هل تؤدي المفاعلات النووية إلى تراجع نسب ولادة الفتيات؟

Ghadi news

Tuesday, June 5, 2012


"غدي نيوز"

كشفت دراسة حديثة عن وجود تراجع في ولادة الفتيات في المناطق المجاورة لمحطات توليد الطاقة النووية، كما أن الأطفال في هذه المناطق أكثر تعرضا للإصابة بمرض سرطان الدم. فما مدى صحة هذه الدراسة وما هي تفسيراتها؟
توفي الطفل "رافاييل روتر" الذي يبلغ من العمر ثلاثة سنوات فقط، بعد مرضه بسرطان الدم. وكان رافاييل يسكن مع عائلته على بعد أربعة كيلومترات فقط من محطة توليد الطاقة النووية "Grundremmingen" جنوب ألمانيا، وهي أكبر محطة نووية في ألمانيا، قررت الحكومة الألمانية في إطار خطتها لإيقاف توليد الطاقة النووية إغلاقها سنة 2021.
ولكن السؤال المطروح هو مدى مسؤولية النشاط الإشعاعي لمحطة الطاقة النووية في موت رافاييل؟ وهذا ما لم يتم إثباته بعد، بالرغم من أن عدداً من الدراسات والأبحاث أوضحت أن الأطفال القاطنين قرب محطات توليد الطاقة النووية أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من بقية السكان بنسبة الضعف. لكن علاقة الإشعاع النووي والإصابة بمرض سرطان الدم ليست اكتشافا جديدا، أما الجديد هو ما اكتشفه باحثون في مجال الصحة والبيئة  في مركز "هيلمهولتس" في مدينة ميونيخ، حيث يعتقدون أن هناك علاقة بين السكن قرب المحطات النووية وجنس المواليد في هذه المناطق. واعتمدوا في أبحاثهم هذه على سجلات المواليد في هذه المناطق فاكتشفوا أن نسبة ولادات الفتيات تراجعت بما  يقارب واحد بالمئة، في مساحة تبعد بحوالي  أربعين كيلومترا من المفاعل النووي، مقارنة مع غيرها من المناطق.

الطاقة النووية تتسبب في عدم ولادة عشرين ألف فتاة

الدكتور هاغن شيرب، عالم في الرياضيات البيولوجية يبحث في التطورات الوراثية والجنسية.
وصرح عالم الرياضيات البيولوجية الذي أجرى الدراسة " هاغن شيرب" لموقع DW أن استخدام  الطاقة النووية في ألمانيا وسويسرا أدى إلى عدم ولادة "مابين عشرة آلاف وعشرين ألف فتاة"، لكن ليس هناك إي إثبات إذا ما كانت نسبة المواليد الذكور في هذه المناطق قد ارتفعت بالمقابل.
جدير بالذكر أن علاقة النشاط الإشعاعي بجنس المواليد ليس بالاكتشاف الجديد تماما، فعالم الوراثة  الأميركي "هيرمان يوزيف ميلر" حصل على جائزة نوبل سنة 1946 إثر اكتشافه لهذه العلاقة. وهذه التحولات بين نسب ولادة الأطفال من الجنسين تؤكدها أيضا التغيرات التي عرفتها المناطق المنكوبة في اليابان في بنيتها السكانية بعد الحرب العالمية الثانية وكارثة "تشرنوبيل".
وفي ألمانيا تم اكتشاف أكبر تراجع نسبة في ولادة الفتيات، حسب دراسة شيرب، في ضواحي مخزن "غورليبن" للنفايات النووية ، حيث لوحظ تراجع نسبة في ولادة الفتيات ما بين 1996 و2010 بحوالي ألف فتاة.

إحصائيات مختلفة وأسئلة عالقة

يذكر أن أهم الدراسات العالمية التي أجريت حول علاقة القرب من محطات توليد الطاقة النووية والإصابة بمرض السرطان أجريت سنة 2007 بجامعة ماينز في ألمانيا. وحسب هذه الدراسة التي ركزت على الفترة ما بين 1980 و2003، فإن ما بين 120 و275 طفل أصيبوا بمرض السرطان لأنهم يسكنون قرب محطات لتوليد الطاقة النووية، وتزيد الخطورة بالإصابة عند الأطفال دون خمس سنوات، وخاصة في المساحة المحيطة بالمحطة بحوالي خمسة كيلومترات. وأشرف على هذه الدراسة العالم الفيزيائي "ألفريد كوربلاين" الذي أجرى أبحاثا مماثلة أيضا في فرنسا وبريطانيا وسويسرا. وفي تصريح له لموقع DW أكد كوربلاين أن كل الدراسات تثبت الانعكاسات الصحية الوخيمة للمحطات النووية، خاصة على الأطفال وأضاف:" خطر الإصابة بمرض سرطان الدم عند الأطفال يرتفع بسبب القرب من المحطات النووية."
وبالرغم من كل هذه الأبحاث والدراسات والإحصاءات، تبقى هناك تساؤلات حول مدى صحتها، فالكثير من علماء الإشعاعات لم يستطيعوا إثبات علاقة مباشرة بين  ارتفاع خطورة الإصابة بالسرطان والقرب من المحطات النووية. فحسب تقدير المفوضية الألمانية للحماية من خطر الإشعاعات فإن نسبة الإشعاعات يجب أن تكون أقوى بألف مرة حتى يمكن إثبات هذه العلاقة وتفسيرها.

تغيير المواد المشتعلة قد يكون هو السبب

هذا ما دفع كوربلاين لتعميق أبحاثه، وعندها اكتشف أن عند عملية تغيير المواد المشتعلة تتسرب نسبة كبيرة من المواد الإشعاعية عبر المداخن في مدة قصيرة، وعندما تصادف هذه الإشعاعات أجساما ضعيفة أو في طور النمو مثل الجنين فإن خطورة الإصابة بالسرطان تصبح عالية. وهكذا يفسر كوربلاين ارتفاع عدد المصابين بمرض سرطان الدم في المناطق المجاورة للمفاعلات النووية. الشيء الذي يشاطره أيضا الطبيب والمتخصص في بيولوجيا الإشعاعات، إيدموند ليغفيلدر، الذي يقارن هذه العملية بتأثير شرب الكحول على فئات مختلفة من الناس، حيث أن جرعة من الكحول قد تكون قاتلة بالنسبة للطفل أو الجنيين، في حين ليس لها تأثير سلبي على جسم شخص راشد.
هذا ما دفع جمعية الأطباء العالمية لمنع الحرب النووية "IPPNW" إلى المطالبة  بتشديد إجراءات الحماية من خطر الإشعاعات النووية.
ولا يزال والدا رافاييل وإخوته يعيشون في نفس المنطقة قرب محطة توليد الطاقة النووية، وعليهم تحمل ذلك لبضع سنوات أخرى بالرغم من الخطورة المحتملة على صحتهم.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن