الملح يُذيب الثلج لكنّه يُضِرّ بالبيئة

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, February 17, 2015

ليس مثل أشعة الشمس
الملح يُذيب الثلج لكنّه يُضِرّ بالبيئة

"غدي نيوز"

كما يضرّ استخدام مياه البحر المالحة في إطفاء حرائق الغابات، كذلك يضرّ استخدام الملح لتذويب الثلوج. تعوّد بعض اللبنانيين، كما بعض دول العالم مع أو قبل كل عاصفة ثلجية لاسيما في الجبال، وتحسباً لتراكم الثلوج وتشكل طبقات الجليد على الطرق وعزل القرى وتوقفت حركة المرور... استخدام الملح. فقبل موسم الثلوج توزّع وزارة الأشغال العامة على البلديات كمية محددة من الملح لنثره على الطرقات حيث تلجأ بعض البلديات لنثره قبل تكدس الثلوج. وإذ لا تكفي كميات الملح في أغلب الأحيان تلجأ بعض البلديات إلى التوجه الى الاسواق لشراء حاجتها من الملح على حساب موازنتها. هذا العام، على سبيل المثال، وعند تراكم الثلوج في ضهر البيدر لجأت الوزارة الى نثر 15 - 20 طناً من الملح.
لا يختلف لبنان عن الكثير من البلدان في العالم التي تستعمل الملح ومثال على ذلك كندا وشمال شرق الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وشمال أوروبا... الخ . ففي فرنسا استُعمل في سنة 2010 مليونا طن من الملح والمانيا 3.5 مليون طن وفي كندا 5 ملايين اما في الولايات المتحدة ما بين 10 الى 20 مليون طن.

التأثير على المياه الجوفية

ومع ضرورة استعمال الملح في الاماكن النائية الا ان الاضرار الجانبية على البيئة عديدة وتثير جدلاً واسعاً بين معارض ومؤيد. فقد أكدت دراسات عدة ان هذا الملح مصدر لتلوث المياه الجوفية والسطحية ويسبب ضرراً على الاشجار والطرقات والمركبات. كذلك فإن المياه المالحة تشكل سيولاً تجلب معها كل ملوثات الطرقات من المعادن الثقيلة والمواد الصلبة وكوكتيل من المواد الكيميائية (بقايا من مكابح السيارات، ومشتقات نفطية...).
تثبت دراسات التنوع البيولوجي للمياه العذبة بأن ارتفاع معدلات الملوحة في المياه تترك تأثيرات غاية في السلبية على الكثير من الأنواع الحساسة التي لا تتحمل إلا نسبة محددة من الملح؛ كالأسماك او الضفادع او الطحالب المائية. كما تشير الدراسات الى ارتفاع تراكيز الأسيد في المياه خلال التفاعل الكيميائي ما بين الملح والماء اذ ان حبيبات الملح (Nacl) عند نثرها في الثلج ينفصل عنصر Na والـ cl وهذا ما يحصل مع الماء H2O فيشكل عنصر H مع الـ Cl المادة الاسيدية الخطرة (HCl) فيذوب في المحيط المائي ويخفض الرقم الهيدروجيني (pH) للمياه الطبيعية.

الصنوبر كضحية

في هذا الصدد تعلو صرخات حماة البيئة ويدعون الى التحفظ في استخدام هذا الملح، ففي مقاطعة ويستفانيا في شمال المانيا يحذر "ديرك يانزل" المعني بحماية البيئة من الآثار السلبية للملح إذ إنه يضر بالاشجار ويهاجم جذورها وإن هذه الآثار لا تظهر الا بعد حلول فصل الربيع، حيث ان جذورها تصبح غير قادرة على امتصاص ما يكفي الاشجار من ماء وغذاء مما يؤدي الى جفافها. وهذا التأثير يضرب الاشجار القريبة من الطرق بينما الاشجار البعيدة (من 3 - 4 أمتار) فيكون تأثرها أقل. مثال آخر على التأثير السلبي على اشجار الصنوبر: فالاوراق تبدو شاحبة عندما تتعدى نسبة الكلور الى 3 بالمئة في اول متر على جانب الطريق بينما لا تتعدى النسبة ٠0،2 الى 1،5 بالمئة على بعد 5 امتار.
هذا مع العلم انه اكتشفت في بعض المسطحات المائية نباتات لا تعيش في الاصل الا بالقرب من البحار ( في نهر الليطاني وبحيرة القرعون تتواجد انواع من المشطورات معروفة بتواجدها في المياه القاسية).

السيارات يضربها الصدأ

اما في السويد فهناك استياء عام من قبل سائقي السيارات بسبب الاستعمال المفرط للملح ووقعوا على عرائض اعتراضية على استخدامه على الطرقات معللين اعتراضهم بأن الملح يؤذي البيئة والسيارات إذ إن الوحل الثلجي القذر يصعّب على السائق تحديد نوعية الطريق ومدى نسبة التزحلق عليه مما يخدع السائقين فتبدو سلسة مثل أيام الصيف بالاضافة إلى انه يسبب الصدأ للسيارات.

بدائل غير مثالية

لأجل تحقيق هدف اذابة الجليد مع الحفاظ على البيئة تبين دراسات حديثة أن منع استخدام الملح بشكل قاطع هو شبه مستحيل. ويقول البعض إن في الإمكان استعماله ولكن بشكل علمي وغير مفرط، مع العلم أن هناك بدائل عديدة تستعمل حالياً، لكنها ليست مثالية:
- نثر حصوات ورمال وفتات الغرانيت على الطرق بدلاً من الملح. هذه الطريقة لا تذوب الملح بل تجعل الطريق أكثر سلاسة ويمكن أن تكون مفيدة في المناطق الجبلية حيث تتدنى الحرارة لفترة طويلة.
- كلوريدرات الكالسيوم له خصائص قريبة من الملح، لكنه لا يصبح فعالاً إلا بتأثير حرارة متدنية جداً (أقل من 60 درجة).
- ومن الحلول البيئية استعمال نشارة الخشب التي تدمج مع الملح ولكنه ذو فعالية محدودة.
الاكتشاف الحديث الذي يحتوي على استات الكالسيوم لا يزال تحت التجربة وأثبت فعاليته بعدما استعمل على مساحة محدودة في مدينة غرونوبل الفرنسية إذ إنه يذوب الجليد ويتمتع بالخسف الحيوي biodegradable كما أنه لا يؤذي البيئة المائية من مياه جوفية وكائنات حية. فتركيبة هذا الملح (الرقم الهيدروجيني 7) لا يسبّب تآكل المعادن ولا يتفاعل مع الإسمنت فيحافظ على المنشآت المدنية. وينتظر هذا العام استعماله على نطاق واسع للتأكد من كونه "ملحاً أخضر" بنتيجة صفر بالمئة تلوث. ولكن مع الإشارة إلى أن سعره سيكون مرتفعاً أكثر من ثلاثة أضعاف أسعار الملح في أقل تقدير.

مخاطر وبدائل إضافية

بحسب الدكتور عماد محفوظ، يُضاف إلى الملح المستخدم على الطرق عادة مادة ضد التكتل وهي مادة السوديوم فرو سيونايد (زرنيخ) وهي مادة سامة جداً اذا تمّ استخدامها بكميات كبيرة فتؤدي الى تسمّم الحيوانات والنباتات والمياه الجوفية. كما يتكوّن الملح من مواد السوديوم والكلورايد. وهذه المادة الأخيرة تعتبر من المواد المسبّبة بتآكل طبقة الأوزون وزيادة حرارة الأرض والتسبّب بتغير المناخ. كما أن مادة الفلورين الموجودة في الطبيعة هي التي تحمل هذه المواد إلى طبقة الأوزون؟
كما ينصح محفوظ بعدم استسهال استخدام مادة الملح في أي مكان من أجل محاربة الجليد، واستخدامه فقط عند الضرورة وفي الأماكن الحساسة، أي قرب المستشفيات او المدارس. والتفتيش عن بدائل الملح كمثل إضافة بعض الرمول في الأماكن الحساسة وبقايا عصارة الشمندر والمواد التي لا تحتوي على مادة الفلورين. في حين كان بعض البيئيين قد اقترح منذ أعوام تطبيق المثل الشعبي القديم القائل "بكانون الأصمّ قعود ببيتك وانطمّ". بمعنى الطلب من الناس، لا سيما سكان الأماكن الجبلية، بعدم التجوّل على الطرقات إلا بعد أن تطالها أشعة الشمس التي تقوم بشكل طبيعي بتفكيك الجليد، بكل بساطة، دون الحاجة إلى أية مواد.

عن "السفير" اللبنانية
بقلم كمال سليم

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن