غانم: المشكلة في طبقة سياسية تريد الاستئثار بثروات البلد

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Monday, November 30, 2015

fiogf49gjkf0d

''غدي نيوز''

تستمر أزمة النفايات للشهر الرابع على التوالي، ما يبقي لبنان واللبنانيين في دائرة الأخطار، خصوصا وأن الأزمة باتت بنتائجها الكارثية تطاول كافة مقومات الحياة، من المياه إلى التربة والهواء والغذاء، فيما الحكومة عاجزة، ومكبلة، لأسباب وعتبارات كثيرة، يبقى أهمها أن الطبقة السياسية أرادت الاستثمار في "ذهب" النفايات، ولم يتوانَ مسؤولون عن الدخول في "بازار" الاستثمارات، وتأسيس شركات والتقدم بعروض رافقتها فضائح كانت كفيلة بإلغائها، تحت وطأة الرفض الشعبي.

لقد أخذت الأزمة مسارات عدة، من استقالة وزير البيئة من اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء معالجة أزمة النفايات، وتسلم وزير الزراعة أكرم شهيب إدارة هذا الملف، وما نجم عنها من خطة لم تجد طريقها لأسباب واعتبارات كثيرة، وصولا إلى تبني (القرار – الفضيحة)، أي المتمثل بترحيل النفايات، وهو قرار غير منطقي ويخضع لشروط "اتفاقية بازل" في مجال تصدير النفايات، وإذا كانت ثمة دول تستورد النفايات فذلك يعني أنها ذات قيمة، فيما نحن نؤثر عدم إدارة ملف النفايات عبر الإدارة المتكاملة، حتى أن من يروجون للمحارق (ضهور الشوير) نموذجا، يغيبون أهمية وضرور استرداد ما يمكن تدويره، فضلا عن أن المحارق خاضعة لشروط وقوانين صارمة دوليا، ورغم ذلك بدأت بعض الدول تبني سياسات للتخلص من المحارق.

حيال هذا الملف الشديد التعقيد، كان لموقع "ليبانون ديبايت" هذا الحوار مع رئيس "جمعية غدي" فادي غانم في سبيل الاطلال على هذا الملف بنظرة شاملة وتعريف القارئ بتفاصيل ليكون على بينة مما يجري في كواليس السياسة.

بداية، أطلقتم مشروع فرز النفايات في المدارس من أجل إقراره مادة أساسية في البرامج التربوية كجزء من حل لأزمة النفايات، أين أصبح هذا المشروع؟

-تعلمون أن الأولوية الآن على مستوى الحكومة هي لإيجاد حل لأزمة النفايات المتفاقمة، ولكن قدمنا إسهاما عبر هذا المشروع، علما أننا كنا قد قمنا بإعداده بالتعاون مع وزارة البيئة قبل خمس عشرة سنة، ويهدف الى انشاء مشاتل زراعية في المدراس وتعميم التربية البيئية، فمنذ العام 2000 بدأنا فرز النفايات المدرسية عبر برنامج أطلقناه بعنوان Green Teacher Green School Green Student، لكن واجهتنا صعوبات، وكان هناك تعاون بيننا وبين (سوكلين) التي كانت تأتي إلى المدرسة وتأخذ النفايات المفروزة، ولكن ذلك لم يستمر فترة طويلة بسبب أن الكميات قليلة وتترتب عليها كلفة كبيرة، ولكننا لم نتوقف عن الفرز، فكنا نجمع النفايات ونأخذ الزجاج والكرتون إلى مصنعين، لكن تبين لنا أن كلفة النقل أكبر من ثمن النفايات المستعادة والقابلة لإعادة التدوير، وقد أعلنا قبل نحو شهر إعادة إطلاق مشروع فرز النفايات، وهذه المرة، وللأسف تحت وطأة الكارثة المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر، ونحن مقبلون على ما هو أسوأ مع الأمطار، فضلا عن أن النفايات مكدسة أمام المدارس، وبعضها تحول إلى محارق تطلق دخانها ويصل إلى داخل الصفوف.

هل كنتم من المؤيدين لخطة الوزير شهيب؟

-هذا الخطة أقرها مجلس الوزراء تحت عنوان: "اقتراحات حلول للانتقال من الأزمة إلى إدارة مستدامة"، وتضمّنت توجهات عامة للحلول المقترحة والإجراءات التنفيذية والإرشادات الفنية لتجهيز المواقع لاستقبال النفايات الصلبة ومسودة مشروع لتأهيل مكب برج حمود والإجراءات التي ستتخذ في مطمر الناعمة خلال المرحلة الانتقالية، ولكن دون تحديد آليات واضحة، خصوصا وأن المشكلة الأكبر تبقى متمثلة بالنفايات العضوية، (نحو 60 بالمئة من حجم النفايات)، ما يعني أننا سنكون أمام نماذج مشابهة لمطمر الناعمة في المرحلة الانتقالية، وقد وصفها شهيب بأنها "غير بيئية"، فيما المشكلة الأكبر تبقى متمثلة في عدم الثقة بالمرحلة المستدامة، أي بعد استكمال المرحلة الانتقالية على عيوبها، وكانت لدينا هواجس حيال تأهيل المطامر المقترحة، فمن يضمن ألا يتحول المؤقت إلى دائم؟ وهنا، تطل إشكالية قانونية متعلقة باستصدار المراسيم التشريعية لإصلاح الخطط والإدارات البيئية، فضلا عن أننا كنا نعلم مسبقا أن المطامر لن تكون جاهزة من الناحية التقنية، وستجهز في الوقت الضائع، وستكون عبارة عن مكبات، فيما لم يتم التطرق إلى معالجة النفايات المنتجة يومياً، إضافة إلى أن ليس ثمة ضمانات تبدد المخاوف من استعادة نموذح مطمر الناعمة لجهة الإدارة وحسن التنفيذ في المرحلة الإنتقالية (18 شهراً)، ولكن كنا في الوقت عينه ندرك أن المشكلة الأكبر أن لا بديل لخطة شهيب، وهي كانت أفضل الممكن في تلك الفترة، إذا ما أخذنا في الاعتبار اقتراب موسم الشتاء، ولكن الآن هذه الخطة تخطاها الزمن، وهي لم تعد قابلة للتطبيق.

الوزير شهيب وجه أصابع الاتهام الى بعض القوى التي ضعت العراقيل أمام تنفيذ خطته، ما هو رأيكم؟

-المشكلة التي لم يتنبه لها الوزير شهيب أنه كان مع كثيرين من المسؤولين يتوقع تمرير المطامر كصفقات مع قوى سياسية نافذة في هذه المنطقة أو تلك، مع تقديم حوافز مالية مغرية، إلا أن هواجس الناس كانت أكبر، حتى أن السياسيين الذين قرروا المساومة في لحظة ما (عكار نموذجا)، تراجعوا وراحوا يزايدون في رفضهم للمطامر، كي لا يفقدوا ثقة الناس بهم، لان ثمة مصالح، والناس في عرفهم مجرد أرقام في قوائم الناخبين، وليس ثمة بينهم من هو على استعداد لتبديد هذا الرصيد، ومن ثم من يضمن للناس أن تكون المطامر مستوفية للشروط الصحية في بلد الفوضى والصفقات؟ وهل يمكن للناس أن تسلم مسبقا بما اكتوت وتكتوي به من تجارب ليس ثمة فيها ما هو ناجح؟ نقدر جهود الوزير شهيب، ولا ننتقص من تعبه وسهره في بلورة مشروع وخطة للخروج من أزمة وكارثة، لكن ثمة حقائق استوجبت توضيحا، وهي نتاج سوء الإدارة وفساد السلطة، وهذه حقيقة عبر عنها شهيب جهارا.


