"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

       ما زال مسلسل نفوق السلاحف يتوالى فصولا، والأسباب كثيرة، لكن يبقى أبرزها ما نقترفه من تعديات على البيئة البحرية، غير آبهين بما نتسبب من تدمير وتخريب النظم الإيكولوجية، خصوصا وأن نفوق السلاحف، بغض النظر عن أسبابه، يظل مؤشرا يمكن أن نقيس من خلاله صحة البحر، لا سيما وأن أبرز مسببات النفوق هي تلك المرتبطة بتلويث الشاطىء، ورمي المخلفات البلاستيكية، من أكياس وغيرها، أما الأسباب الأخرى فتكون عرضية ناجمة عن اصطدام المراكب بالسلاحف أو ابتلاعها عن طريق الخطأ لـ "صنارة" صيد، دون أن نسقط احتمالا آخر قد يكون على صلة بمرض ما.

وفي هذا السياق، نقلت صفحة "البحر اللبناني" Sea Lebanon على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" صورتين، أرسلهما ناشط رفض أن يذكر اسمه، لسلحفاة نافقة في مياه شاطئ المارينا – ضبية شمال بيروت، وأشار إلى أنها بدأت بالتحلل، تشي بذلك الرائحة المنبعثة منها، ما يعني أنها نافقة منذ فترة.

أسباب عدة

       وإذ تباينت التعليقات حيال أسباب نفوقها، فكان ثمة إجماع على شجب الممارسات المسيئة للبحر وكائناته، ومنها ما يتعلق بالسلاحف بشكل خاص، بعد أن أصبحت ظاهرة نفوقها تطالعنا دائما ونرصدها بكثرة على شواطئنا، وإن كنا لا نعرف أسباب معظم حالات النفوق، إلا أنها عديدة ومختلفة، ومنها ما ذكره الباحث في العلوم البحرية في كلية العلوم في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور ميشال باريش في تعليقه على الصورة (عبر صفحة "البحر اللبناني" Sea Lebanon) أنه "قد يكون أي سبب، من اصطدامها بقارب، أو علقت بشبكة صياد، ابتلاع أكياس النايلون وغيرها من الأسباب".

       وعلل البعض الآخر، وبالتحديد المدير التنفيذي لشركة EPS للحلول الإيكولوجية غابرييل متري، الذي عزا السبب في نفوق الكائنات الحية إلى التلوث المستشري في سواحلنا، خصوصا البكتيري منه، وأرسل لـ ghadinews.net مستندا يظهر نتائج تحليل مياه الرملة البيضاء في بيروت أجري منذ فترة، أنها مياه ملوثة بالبكتيريا الضارة إلى مستويات غير مسموحة، وقال: "إن التلوث ليس ناجما عن الأكياس البلاستيكية فحسب"، وعاد البروفسور باريش للتعليق بعدها بأن "هذا التلوث يصل إلى مسافات تزيد عن بضعة كيلومترات على امتداد الشاطىء اللبناني".

التلوث

وأضاف متري: "لماذا يريد الجميع إخفاء المشكلة الحقيقية، بأن كميات البكتيريا، منها الـ  pseudomonas والـ E coli ، على سبيل المثال لا الحصر، وهي من البكتيريا الضارة التي تعيش في كافة مياهنا الوطنية وضمن الحدود اللبنانية"، وأشار إلى أنه "نظرا لسماح وزرائنا من البيئة والصحة والداخلية والبلديات، بإلقاء الصرف الصناعي والصحي غير المعالج والنفايات من المسالخ ومحطات الصرف الصحي والنفايات، فإننا نواجه مشكلات كثيرة تطاول الحياة البحرية بكافة أشكالها، ويمكن أن تتعرض الكائنات البحرية لخطر التلوث والنفوق، كما أن ممارسة السباحة في هذا النوع من المياه يمكن أن تترتب عليه مشكلات صحية خطيرة".

ورأى متري أن "الأمر يدأ يخرج عن السيطرة، فهذا الوضع أدى إلى زيادة نسبة الأشخاص الذين يعالجون في المستشفيات ما يساهم في زيادة الفاتورة الطبية".

       وتساءل: "لماذا لا يمكن لحكومتنا اتخاذ إجراءات صحيحة ورادعة لمواجهة مثل هذا الوضع؟".

مركز علوم البحار

       وتواصل موقعنا ghadinews.net مع "مجلس البحوث العلمية – مركز علوم البحار" في البترون، وأكد مصدر في المجلس "اننا نتابع حالات النفوق الخاصة بالسلاحف، ونأخذ عينات منها لمعرفة أسباب نفوقها"، وأشار إلى أن "هناك ثماني حالات معظمها نفق بسبب ابتلاع أكياس النايلون وبينها حالات عدة ناجمة عن اصطدامها بجسم صلب (قوارب صيد)، وواحدة منها علقت في فمها صنارة صيد وعانت من التهابات حادة أدت إلى عدم قدرتها على تناول الطعام والنفوق جوعا".

وأضاف المصدر عينه أن "ثمة خطوات مستقبلية طموحة ومشروع نسعى إليه في هذا المجال لكشف كافة أسباب النفوق، وسنتابع العمل للحصول على مساعدة من المعنيين لنستطيع تغطية كامل الساحل اللبناني، للحد من هذه الظاهرة".