معركة المناخ أسقطت الديموقراطية الأميركية!

Ghadi news

Monday, June 12, 2017

معركة المناخ أسقطت الديموقراطية الأميركية!

"غدي نيوز"

 

أنور عقل ضو -

 

في مقاربة لمواقف الولايات المتحدة الأميركية الأخيرة حيال قضية المناخ، يبدو واضحا الارتباك وغياب الرؤية، فوسط المواقف الرسمية المتناقضة بين دعم المناخ من عدمه، يبدو المشهد سورياليا، أو أشبه بكوميديا سوداء، فإلى أي دركٍ انحدرت أميركا، إحدى أعظم دول العالم؟!

معركة المناخ مستمرة ولن تتوقف، بغض النظر عن موقف الولايات المتحدة، وهي معركة ستشهد فصولا أقسى وأصعب وأعتى، ولن تكون الغلبة بالتأكيد لمن يدحض مقولات العلم، قَصُرَ الوقتُ أم طال، والخيارات المجنونة لن تكون إلا بمثابة مواجهة وحدانية مع العلم والعالم، مع المنطق ونقيضه، حتى ولو تزينت بديموقراطية شوهاء مهدت للرئيس دونالد ترامب الطريق إلى البيت الأبيض، وطرحت إشكاليات حيال النظم الديموقراطية في العالم، خصوصا بعد فوز ترامب وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بمعنى أن الديموقراطية بحاجة لمن يرفدها بمعايير جديدة خلاقة، وبحاجة لتطوير، ولآليات لا تُبقي الرأي العام أسير احتياجاته الآنية، كوعود الرفاهية الزائفة، ولو حساب المناخ.

 

ثقافة الاستهلاك

 

لا يعلم من انتخبوا ترامب أن الاعتماد على الطاقة الأحفورية والاستغلال المفرط لموارد الأرض لا يجلب للشعب الأميركي السعادة الموهومة، وإنما يجلب مزيدا من الكوارث والأمراض، وأن استخدام الفحم والنفط سيزيد من نسب تلوث الهواء، وأن الرفاهية الموعودة لن تكون إلا مقدمة لمعاناة لن تقتصر على الصحة فحسب، وإنما سيتحمل تبعاتها الشعب الأميركي من ماله ومدخراته وأملاكه جراء الأعاصير وموجات الجفاف وغيرها من ظواهر المناخ المتطرفة، وقد بدأت تضرب بقوة منذ تسعينيات القرن الماضي.

لقد سطّحت ثقافة الاستهلاك المجتمع الأميركي خصوصا، وتأكد أن النظم الرأسمالية المتفلتة من القيود، لم تكن سوى خرافة فرضها الرأسمال الجشع تحت مسمى اقتصاد السوق الحر Free Market Economy، ولا بد أن تسقط في المدى المنظور فكرة الاقتصاد الحر القائم أساسا على عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه.

 

نظم اقتصادية أكثر إنسانية

 

وفي الجهة المقابلة سقطت أيضا تجربة الاقتصاد الموجه التي تعتمد على التخطيط الاقتصادي المركزي من قبل الدولة أو الحكومة (الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية سابقا)، وهذا يعني أن العالم بحاجة إلى نظم اقتصادية أكثر إنسانية، وأي نظام اقتصادي لا يحترم البيئة ويتخطى قوانينها مآله الزوال.

لا يمكن بعد الآن أن يحقق أي نظام اقتصادي نجاحا وتطورا ثابتا دون لحظ قضية المناخ أولا، أي نظام اقتصادي يحترم المعايير الإنسانية والأخلاقية حيال مستقبل الكوكب، وهذا لا يمكن تحقيقه بالاستناد إلى ما يسوقه البنك الدولي من طروحات تعتمد حلولا نيوليبرالية، توفر القوة أكثر لمن يتحكمون بثروات العالم.

 

مصداقية الولايات المتحدة

 

       لقد خسرت الولايات المتحدة مصداقيتها الدولية، لا بل أبعد من ذلك، فقد أسقطت معركة المناخ الديموقراطية الأميركية، وما تعيشه اليوم من تصدع في بنيانها السياسي، أفضى إلى إرباكها، وإلا كيف نفسر تأييد الولايات المتحدة للدعوة العالمية من أجل القيام بتحرك في الأمم المتحدة للحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية، في حين أنها ما تزال أسيرة خطة الرئيس ترامب الرامية إلى الانسحاب من معاهدة لمكافحة تغير المناخ؟!     

 

 

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن