"غدي نيوز"

مفارقة غريبة أن يتحدى فردٌ واحدٌ العالم بأسره، ضارباً عرض الحائط مقولات العلم وإنجازات العلماء، وما يدعو للاستغراب أكثر أن يكون هذا الفرد رئيسا للولايات المتحدة الأميركية! إذ لم نشهد في تاريخنا الإنساني الحديث والمعاصر مسؤولا وقف ضد العلم، ولم نشهد أيضا تحركات واسعة لعلماء من مختلف أنحاء العالم غادروا مختبرات أبحاثهم وساروا في مظاهرات منددة بسياسة رئيس الولايات المتحدة.

إنه زمن المفارقات الكبرى!

ويبدو، إذا ما تتبعنا مسار التطورات السياسية الأخيرة من مؤتمر بون للمناخ قبل نحو أسبوعين، واجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى الذي اختتم أعماله قبل يومين، أن الرئيس دونالد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بات قاب قوسين أو أدنى من إعلان انسحاب بلاده من "اتفاقية باريس" للتغير المناخي، وكان ترامب قد غرد على "تويتر" قائلا إنه سيتخذ قرارا قريبا بهذا الشأن، فيما أسر لمقربين منه في وقت لاحق بأنه يعتزم إعلان انسحاب بلاده من هذه الاتفاقية.

وهذا ما أكدته أيضا مؤسسة "إكسيوس" الإخبارية التي نقلت بدورها عن مصادر مطلعة، أن ترامب أبلغ رئيس وكالة حماية البيئة سكوت برويت أنه يعتزم الانسحاب من اتفاقية باريس.

ومع تكتم البيت الأبيض وعدم التعليق على ما سُرب من أخبار، أشارت "رويترز" إلى أنه من المزمع عقد اجتماعين مع الرؤساء التنفيذيين لشركات الطاقة وكبريات الشركات وآخرين بشأن اتفاقية المناخ، قبل إعلان ترامب المتوقع في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

وكان ترامب قد وصف سابقا - خلال حملته الإنتخابية وبعد وصوله إلى البيت الأبيض - الاحتباس الحراري العالمي بأنه "خدعة صينية"، وخلال قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في جزيرة صقلية الإيطالية رفض ترامب الاستجابة لضغوط من حلفاء لبلاده لدعم الاتفاقية الموقعة في 2015. واختتمت القمة، وسط خلافات بين الولايات المتحدة والدول الأخرى بشأن قضيتي تغير المناخ والهجرة.

في المقابل، أبدت أوروبا صلابة في موقفها، ودعمها لاتفاق باريس، في إشارة إلى أن معركة مواجهة تغير المناخ مستمرة، حتى ولو انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق المناخ، الذي دعمته نحو 190 دولة في العالم.

وفي حال انسحاب الولايات المتحدة رسميا من الاتفاق، لن يواجه ترامب العالم بأسره فحسب، وإنما سيواجه أيضا الشعب الأميركي بسائر مكوناته الحية، لا سيما وأن أميركا لن تكون في منأى عن تبعات تغير المناخ، فيما بعض مدنها مهددة بالغرق نتيجة ذوبان الجليد القطبي، وكل ذلك يفضي إلى أن ترامب مصر على المغامرة بمصير العالم!