أخلاقيات التدخل في النظم البيئية والتخصيب التجاري للمحيطات

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Monday, July 10, 2017

مشروع زيادة العوالق البحرية في تشيلي يثير الجدل بين العلماء

"غدي نيوز" – مروة هلال

 

ندد خبراء العلوم البحرية من مؤسسة "أوشينيوس للبحوث البحرية في فانكوفر" The Oceaneos Marine Research Foundation of Vancouver في كندا بمقترح مقدم لإلقاء أطنان من الحديد في المحيط الهادئ، بغرض تحفيز نمو العوالق النباتية البحرية، التي تمثل أساس الشبكة الغذائية، وقد صرحت المجموعة - غير الهادفة للربح التي أعدت هذه الخطة - بأنها تهدف إلى إنعاش المزارع السمكية في تشيلي. وقد كانت هذه المجموعة نفسها لها يد في مشروع أثار جدلا في كندا خلال عام 2012، تم اتهامه بخرق قرار دولي بوقف التخصيب التجاري للمحيطات.

وأشارت المؤسسة إلى أنها تسعى حاليا للحصول على تراخيص من الحكومة التشيلية لإلقاء ما يصل إلى 10 أطنان من جزيئات الحديد، على بعد 130 كيلومترا من ساحل كوكيمبو Coquimbo، مع بداية عام 2018، إلا أن العلماء في تشيلي قلقون، إذ إن المؤسسة منبثقة من شركة تسعى للربح، وهي شركة "أوشينيوس للحلول البيئية في فانكوفر" Oceaneos Environmental Solutions of Vancouver، التي تسعى للحصول على براءات اختراع لتقنيات التخصيب بالحديد. ويشك بعض الباحثين في نوايا المؤسسة بأنها ربما تسعى فقط نحو تحقيق الربح من تجربة غير مدروسة، وتحمل أضرارا محتملة.

هذا ما أثاره الكاتب جيف توليفسون Jeff Tollefson في دورية "نيتشر" Nature العلمية المتخصصة، (لقراءة النص باللغة الانكليزية اليك الرابط: https://www.nature.com/news/iron-dumping-ocean-experiment-sparks-controversy-1.22031)، في تحقيق تناول فيه أخلاقيات التدخل في النظم البيئية، ولا سيما البحرية منها.

 

"سنواصل من دونهم"

 

يقول أوسفالدو أولوا Osvaldo Ulloa، مدير معهد "ميلينيوم لعلم المحيطات" The Millennium Institute of Oceanography في مدينة كونثبثيون Concepción في تشيلي: "هم يزعمون أنه من خلال زيادة العوالق النباتية البحرية، بإمكانهم مساعدة المزارع السمكية على التعافي، لكننا لا نرى أية أدلة تدعم ذلك الزعم".

وفي شهر نيسان (أبريل)، ازدادت حدة التوتر، عندما عرض الباحثون في المعهد مخاوفهم على الرأي العام، ردا على تقارير وسائل الإعلام التشيلية حول المشروع. وبناء على ذلك، طلبت الحكومة المزيد من المعلومات من الأكاديمية التشيلية للعلوم، كما كان من المقرر أن ينظم المعهد في الخامس والعشرين من أيار (مايو) منتدى، يتناول المشروع والبحوث المتصلة به، وذلك في ملتقى خاص بالعلوم البحرية في مدينة فالبارايسو في تشيلي. وكانت مؤسسة "أوشينيوس" - التي رفضت الدعوة للحضور - قد اتهمت العلماء بسوء تصنيف عملها على أنه يخص علم الهندسة الجيولوجية، بدلا من تصنيفه كمحاولة لإعادة إنعاش المحيط.

كما صرح رئيس مؤسسة "أوشينيوس" مايكل ريديجك Michael Riedijk، بأن فريقه يرغب في التعاون مع علماء شيلي، وبأن جميع بيانات التجربة ستكون متاحة للجميع. وتنوي المؤسسة عقد منتداها الخاص لاحقا، لكنْ في حال عدم رغبة العلماء في المشاركة، "سنواصل من دونهم"، كما يقول.

 

تعليق تخصيب المحيطات

 

منذ عام 1990، أجرى الباحثون حول العالم 13 تجربة كبرى حول التخصيب بالحديد في المحيط المفتوح. وكان هدف الجميع هو اختبار ما إذا كان تحفيز نمو العوالق النباتية البحرية يمكنه أن يزيد نسبة ثاني أوكسيد الكربون الذي تسحبه الكائنات من الغلاف الجوي، وتودعه في أعماق المحيط عند موتها، أم لا. ومع ذلك، فقد تبينت صعوبة تحديد كمية الكربون الذي يتم عزله خلال تجارب كهذه، كما أثار العلماء مخاوف تتعلق باحتمالية حدوث آثار عكسية، مثل إزهار الطحالب السامة. وفي عام 2008، فعَّلت اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع الحيوي قرارا بتعليق جميع مشروعات تخصيب المحيطات، باستثناء المشروعات الصغيرة القائمة في المياه الساحلية. وبعد خمسة أعوام، اعتمدت اتفاقية لندن لتلوث المحيطات بعض القواعد لتقييم مثل هذه الدراسات.

ولأن التجربة التي خططت لها مؤسسة "أوشينيوس" سيتم تنفيذها في المياه التشيلية، فإنه يسمح بها وفق هذه القواعد. يقول ريديجك إن المؤسسة سوف تتبع طواعية البروتوكولات الدولية الخاصة بمثل هذه الدراسات، وهو ما يجعل من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيهدئ المخاوف، أم أن المجموعة ربما تسوق لتقنية غير مدروسة، بدلا من تنفيذ بحوث أساسية.

 

تأثيرات عالمية

 

وقد أثارت علاقة مؤسسة "أوشينيوس" بمشروع للتخصيب بالحديد، أُقيم في عام 2012 قبالة ساحل كولومبيا البريطانية في كندا، قلق بعض الباحثين. ففي هذا المشروع، استطاع رجل الأعمال الأميركي روس جورج إقناع إحدى قرى شعب هايدا بالسعي نحو استخدام التخصيب بالحديد، لزيادة أعداد سمك السلمون، مع إمكانية بيع انبعاثات الكربون، بناء على كمية ثاني أوكسيد الكربون التي سيتم عزلها في المحيط. وقد انتشرت أخبار المخطط، بعد قيام منظِّمي المشروع بتفريغ نحو 100 طن من كبريتات الحديد في المحيط المفتوح. وفي الأعوام التي تلت ذلك، لم يشهد العلماء أيّ دليل على نجاح التجربة.

يقول ريديجك إنه انبهر عند قراءته عن تجربة هايدا، التي أُجريت في عام 2013، وقد تواصل مع أحد المنظمين، ويُدعى جيسون مكنامي. شغل مكنامي لاحقا منصب مدير العمليات في شركة "أوشينيوس" للحلول البيئية - التي شارك ريديجك في تأسيسها - قبل أن يغادر الشركة العام الماضي.

ورغم مشكلات مشروع هايدا، يقول ريديجك إن تخصيب المحيط يستحق مزيدا من الأبحاث، ويضيف قائلا: "إذا نجح المشروع فعلا، فلا شك في أنه سيُحْدِث تأثيرات عالمية". ويعقِّب بقوله إنّ شركة "أوشينيوس للحلول البيئية" قد طورَّت مُركَّب حديد، يمكن أن تستهلكه العوالق النباتية البحرية بفعالية، لكنّه رفض الإفصاح عن أي تفاصيل. كما صرح بأنّ المؤسسة تعمل على تطوير وسيلة لتعقُّب حركة الحديد نحو أعلى السلسلة الغذائية، وفي مجموعات السَّمك.

 

تغيير موقع وتوقيت إزهار سريعة النمو

 

وحتى ذلك الحين، يقول العلماء إن الحصول على بيانات يُعتمد عليها من تجربة مؤسسة "أوشينيوس" المخطط لها سيكون صعبا. فجيولوجيا الأرض قبالة ساحل تشيلي، وأنماط التيارات المائية هناك تخلق مزيجا من المياه بمستويات منخفضة، وأخرى مرتفعة من الحديد. ويتحرك سمك "الأنشوفة"، وسمك "الماكريل الحصاني"، وأنواع أخرى من السَّمك البحري بين تلك المناطق.

ومن جانبه، أضاف أدريان مارشيتي، عالم بحار بيولوجي في "جامعة كارولاينا الشمالية" في تشابل هيل، قائلًا إن إضافة الحديد قد تؤدي إلى تغيير موقع وتوقيت إزهار العوالق النباتية البحرية لصالح الأنواع سريعة النمو. يُنتِج واحد من تلك الأنواع، وهو طحلب الدياتوم Pseudo-nitzschia، حمض الدومويك، وهو سُمّ عصبي، يمكنه أن يتسبب في موت الثدييات والطيور.

ويقول مارشيتي إنّ تجربة مؤسسة "أوشينيوس" ستؤدي - في الغالب - إلى زيادة نمو العوالق النباتية في المياه ذات المستويات المنخفضة من الحديد، ويضيف: "لكن لا يعني ذلك أنّ هذا أمر جيد بالنسبة إلى المستويات الأعلى من السلسلة الغذائية".

 

المصادر: "نيتشر" و"غدي نيوز" ووكالات

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن