تزايدت الدعوات لإعدام أسماك القرش بعد رصد قرش أبيض كبير طوله 4 أمتار بالقرب من المكان الذي قتل فيه بيتر كيرمان (32 عاما) بعد تعرضه لهجوم من سمكة قرش ليصبح الضحية الرابعة خلال سبعة أشهر على الساحل الغربي لأستراليا.

بالطبع، يستفزنا مقتل إنسان تعرض لهجمة أسماك القرش، لكن أن يصل الأمر إلى اتخاذ قرار بإعدام أسماك القرش، فهذا استفزاز أكبر يمثل تطاولا على النظم الايكولوجية، وهي نظم ثابته منذ آلاف السنين وتشكل أحد أعمدة التوازن البيئي، ومعالجة أي مشكلة على هذا النحو من شأنها أن تبيح قتل أصناف وأنواع كثيرة من الحيوانات البرية.

ثم من أعطى الحق للانسان ليتخذ قرارا من هذا النوع؟ أوليس الانسان من تطاول على البيئة الطبيعية لأصناف كثيرة من الحيوانات البرية؟ وإذا ما قضينا على أسماك القرش من يضمن أنه لن تكن ثمة نتائج أكثر خطورة على حياة الانسان وتكاثر كائنات بحرية قد تكون أشد فتكاً من القرش عينه؟

عندما استقبلت أستراليا دورة الالعاب الاولمبية سنة 2000، أقدمت السلطات المحلية على إقامة أسيجة مائية لحماية الرياضيين من هجمات أسماك القرش، وكان تدبيرا مهماً وقتذاك، ما يدفعنا للتأكيد على ضرورة اعتماد مثل هذا الاجراء كحل وحيد للمشكلة القائمة، أما أن يرتاد مغامرون البحر في مناطق غير آمنة، فهذا أمر يفترض مواجهته بقوانين صارمة، وليس بقرار قتل أسماك القرش.

ما يثير الريبة في هذا المجال، أن دعوات من جهات حكومية وجمعيات بيئية توافقت على الحد من الصيد الجائر لأسماك القرش في أوروبا وآسيا بشكل خاص، حتى أن بعض المطاعم في الولايات المتحدة الأميركية توقفت عن تقديم نوع من الحساء يصنع من زعانف سمك القرش، الطبق المفضل لدى اليابانيين والصينيين، التزاماً منها بمعايير بيئية وأخلاقية.

فما معنى القضاء على القرش في استراليا والحفاظ عليه في مناطق بحرية أخرى؟ ثم لماذا لم تتحرك الجمعيات والمؤسسات الدولية المعنية بالحياة البرية حتى الآن لمواجهة مثل هذا القرار؟ وكيف نتأكد أن قتل أسماك القرش لن يكون لصالح جهة معينة ستتولى عمليات القتل والبيع والتوضيب والتسويق في ما يشبه صفقة مالية عنوانها "إنساني"؟ وهل ثمة معيار أخلاقي واحد يشرع قتل أسماك القرش؟

في هذا السياق يستحضرنا قول للفيلسوف الايرلندي الساخر جورج برنارد شو، عندما قال: "إذا قتل الإنسان نمراً قال الناس هذه رياضة، وإذا قتل النمر إنسانا قالوا هذا وحشية".