البيئة ضحية الفساد!

Ghadi news

Sunday, July 9, 2017

البيئة ضحية الفساد!

أنور عقل ضو

 

غالباً ما نلقي بتبعات الفساد على الدولة بسائر وزاراتها ومؤسساتها ودوائرها ومكاتبها الإدارية، وهي بالتأكيد معنية وليس ثمة ما يؤنب ضمائرنا ونحن نصوب على مواطِن الفساد، وقد غدت سمة من سمات النظام القائم على المحاصصة بدءاً من تعيين حاجب في وزارة ومؤسسة رسمية وصولا إلى مشاريع كبرى تقدر بملايين ومليارات الدولارات.

وبالرغم من أن ثمة محاولات قائمة لتطويق الفساد، إلا أنها تصطدم بمعوقات كبيرة، عندما نعلم أن ثمة من هم أكبر من الدولة بقوة نفوذهم وما يملكون من مقدرات تمكنهم من الالتفاف على القوانين بطرق باتوا ضليعين بها، بالتهديد حينا وتقديم الرشى أحيانا أخرى.

لقد نخرت "سوسة" الفساد بنية النظام السياسي، فالتحاصص على سبيل المثال يلغي مفهوم العدالة وأن الناس متساوون في الفرص، فالتحاصص غالبا ما يبعدُ ويقصي الأكفأ علماً وخبرة لصالح الأكثر تبعية لزعيم العشيرة والطائفة، فضلاً عن أن اقتسام الطوائف للمواقع السياسية والإدارية والأمنية والقضائية فيه افتئات يطاول أصحاب الكفاءة من كل الطوائف والمذاهب.

       لسنا في وارد الإطلال على الممارسات والارتكابات في هذا المجال وعلى مستوى الأداء السياسي العام، إلا بما هو على صلة بالواقع البيئي في لبنان، وما نواجه من تبعات تطاول كل مرافق الحياة، وتهدد حاضرنا والمستقبل، فالبيئة ضحية الفساد عينه، في كل القطاعات والمرافق، وإذا ما نظرنا إلى ما آلت إليه الأمور في السنوات العشرين الماضية، نجد أن لبنان يواجه خطر التصحر، ويفتقر اللبنانيون إلى الحد الأدنى من الحماية، مع تلوث الهواء وتحول قراهم إلى مكبات للنفايات ومحارق تبث السموم في كل اتجاه، لا مياه صالحة للشرب بما فيها الأكثر "أمانا"، أي المعالجة بكميات تفوق المسموح به من مادة "الكلور"، وغالبية اللبنانيين يشترون مياه الشفة المعبأة، أو يقصدون الينابيع المرتفعة للحصول على مياه نظيفة.

       ولا يقتصر الأمر على قطاع المياه فحسب، فلبنان حتى الآن خارج دائرة الأمان على مستوى الصرف الصحي، والأرقام تشير إلى أن أكثر من 80 بالمئة من ينابيعنا ملوثة، وكذلك الأمر بالنسبة لمجاري الأنهر والسواقي، أما البحر فغدا مناطق موبوءة بالصرف الصحي، وبالنفايات مؤخرا، مع ردم البحر لصالح إنشاء مطامر "صحية"، في برج حمود والجديدة والكوستابرافا في الشويفات، هذا فضلا عن مشاريع السدود السطحية وفوضى المقالع والكسارات والمرامل وقطاع النفايات ومشاريع مشبوهة يجري تسويقها في الغرف السوداء!

       تنتظرنا تحديات كبيرة، لتصويب مسارات تشوبها الكثير من التساؤلات، وتفوح منها روائح الصفقات والسرقات، ونعول في هذا المجال على من ينظرون إلى البيئة كقضية مقدسة، ونعرف أنهم كثر، إلا أنهم مقصيّون حتى الآن عن مواقع القرار.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن