الطبسون من حيوان معرّض للانقراض إلى «نجم» في محمية

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, August 7, 2012

المقالع تهدم موطن «إبن عم الفيل» والعمران يحاصره
... الطبسون من حيوان معرّض للانقراض إلى «نجم» في محمية


"غدي نيوز" – تحقيق أنور عقل ضـو

الطبسون حيوان آخر تراجعت أعداده بشكل كبير وبات على قائمة الحيوانات المهددة بالانقرض في لبنان، بعد أن اختفى من بعض المناطق نتيجة التمدد العمراني من جهة ووجود المقالع والكسارات من جهة ثانية، خصوصا وأن الطبسون يعيش في بيئة صخرية وسط المرتفعات ويأنف المناطق الواطئة، وكأنه يؤثر المطلات العالية لينظر "بانوراميا" إلى ما حوله بما يمكنه من كشف أعدائه وحماية صغاره ورد غزوات الصيادين والفضوليين.
"تراجع صيد (الطباسين) في المتن الاعلى" يقول أياد المشطوب من بلدة رأس المتن، ويعزو السبب الى ندرة أعداده، ويضيف: "حتى الامس القريب كنا نرى (الطباسين) على الصخور تستمتع بأشعة الشمس، لكن الآن نادرا ما نرى هذه الحيوانات، لان الصيادين ابناء المنطقة خبروا المواقع التي توجد فيها أوكاره وأمعنوا في اصطياده طمعا بلحمه أو لمجرد القتل".
 

حيوان غامض

ما يثير الانتباه أن الطبسون يعتبر من الحيوانات الغامضة غير المعروفة جيدا، حتى في المرويات الشعبية لم يلقَ اهتماما لاسباب يعزوها البعض الى بيئته الوعرة ومؤاثرته البقاء بعيدا عن الاعين، باستثناء الاشارة الى تشبيه موفوري الصحة بـِ "متل الطبسون"، وإذا ما سألنا أحدا من جيل الشباب عن هذا الحيوان اللبون نجد أن ليس ثمة من يعرف عنه شيئا، وبعضهم لم يسمع ابدا، وأبعد من ذلك لم تنصفه الدراسات العلمية بأبحاث كثيرة، في ما عدا توصيفه فيزيولوجيا وعلميا ودراسة بيئته في حدود عامة، بمعنى ان ليس ثمة دراسات وافية حيال هذا الحيوان، ما يبقي المجال مشرعا لدراسات تفصيلية ومعمقة في آن، بدليل أن كل الدراسات المتوافرة حول الطبسون لم تأتِ على أهميته في التوازن البيئي.
تقول زاهدة ابو سعيد أن "الوالد كان يصطاد الطبسون في الخمسينيات من القرن الماضي، وكان يقوم بسلخه وتنظيفه قبل أن تعد الوالدة لحمه وطبخه، وكان شائعا اصطياد هذا الحيوان في منطقة المتن الاعلى"، ولفتت الى ان "لحمه لا يتميز بشيء عن سائر أنواع اللحوم المعروفة"، مشيرة إلى أنه في "تلك الفترة كان أهلنا يصطادونه ويضعون الافخاخ لانواع كثيرة من الحيوانات ومنها النيص والغرير وكانت جزءا من المجتمع الزراعي، اضافة الى صيد الطيور".
ويعزو رئيس "جمعية غدي" فادي غانم سبب تراجع أعداد الطبسون إلى "الصيد الجائر"، ويقول: "في سعينا كجمعية لتوثيق الحياة البرية فوجئنا بأن أعدادا كثيرة من الحيوانات والطيور لم تعد موجودة في لبنان". ويضيف "إننا كجمعية تعنى بالدرجة بالبيئة والتربية نحاول تعريف التلامذة الى الحياة البرية فأقمنا قبل عشر سنوات أكبر مشتل زراعي مدرسي في لبنان بحيث يتولى التلامذة زرع الاغراس والبذار وريها، لأن من يزرع لا يمكن أن يقطع، وانطلقنا أيضا في رحلة البحث عن الحيوانات البرية لتعريف التلامذة عليها، لان تجربتنا اكدت انه لا يمكن للتلميذ أن يحافظ على الحياة البرية الا اذا خبرها وتعرف الى كائناتها عن كثب، واذا ما تعرفت الاجيال الناشئة على الحيوانات البرية لا يمكن ان تقتلها في المستقبل، لكننا فوجئنا بأن النتائج كانت مخيفة، فلم نعثر خلال جولاتنا على أنواع كثيرة من الطيور والحيوانات، ولم نشاهد الطبسون الا في بعض المحميات".   

الطبسون والفيل أبناء عمومة قديمة
 

يؤكد رئيس "مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها" في مدينة عاليه الدكتور منير أبو سعيد أن "التمدد العمراني والكسارات ساهما في تدمير البيئة الطبيعية للطبسون لأنه يعيش في المناطق الصخرية فضلا عن صيده ما أدى الى تراجع أعداده وتصنيفه من الحيوانات المهددة بالانقراض، بالرغم من وجود أعداد قليلة منه في مناطق بعيدة ونائية وشاهقة، فخلال أبحاثنا عن الطبسون عثرنا على مجموعات قليلة في العبادية ورأس المتن (المتن الاعلى)، والشقيف (الجنوب)، وإقليم الخروب ونهر ابراهيم لكن المجموعات الكبيرة موجودة في بعض المحميات مثل محمية ارز نيحا، ومحمية جبل موسى".
ويضيف أبو سعيد: " يعرف الطبسون علميا باسم Procavia capensis، وهو من الثدييات الصغيرة والتي تعيش ضمن مجموعات يترأسها ذكر بالغ، وهي حيوانات شديدة الحذر".
ويرى أن "ما يميز الطبسون عن سائر الثدييات أنه لا ينتمي الى فصيلة القوارض بل فصيلة الظلفيات"، ويشير إلى خاصية أخرى تميز الطبسون وهي أن "أقرب حيوان إليه هو الفيل من حيث التشريح وله نفس الرائحة تقريبا ويعتقد العلماء أن الطبسون والفيل هما أبناء عمومة قديمة انحدرا من أصل واحد يرجع إلى 2 أو 7 مليون عام مضى".
والطبسون حيوان نهاري المعيشة يتغذى على النباتات وأوراق الشجيرات ولا يحتاج الى شرب الماء بل يحصل علية من غذائه ويعيش في صدوع وتجاويف الصخور لأنة لا يستطيع الحفر، تقارب مدة حمل الأنثى 6- 7 أشهر وتلد في اغلب الأحيان صغيرين في السنة وتولد الصغار مكتملة النمو ومرحلة النضوج الجنسي ما بين 15و16 شهرا ويعمر حتى 10 سنوات، والذكر اكبر حجما من الأنثى التي تعمر اكثر من الذكر، والإناث تتعاون في ارضاع صغار بعضهن. كما أن الطبسون لا يستطيع تنظيم درجة حرارة جسمه كبقية الحيوات ذات درجة الحرارة الثابتة بل تتذبذب درجة حرارته بدرجة حرارة المنطقة المحيطة به لذا دائما يفضل الجلوس في الشمس الدافئة. وباطن اقدامه مطاطية ورطبة لكي تسمح لهو بالتنقل بين الصخور الملساء والصدوع. وتقوم الأنثى بلعب دور الحراسة وتحذر الإفراد من أي خطر من الاعداء مثل بنات آوى والنسور.

يقتصر وجوده على افريقيا والشرق الاوسط

يرى أبو سعيد أن "الإنسان يعتبر العدو الأول"، ويشير إلى أن "لدى الطبسون 21 صرخة مختلفة، وتوجد في ظهره غدد تفرز هرمون لكي يحدد منطقة نفوذه من الدخلاء مثل الطباسين الأخرى".
ويؤكد أبو سعيد أن "الطبسون ظهر من ملايين السنين في المناطق الجنوبية لاوروبا ومنها انتقل الى الصن والآن يقتصر وجوده على افريقيا والشرق الاوسط".
ويقول: "هناك ثلاثة انواع منها في لبنان، هي: طبسون الصخر Rock Hyraxes وطبسون الغابات Heterohyrax brucei وطبسون الشجرDendrohyrax arboreus، وهو لا يجتر وإن كان يأكل الخضار، لكن جهازه الهضمي فيه ثلاثة اقسام خلافا للحيوانات المجترة التي يقسم جهازها الهضمي الى اربعة اقسام، كما أنه يتميز بكليتين فعالتين جدا للعمل على اقل كمية من المياه، لذلك بوله يكون مركزا بشكل كبير والاماكن التي يتبول عليها تظهر عليها آثار واضحة بسبب كثرة مادة الكالسيوم".
ويخلص أبو سعيد إلى أن "الطبسون يحافظ على التوازن البيئي لانه يقتات على انواع معينة من النباتات ويؤمن التوازن على مستوى الغطاء الاخضر ويساهم في تجديد الغابة وعندما يقتات على اغصان الاشجار يكون كمن يقوم بتقليمها".

الطبسون "نجم" محميّة جبل موسى

 

لم يكن ثمة من يتصور ان يصبح الطبسون "نجم" محميّة جبل موسى في قضاء كسروان، صحيح أن الطبسون موجود بكثرة في المحمية إلا أن القيمين عليها أدركوا منذ اطلاق المحمية عام 2009 أهمية هذا الحيوان النادر، فأصدرت "جمعيّة حماية جبل موسى" APJM رواية مصوّرة للصغار بعنوان "طبسون طبسون" مستوحاة من الطبسون في المحمية، بهدف الى توعية الأطفال بضرورة الحفاظ على المواقع الطبيعية.
والرواية هي الأولى من سلسلة "مغامرات طبسون" التي ستصدر أجزاء أخرى منها تباعاً، وهي من تأليف نجيب قصار ورسوم جوزف حداد.
وفي الرواية المصورة، يصادف صبيّ صغير "قائد" عائلة طباسين في جبل موسى. وبعد أن يطمئن الطبسون إلى "حسن نية" الصبيّ، وإلى أنه لن يؤذي عائلته، يحوّله صغير الحجم بحركة سحرية، ويصحبه في جولة لمعاينة الكنوز الطبيعية في جبل موسى.
وابرزت الجمعية أن سلسلة "مغامرات طبسون"، تهدف، "من خلال شخصية الطبسون الظريفة، وبلغة سهلة واسلوب مسلّ، الى تعريف الصغار بالتنوع البيولوجي الغني في جبل موسى، وإلى زرع مفهومي حماية الغابة والبيئة واحترام الطبيعة لديهم".
وأشارت الى أنها خصصت موقعاً إلكترونياً هو www.tabsoun.com وصفحة على موققع موقع "فيسبوك" هي www.facebook.com/tabsoun، لتمكين الراغبين من الإطلاع على صور الطبسون في جبل موسى.
وأوضحت أنها تلحظ "التعاون مع المدارس لتنظيم لقاءات مع التلاميذ لزيادة الوعي البيئي من خلال شخصية طبسون ومغامراته".
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن