضمن المهمّات التي تقوم بها جمعية حماية المستهلك، من مراقبة وتقديم التوجيهات والإرشادات، تتوقّف المهندسة ندى نعمة مسؤولة قسم مراقبة وسلامة الغذاء في هذه الجمعية عند جملة من الأخطاء المتكررة، قائلة: "المؤسف أنّ بعض المعنيين غير الضليعين في مجال التسويق، يتعاملون مع هذه المنتجات المجمّدة كغيرها من الأطعمة العادية التي لا تحتاج للتجميد، والاكتفاء فقط بوضعها بالثلّاجة، وعدم المراقبة المستمرّة لدرجة الحرارة التي يجب أن تكون -18 درجة مئوية وما دون".
وأكثر ما يزيد الوضع خطورةً، على حدّ تعبير نعمة، إنقطاع التيار الكهربائي، فتقول في حديث لـ "الجمهورية": الانقطاع المستمر للكهرباء يؤدّي إلى "تسييح" الأطعمة وإعادة تجميدها، ممّا يوفّر مناخات ملائمة للجراثيم والبكتيريا، بالتالي إلى حدوث حالات من التسمّم الغذائي".
وتضيف: "رغم ذلك يظلّ العدد الأكبر من أصحاب المتاجر مقتنعاً بأنّ الثلّاجة ما زالت تُحافظ على برودتها، وهذا مفهوم خاطئ يسيء إلى جودة المنتج من حيث لونه وتركيبته وطعمُه، ممّا يهدّد السلامة الغذائية. وإنّنا نأسف لعدم دراية هؤلاء بتفاصيل ودقّة ما يتاجرون به... وأبعدُ من الأطعمة المروَّج لها، فهُم يتاجرون بصحّة المستهلك وسلامته الغذائية".

نصائح إلى المستهلك

-إختيار السوبرماركت التي تُرتّب برّاداتها، على نحو تفصل فيه بين الخضار، اللحوم، والسمك، كلّ صنف في ثلّاجة على حِدة، منعاً لحدوث أيّ تلوّث متبادل.
-يُفضل شراء ما يلزم الوجبة المطلوبة فقط حتى لا نضطر إلى حفظ الباقي مما يقلل من جودته وقيمته الغذائية.
-تجميد اللحوم في المنزل بكمّية محدودة لإبقائها طازجة، متجدّدة، وحفظُها ضمن حِصص منفصلة، بهدف تجنيبها أكبر قدر ممكن من التغيّرات الحرارية.
-يُنصح بوضع المواد الغذائية المطبوخة على الرف، فوق المواد الغذائية النية، وتكون مغطاة، مما يقلل خطر حدوث تسمم غذائي نتيجة تحول الميكروبات من المواد النية إلى المطبوخة.
- يُستحسَن ترك شراء اللحوم والسمك والاجبان إلى المرحلة الأخيرة من التبضُّع، حتّى تبقى طازجة ومُبرَّدة، والعودة بها إلى المنزل مباشرةً ووضعها في الثلّاجة أو البرّاد وفق الحاجة إليها، بهدف الحفاظ على سلسلة التجميد CHAINE DU FROID.
-إجراء التعديلات اللازمة لضبط حرارة البرّاد والثلّاجة بالتزامن مع التغيّرات الموسمية، لا سيّما في فصل الصيف.
-إذا كان لا مفرّ من الاستعانة بالأطعمة المجمّدة، لضيق وقت التحضير، يمكن الإعتماد على المقبّلات المجمّدة، على أن يبقى الطبق الرئيسي طازجاً.

ناتالي إقليموس - الجمهورية
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن