الدببة الروسية تؤمن مكملات الغذاء من لحاء الأشجار

Ghadi news

Thursday, July 27, 2017

الدببة الروسية تؤمن مكملات الغذاء من لحاء الأشجار

ترجمة وإعداد - سوزان أبو سعيد ضو

      

تبهرنا الطبيعة وتأخذنا إلى ما يثير فينا الدهشة، ويحفز فضولنا لنعرف أكثر عن الكائنات التي تعيش بين ظهرانينا، خصوصا تلك التي تتسم بكثير من الذكاء والفطنة، وهي تجاهد للبقاء والتأقلم والتكيف مع محيطها الحيوي، وتأمين حاجتها من الغذاء والمأوى والأمان.

ما استوقفنا في هذا السياق، صدور دراسة علمية مؤخرا، ونشرت خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي في الدورية العلمية the Biochemistry Research International journal كشف فيها علماء روس من "جامعة الشرق الأقصى الاتحادية" (Far Eastern Federal University (FEFU في مدينة "فلاديفوستوك"   Vladivostok قرب الحدود الصينية الروسية النقاب عن اكتشاف هام، وهو أن الدببة في منطقة بريمورسكيthe Primorsky Region  وجزيرة ساخالين the island of Sakhalin وهي من نوعين: الدب الأسود الآسيوي Asiatic black bear واسمه العلمي Ursus thibetanus، والدب البني Ursus arctos يتغذيان على خشب نوع معين من الأشجار، وفي أوقات محددة من السنة.

وأوضحت الدراسة أن تكوين الانسجة الخشبية يحتوي على العديد من مضادات الأكسدة والبروبيوتيك Probiotics، وهي مجموعة من البكتيريا المفيدة للجهاز الهضمي، ويعتقد الباحثون أنها مكملات غذائية أساسية للحيوانات آكلة اللحوم، وتساعدها على الحفاظ على بكتيريا الأمعاء (microflora) بحالة صحية، وأن هذه الدراسة قد تمهد لأبحاث بهدف ابتكار علاجات من مصادر طبيعية.

 

العلاج الذاتي لدى الحيوانات

 

وعلق كيريل غولوخفاست Kirill Golokhvast، (مؤلف مشارك في الدراسة)، ونائب رئيس "جامعة الشرق الأقصى الاتحادية" للشؤون الأكاديمية، ومساعد باحث في معهد المحيط الهادئ للجغرافيا  the Pacific Institute for Geographyفي الأكاديمية الروسية للعلوم the Russian Academy of Sciences، قائلا: "يلاحظ أصحاب الحيوانات الأليفة بالتأكيد أنه عندما تكون مريضة، فإنها غالبا ما تبحث عن بعض الأعشاب والنباتات وتتناولها، وبعد أيام عدة تتعافى، وقد بدأ الباحثون يدرسون هذا النوع من العلاج الذاتي لدى الحيوانات، لأنه يمكن من خلاله تسليط الضوء على ابتكار عقاقير طبيعية جديدة محتملة، وقد أجرينا دراستنا من خلال استكشاف تركيبة الكاميبيوم - وهو نوع من (نخاع العظام) للأشجار - التي غالبا ما تأكله الدببة، وتبين أن هذا النسيج غني بشكل خاص بمضادات الأكسدة والبروبيوتيك".

وقد لاحظ علماء الحيوان قبل عقود عدة، أن الدببة غالبا ما تعري الأشجار من اللحاء، وتقوم بلحس طبقة الكاميبيوم الرقيقة وهي من الأنسجة التكوينية للنبات، والتي لا تتعدى سماكتها السنتيمتر الواحد والتي تتطور منها كافة الخلايا الأخرى في الشجرة.

ويعتقد بعض العلماء أن الدببة خصوصا تحصل على تغذية إضافية لإمدادها بالطاقة، ومع ذلك، فإن العلماء الروس لا يتفقون مع هذه الفرضية، فالقيمة الغذائية للكامبيوم أقل بكثير من الطاقة اللازمة للحصول عليه.

ولفهم الأسباب الحقيقية وراء هذا السلوك غير العادي من قبل الحيوانات آكلة اللحوم، جمع الباحثون عينات من الأشجار التالفة في منطقة بريمورسكي Primorsky Region وعلى جزيرة ساخالين Primorsky Region، حيث تميل الدببة إلى إزالة اللحاء خصوصا من أشجار "التنوب الشرق سيبيري" East Siberian Fir trees واسمها العلمي Abies nephrolepis، ولهذا السبب، ركزت هذه الدراسة أساسا على هذا النوع من الأشجار.

 

مكملات غذائية

 

وباستخدام مقاييس الطيف الكتلي mass-spectrometry، قام العلماء بتحليل التركيب الكيميائي للكامبيوم الذي حصلوا عليه من الأشجار المتضررة، واكتشفوا أن كافة العينات تحتوي على مجموعة كبيرة ومتنوعة من مختلف مضادات الأكسدة والبروبيوتيك.

 

يمكن مشاهدة نتائج التحليل في الرابط التالي:

https://www.hindawi.com/journals/bri/2017/3020571/tab1/

 

وأشارت الدراسة إلى أنه "من المثير للاهتمام أن الدببة تستهلك طبقة الكامبيوم بشكل متقطع وبصورة غير متكافئة وإلى حد متفاوت في سنوات مختلفة، وأن هذا الأمر لا يحصل في بعض مناطق بريمورسكي"، وفي اليابان، تتلف الأشجار من قبل الدببة في بعض المناطق وفقط في المزارع الاصطناعية، أما في أميركا الشمالية، فإن الدب الأسود يأكل الكامبيوم إنما ليس في كل مكان، ويبدو أن "أسباب اللجوء إلى لحاء الأشجار"، وفقا للدراسة، تحدث لدى الدببة التي تحتاج إلى بعض المواد الهامة للحياة مثل نقص المغذيات المتاحة، في حين أن الدببة التي تتغذى على الكامبيوم عادة، فهي تستهلك بشكل كبير نوعا واحدا فقط من المواد الغذائية (النبات العشبي في بريمورسكي والسلمون على جزيرة ساخالين)، ويمكن أن يكون السبب في عدم وجود بعض المواد الغذائية الهامة في غذائها، هو الذي يحثها للتغذية على الكامبيوم والحصول على هذه المركبات الضرورية.

ودعما لهذه النظرية، فإن أحدث الدراسات أشارت إلى أنه خلال السبات الشتوي لهذه الدببة، فإن التنوع الجرثومي المعوي لدى الدببة ينخفض إلى حد كبير، وعلاوة على ذلك فإن أنواع الجراثيم تتغير بشكل ملحوظ خلال فترات التغذية المتذبذبة، وهذا يعني أن بين فترات التغذية المختلفة تحتاج الدببة إلى استعادة الجراثيم الخاصة بها وتحتاج إلى الهضم الفعال، كما أن وجود مواد مثل الـ galactooligosaccharides (نوع من السكريات)، السليلوز (نوع من الألياف)، اللغنين (نوع من أنسجة النبات)، والـcallose  في طبقة الكامبيوم مناسب جدا لنمو البكتيريا السائدة في فصل الصيف، وهي من نوع Firmicutes  والتي تساعد في عملية الهضم.

 

مقدمة لدراسات أوسع وأشمل

 

كما أن المواد الموجودة في الكامبيوم مهمة جدا لسير العمل العادي للميكروبات المعوية وانتعاشها بعد الاضطرابات الفيزيولوجية المحتملة (السبات الشتوي وتناول نوع واحد من الغذاء مثلا)، وعلى الرغم من أن مصدر هذه المركبات يمكن أن يكون من غذاء آخر، إلا أن الكاميبيوم لا يحتوي بكتيريا مسببة للأمراض، كما أن محتواه من المركبات المطلوبة كبير للغاية، وهذا يفسر حقيقة أنه على الرغم من صعوبة الحصول على الكامبيوم، فإن الدببة تنفق الكثير من الطاقة للحصول عليه.

وقد أدت هذه النتيجة إلى اقتناع الباحثين بفكرة أن الدببة تستخرج من طبقة الكامبيوم البكتيريا والمكملات الغذائية البيولوجية لتحقيق التوازن في أجسامها.

ومن المقرر أن يتابع الباحثون هذه الدراسة، وأشار غولوخفاست "ان هذا البحث ليس هاما فحسب، بل هو مقدمة لدراسات أوسع وأشمل"، وأضاف: "نود الآن أخذ عينات من الكاميبيوم من أشجار أخرى وإجراء بحث مفصل من أجل ابتكار أدوية جديدة".

رابط الدراسة:

https://www.hindawi.com/journals/bri/2017/3020571/

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن