"غدي نيوز" - إعداد سوزان أبو سعيد ضو
من قرية صغيرة لصيادي السمك على التل المشرف على البحر خلال الألف السادس قبل الميلاد، إلى مصاف المدن المزدهرة أواخر الألف الرابع ق.م، أصبحت جبيل، المدينة الساحلية الواقعة على بعد 37 كيلومترا شمال بيروت، وإحدى أقدم المدن الأثرية، من أهم المدن بكيان سياسي مستقل وشخصية خاصة، وقد تصدرت جبيل التجارة في البحر المتوسط، حيث شهدت ازدهاراً كبيراً بفضل تجارة الأخشاب التي كانت تصدرها إلى أنحاء المتوسط الشرقي، ولا سيما إلى مصر، حيث كان المصريون يفتقدون الخشب اللازم لبناء سفنهم ومعابدهم ولضرورات طقوسهم الجنائزية. وكانت جبيل تحصل مقابل أخشابها على الأواني والحلي المصرية المصنوعة من الذهب والمرمر، بالإضافة إلى لفائف البردى ونسيج الكتان. ويبقى أهم ما صدرته جبيل هو الحرف والأبجدية الفينيقية الى العالم بأسره، ولعل إطلاق الإغريق عليها إسم "بيبلوس Byblos" هو لعلاقتها بالورق وبالكتاب.
أما إسمها الحديث، جبيل، فقد يكون نتيجة مزج كلمتين كنعانيتين واضحتَي المعنى، "جِبْ" أي البيت، و"إيل" أي كبير الآلهة أو الإله الأب، أي بمعنى بيت الإله. والجدير ذكره أن منظمة اليونسكو صنفتها في 1984 كموقع تراث عالمي.
وأجمل هدية للأعياد تلقتها بلدية جبيل وأبناء المنطقة هذا العام، فأختار صحيفة "The wall street journal" شجرة الميلاد الضخمة في الشارع الروماني وسط المدينة في جبيل من بين أجمل أشجار الميلاد في العالم، إذ حلت زينة جبيل في المرتبة الثانية بعد الشجرة البرازيلية العائمة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية.
وكان لشجرة جبيل اللبنانية حضور خاص حيث يبلغ ارتفاعها ثلاثين متراً، ومغطاة بـــ 2,500 ورقة من الحديد المطلي باللون الذهبي.
وتتميز زينة جبيل هذا العام حيث تمتد في مختلف أرجاء المدينة وتعطيها رونقاً ميلادياً خاصاً من خلال الإنارة المميزة بأكثر من 400 ألف لمبة.
ويذكر أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كرم رئيس بلدية جبيل السيد زياد حواط على الانجازات التي تحققت في مدينة جبيل خلال السنوات الخمسة الماضية، وآخرها اختيار شجرة ميلاد مدينة جبيل كأهم ثاني شجرة في العالم والتي رفعتها مدينة جبيل. وقدم المشنوق لحواط درعا تكريمية، مشيدا بـ "الدور الذي يقوم به حواط على المستوى الانمائي للحفاظ على تراث مدينة جبيل التاريخي والانجازات التي قامت بها البلدية في السنوات الاخيرة".
وعلق حواط بعد تسلمه الدرع "ما فعلناه هو نقل صورة لبنان الحضارية الى العالم، ونقلنا صورة نجاح اللبنانيين وايمانهم بوطنهم، هذا هو لبناننا المشرق الذي نعكسه الى كل العالم".
وقال حواط في تعليقه على الحدث لوكالات إعلامية "أردنا من خلال إضاءة الشجرة في جبيل إضاءة قلوب اللبنانيين لنؤكد أن لبنان ما زال يتألق رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها".
وأضاف "من جبيل مهد الأبجدية، نقلنا الى كل العالم صورة لبنان الحقيقية وروح السلام والميلاد في بلدنا".
وختم قائلا "لقد نافست مدينة جبيل بإمكانيات مادية متواضعة كبرى الدول في العالم. انها علامة مضيئة تضاف الى السجل اللبناني، بأن اللبناني قادر أن يكون مبدعا وخلاقا وصورة مشرقة عن ما يشبهه، وان شاء الله يكون هذا الدرع حافزا اساسيا لتكملة المشوار، واهدي هذا الدرع لكل أبناء جبيل ولكل اللبنانيين".