هل أنتم مع خيار المحارق؟

لا بد من التأكيد أن المحارق هي مصدر هام للانبعاثات الملوثة عالية الخطورة على البيئة، وعالية السمية على الصحة البشرية. وهذا ما تؤكد عليه كل الاتفاقيات الدولية، التي تهتم بالتلوث الكيميائي للبيئة بأكثر الملوثات تهديدا للبيئة والصحة البشرية، ونذكر منها اتفاقية "ستوكهولم" بشأن الملوثات العضوية الثابتة، واتفاقية "ميناماتا" بشأن الزئبق، والنهج الاستراتيجي بشأن الإدارة الدولية للكيماويات، حيث تشير كلها إلى أن محارق النفايات، هي واحدة من أكبر وأخطر مصادر التلوث بالغازات والجسيمات الصغيرة ومتناهية الصغر، التي تحمل أخطر التهديدات على الصحة العامة ولأجيال متتالية. وهي من أكبر مصادر التلوث بالمركبات العطرية متعددة الحلقات، وبالديوكسين والفوران والمركبات البرومية والفليورية والمعادن الثقيلة، بما فيها الزئبق والرصاص والكادميوم، والجسيمات متناهية الصغر، وهي تعتبر، وفق التصنيفات العالمية، أكثر الملوثات خطورة وتهديدا للبيئة وتهديدا للصحة العامة، إذ أنها تسبب ليس تسممات مزمنة وأمراضا قاتلة، وتخريبا خطيرا لأجهزة الجسم الهرمونية والدموية والعصبية فحسب، بل تهدد أيضا الأجيال التي لم تولد بعد، من خلال تخريب في الأجهزة والوظائف الهرمونية والتناسلية والإنجابية لدى الآباء والأمهات، كما أن المحارق الصغيرة ليست مجهزة بأي جهاز للتخفيف من الملوثات التي تبثها في الهواء الجوي. فهي ليست مجهزة بالفلاتر، ولا بأبراج الغسيل، ولا بالمحفزات، ولا بالتجهيزات اللاقطة. وسوف تنتج كمية من الرماد المتطاير، وهو نفاية خطرة وفق اتفاقية "بازل" بشأن النفايات الخطرة، تنتشر في الجو على شكل جسيمات متناهية الصغر، غير مرئية بالعين المجردة، وتحتاج لمراقبتها وأخذ العينات منها وفحصها، إلى تجهيزات معقدة ومختبرات غير متوفرة في لبنان، والجهاز البشري المتخصص بالقيام بمثل هذه الرقابة والرصد غير متوفر أيضا في كل لبنان. وسوف تنتج أيضا كمية هامة من الرماد المتبقي، يصنف نفايات خطرة لاحتوائه على مستويات عالية من المعادن الثقيلة والترسبات الكيميائية السامة، تفترض معالجتها والتخلص منها في منشآت متخصصة بمعالجة واستقبال النفايات الخطرة، ومنشآت من هذا القبيل غير موجودة في لبنان. وإذا ما تم التخلص منها بطرق غير سليمة، تشكل مصدرا خطيرا لتلوث البيئة وتهديدا إضافيا للصحة العامة. ولذلك نحن ضد المحارق.

إذا كنتم ضد المطامر والمحارق، فكيف يمكن الخروج من الأزمة؟

برأينا أن المطلوب هو أن تتخلى الحكومة عن التمسك بواحد من خياري "الطمر" أو "الحرق" أو بهما معا، واعتماد الادارة المتكاملة للنفايات. ونعني بالإدارة المتكاملة نظاما متكاملا من عدة حلقات مترابطة، تشكل مجتمعة الاستراتيجية البيئية السليمة والآمنة صحيا. وحلقات هذه الإدارة المتكاملة: التخفيف من كميات النفايات المتولدة، بمواكبة خطة للتوعية ووضع تشريعات مناسبة وآليات تحفيز ولجم مالية وضرائبية تخدم هذا الهدف. الفرز من المصدر بحيث يتم فصل المكونات العضوية عن غيرها من المكونات. اعتماد نظام ووسائل نقل متناسبة مع خصائص المكونات المفروزة، ويلغي كليا استعمال الشاحنات التي تضغط النفايات. إنشاء مراكز للفرز الآلي، وعدم الاكتفاء بالفرز اليدوي غير الفعال، ومعالجة المكونات العضوية عبر التسبيخ لانتاج الكومبوست، أو معالجته بطرق أخرى عبر الهضم اللاهوائي لتوليد البيوغاز من أجل إنتاج الطاقة.

نعرف أنه تربطكم صداقة مع وزير البيئة، كيف تواصلتم وهل وضعتم أمامه تصوركم لحل الأزمة؟

كان هناك تواصل بالتأكيد، لكن هنا لا بد من الإشارة إلى أن الأزمة الآن هي نتاج تراكمات ترقى إلى 18 عاما، ومن الظلم تحميل تبعاتها لمعالي الوزير الصديق محمد المشنوق، ولكن ثمة مسؤولية يتحملها منذ تسلمه مقاليد وزارة البيئة، أي الفترة التي كان يتابع خلالها هذا الملف، ورغم ذلك لا نحمله تبعات الواقع القائم، لأن الفساد على مستوى السلطة مستشرٍ، وهو شكّل العائق منذ سنوات طويلة دون تأمين حلول مستدامة لمشكلة النفايات، وحيال هذا الواقع لا يمكن لوزير آخر أن يعالج هذا الملف، فالمشكلة أكبر من وزارة البيئة وهي متمثلة في طبقة سياسية تريد الاستئثار بثروات البلد ونهب خيراته، وتمرير صفقاتها.

هل ثمة كلمة أخيرة؟

-تبقى الإشارة إلى أنه في ظل هذا الواقع وما آلت إليه هذه الأزمة ونحن نعيش فصولها الكارثية، ثمة سؤال يتبادر إلينا، وخصوصا في هذا اليوم مع انطلاق مؤتمر باريس للمناخ COP21، حول مشاركة الوفد اللبناني في هذا المؤتمر، فهل يريد تعميم النموذج اللبناني في ملف إدارة النفايات؟ للأسف هذا هو حالنا، بعد أن أظهرنا للعالم أننا نمثل نموذجا للدولة العاجزة، ومن ثم أين لبنان من مجاراة الدول النامية والفقيرة في مجال الطاقة المتجددة وهو لم يتمكن الآن من إطلاق مشروع واحد لا بل عطل وما يزال بعض المشاريع الخاصة بالرغم من أنه تم تشكيل لجنة حكومية قبل ستة أشهر لاجراء مناقصات بالنسبة لمشروع طاقة الرياح في عكار؟ وكيف سيفي لبنان بما قدم من تعهدات في مجال تخفيض الانبعاثات فيما دخان عوادم السيارات يقتلنا ببطء وكذلك معامل الاسمنت والكهرباء ولا سيما في الجية والزوق؟ وماذا عن حرق النفايات مع وجود مئات المكبات العشوائية؟
للأسف هذا هو حالنا، لكن ذلك لن يمنعنا كمجتمع أهلي وجمعيات بيئية من إعلاء الصوت ومناشدة الجهات المعنية لوقف حرق النفايات كأولوية لا تقبل التأجيل، بحيث يحاصر الدخان المشبع بالملوثات الخطيرة الأحياء السكنية والمدارس، هذا على الرغم من صدور قرار واضح في هذا المجال من وزارة الصحة طلبت فيه من وزارة الداخلية منع حرق النفايات وملاحقة المرتكبين، قبل ثلاثة أيام، إلا أن أحدا لم يتحرك إلى الآن، علما أن النفايات تمثل خطرا آنيا يتمثل في الأمراض الناجمة عن البكتيريا والفيروسات وانتشار القوارض والحشرات الناقلة لها، وخطرا أكبر لن تظهر نتائجه إلا بعد سنوات بسبب الملوثات الخطيرة الناجمة عن الحرق وأخطرها "الديوكسين" وغيره من الملوثات المسرطنة. ونقول أكثر إذا كانت هذه السلطة غير قادرة على مواجهة الأزمة، فذلك لا يعني أننا سنرضى بالواقع القائم، ومن ثم من سيتحمل الفاتورة الصحية المترتبة عن النفايات في ما تنشر من أمراض وملوثات خطيرة؟

خاص "ليبانون ديبايت"

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن