"غدي نيوز"
*فادي غانم
"سفاح القطط" في مدينة جدة السعودية، وبعد نشر فيديو وصور على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، تحركت أجهزة الأمن والاستخبارات السعودية للتعرف عليه أولا، لم تنتظر بيانا ومناشدة من جمعيات الرفق بالحيوان، ولا من أحد الناشطين البيئيين، وقامت للتو بواجبها، فالجريمة موثقة من قبل مرتكبها، ولم تجد صعوبة في معرفة موقع الجريمة، ولا في معرفة هُويته، فألقت القبض عليه، ولم يتدخل أحد الأمراء أو المسؤولين النافذين لإخلاء سبيله، لا بل خضع للتحقيق وغُرِّم وحُكم عليه بالسجن سنة كاملة.
إن هذا الإجراء الروتيني إن في المملكة العربية السعودية، أو في أي دولة عربية أخرى، يمثل بعضا من قيم عنوانها احترام القانون، ولا نتحدث هنا عن دولة أوروبية في اسكندنافيا مثلا، وإنما عن دولة نامية ليس ثمة من يجرؤ على مخالفة قوانينها، وإن فعل فمصيره العقاب.
في الجمهورية الإيرانية الإسلامية، تمكنت الأجهزة المعنية من حماية الفهد الآسيوي، ولم يعد يجرؤ أحد على قتله، وفي الإمارات العربية المتحدة توقف الصيد البري العشوائي، لا بل أصبح المواطنون ناشطين في مجال الحفاظ على الحياة البرية، وفي قطر صادرت منذ يومين بلدية الدوحة عشرات الأجهزة المقلدة لأصوات الطيور، والأمثلة كثيرة من الكويت إلى سلطنة عُمان والأردن... الخ.
وحده لبنان يقدم "نموذجا" استثنائيا في تدمير البيئة وموائلها، وفي ارتكاب المجازر اليومية بحق الطيور والحيوانات البرية والأليفة، وحده لبنان يصدّر قوانين لا تُطبق، ووحده يكافىء المعتدين!
فقبل سنوات عدة، ألقت القوى الأمنية على تاجر حطب في إحدى المناطق اللبنانية، وصادرت "المناشير" الكهربائية والمضبوطات التي قدرت بعدة أطنان من خشب السنديان، وفي اليوم التالي أخلي سبيل التاجر وأعيدت إليه المضبوطات، بعد أن تبين أنه "مفتاح انتخابي" لسياسي نافذ.
الجرائم البيئية في لبنان لن تتوقف، والمشكلة لم تكن يوما في القانون، وإنما في من سنّها وأقرها في البرلمان، من نواب الأمة، ولما نزل نكابر بأننا أرقى شعوب الأرض، وأن الله "خلق اللبناني وكسر القالب"، فيما الحقيقة أننا ابتلينا بأسوأ طبقة سياسية، تعيث في الأرض فسادا وتنحر القانون كل يوم على مذبح مصالحها الفئوية والخاصة!
*رئيس "جمعية غدي"