الصحة تحذر من داء الكلب: توعية الناس والإسراع في العلاج

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, February 6, 2018

بري لـ "غدي نيوز: اللقاح مجاني وموجود في حوالي 10 مراكز

"غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو -

 

        عاد داء الكلب إلى الواجهة بعد تسجيل إصابة في لبنان طاولت المواطن إيلي نافعة من بلدة شكا، في الثامن من كانون الثاني (يناير)، علما أن التعاطي مع هذا الداء يجب ألا يكون موسميا، فثمة إجراءات وقائية من المفترض تبنيها كتدبير احترازي دائم، وهذا ما لمسناه خلال لقاء ghadinews.net مع مسؤولين في وزارتي الزراعة والصحة.

        ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال، أن الكلاب ليست وحدها المسؤولة عن انتشار المرض، وإنما كل حيوان ثديي قد يكون مصدرا لهذا الداء، أما بالنسبة للكلاب، وبكونها على تماس أكبر مع الناس ومع الحيوانات البرية والماشية، فنسبة انتقال المرض من خلالها أكبر، ولذلك من الضروري تلقيحها منعا لانتشار المرض.

        وفي متابعة لهذا الموضوع، التقينا رئيسة دائرة مكافحة الامراض الانتقالية في وزارة الصحة الدكتورة عاتكة بري، وعرضت لهذا الداء وسبل مكافحته، وقالت لـ ghadinews.net لدى سؤالها عن حالة المواطن المصاب أنه "بحالة مستقرة لكنه لم يتجاوز مرحلة الخطر"، وأضافت: "ساد بعد انتشار خبر إصابة الشاب من منطقة شكا بداء الكلب نقيضان في لبنان، فالبعض أصابه الرعب، وأصبح مرور كلب أمامه يشبه الكابوس، وبالمقابل ثمة البعض الآخر لم يكترث للخبر، واعتبره أمرا عاديا، ولم يتخذ أي إجراء يذكر".

 

بري: الكلب مرض سارٍ وانتقالي

       

        وقالت بري: "مرض الكلب هو مرض فيروسي، يصيب الجهاز العصبي، وكلما كانت العضة قريبة من الرأس، كانت فترة حضانة المرض أقصر، أي أن المريض يصاب بداء الكلب بوقت أسرع، وفي حالة إصابة الرأس فيجب التوجه فورا لأخذ العلاج الكامل أي اللقاح والعلاج المناعي المضاد بأسرع وقت، أما إن أصيب الشخص بعضة في رجله مثلا، يتأخر الفيروس للوصول إلى الدماغ والجهاز العصبي، وبهذه الحالة، يمكن الإنتظار بين 24 إلى 48 ساعة".

        وأضافت: "للأسف فهذا المرض موجود، ولكن لوحظ مؤخرا، ووفقا لوزارة الزراعة، وجود المرض لدى الحيوانات البرية التي تنقلها بدورها إلى الحيوانات الأليفة، مثل الكلاب وحيوانات المزارع، فالسنة الماضية تم الإبلاغ عن عدة حالات كلب لدى الأبقار في مزرعة في مدينة جبيل نتيجة عضة من حيوان بري".

        وأشارت بري إلى أن "الكلب يعتبر من الأمراض السارية الإنتقالية، أي التي تنتقل بين الإنسان والحيوان أو Zoonotic Diseases، فمن الضروري التعاون الوثيق بين وزارتي الزراعة والصحة، فوزارة الصحة هي خط الإصابة الأخير في هذا المرض، وعادة تصاب الحيوانات الأليفة التي تنقل هذا المرض لدى البشر، فبحماية هذه الحيوانات وتلقيحها نمنع إصابة البشر، والجدير بالذكر أن وزارة الزراعة وضعت خطة منذ العام الماضي بهدف تلقيح الحيوانات البرية لتمنع اصابتها بالمرض، فإن اختفى المرض فلن ينتقل إلى الإنسان، كما شهدنا في أوروبا وأميركا، حيث لم تسجل حالات كلب منذ سنوات لدى الحيوانات، لأنهم يتابعون تلقيحها".

 

معدل وفيات عال

 

        وقالت بري: "المشكلة بهذا المرض أن معدل الوفيات عال للغاية ويقترب من 100 بالمئة، وقد حصلت حالة السنة الماضية لدى طفل سوري عمره ثماني سنوات، وللأسف فقد توفي لأنه لم يعط أي علاج، خصوصا وأن الأهل أهملوا التبليغ عن حالته إلا بعد ظهور الأعراض، وعادة بعد ظهور الأعراض لا يمكن إنقاذ المصاب، وبالنسبة لحالة الشاب إيلي نافعة فقد أصيب بعضتين في وجهه وخده وعضتين في يده".

        وأردفت: "نحن مع وضع آلية للحد من أعداد الحيوانات بالطرق القانونية المتبعة بالبلدان المتحضرة، فمثلا في تركيا، يقومون بالإمساك بالكلاب الشاردة وتلقيحها بكافة اللقاحات وتجرى لها عمليات تعقيم، لمنع تكاثرها، وتوضع علامة على أذن الحيوان بأنه أعطي كافة العلاجات المطلوبة من الجهات المعنية، ويترك. وبذلك تمكنوا من السيطرة على أعداد هذه الحيوانات بالطرق الأكثر إنسانية، وعلى كافة الأمراض، وفي لبنان، المطلوب القيام بعمل مماثل، فليس مقبولا ما حصل في الغبيري من تعذيب لهذه الحيوانات، خصوصا وأن الدواء المستعمل آلمها جدا قبل نفوقها، ولكن بالمقابل، لا يمكننا الإستهتار بحياة البشر، فإن وصل مرض الكلب إلى الكلاب الشاردة، التي تعيش بيننا، فمن الممكن إصابة البشر".

        ولفتت إلى أن "مشكلة الحيوان الذي يصاب بداء الكلب Rabies، أنه يصبح عدائيا ويهاجم الحيوانات الأخرى والناس، وعضة هذه الكلاب تؤدي إلى الوفاة، فلا بد من آلية للحد من إنتشاره، ولا يمكننا بهدف الدفاع عن حقوق الحيوان الإستهتار بحياة وحقوق الإنسان، فلا يمكننا المساومة، وعلينا وضع حلول وبأسرع وقت ممكن"، وأضافت: "هناك أولوية، وقد سألت أشخاصا يعنون بحقوق الحيوان أيهما تفضلون أن ينفق الحيوان أو أن يصاب الإنسان بهذا المرض القاتل، وكان جوابهم الإنسان أولا، ولكن علينا أيضا التفكير بطريقة إنسانية للتعامل مع الحيوانات، وبأن ليس كل كلب يعض مصابا بالكلب، ويجب القضاء عليه، بل يجب دراسة كل حالة والتأكد من إصابة الحيوان".

 

حلقة متكاملة

 

        وقالت: "الجمعيات التي تعنى بالحيوانات قليلة وليس لديها تمويل كاف، والعمل على إيجاد أمكنة لجمع هذه الكلاب الشاردة وإعطائها اللقاحات المطلوبة ضروري للغاية، وبالتأكيد فدور البلديات أساسي بهذا الأمر، بالتعاون مع وزارة الزراعة وبالطرق العلمية المتبعة والأولوية صحة الإنسان، كل ذلك يشكل حلقة متكاملة، بالتنسيق بين الوزارات والبلديات والجمعيات والأفراد".

        ولكنها أكدت أن "الأهم في هذه الحالة ألا يصاب الناس بالذعر، وأصبح كل شخص يمر قرب غرفة الشاب في المستشفى، يطالب باللقاح، وهذا الأمر ليس له أي أساس علمي، فالأشخاص الذين على احتكاك مع الشاب وبعد التأكد من إصابته بالمرض وظهور الأعراض، وضمن معايير معينة، وهي بتمازج إفرازات الشاب مع إفرازات شخص آخر مثل اللعاب مع جرح أو خدش، فبهذه الحالات يعطى اللقاح، وكل من اعتنى به خصوصا بعد ظهور الأعراض ولا سيما حالة hypersialorrhea أو زيادة كمية اللعاب بكميات كبيرة، جرى تلقيحه"، وتابعت بري: "قمنا بتلقيح عدة أشخاص على تماس مع إفرازات المريض بعد التأكد من الإصابة، والطبيبة التي تعاملت به في العناية الفائقة، فلو أن هناك احتمالا ولو 1 بالمئة من خطر انتقاله، قمنا بإجراء كافة الخطوات الوقائية، وقد استهلكنا 100 لقاح في هذه الحالة، فضلا عن جرعات العلاج المناعي لقريبة للشاب كانت تعتني به وكانت مصابة بجرح في يدها، والطبيبة المعالجة".

 

بروتوكول محدث

 

        وقالت بري: "للتعامل مع هذه الحالة من كافة جوانبها، وأي حالة كلب، هناك بروتوكول قديم منذ العام 2001 وتم تحديثه في أواخر 2016، من قبل اللجنة العلمية للأمراض الإنتقالية ويترأسها المدير العام للوزارة الدكتور وليد عمار، وهي مؤلفة من عدة أطباء في مجالات متعددة من القطاع الخاص، باختصاصات مختلفة منها علم الفيروسات من الجامعة الأميركية الدكتورة ندى ملحم والأمراض الجرثومية والمعدية جاك مخباط وعبد الرحمن البزري وعلم الوبائيات من الوزارة الدكتورة ندى غصن، وبمشاركتي كمسؤولة عن الطب الوقائي، وتشارك فيها أيضا الدكتورة أليسار راضي من منظمة الصحة العالمية، وقد تم تحديث البروتوكول لأن استهلاك اللقاح خصوصا بعد أزمة اللاجئين ارتفع بصورة كبيرة، وكان لا بد من طريقة لترشيد الإستهلاك، لأن كل عضة مشتبه بها تتطلب 4 جرعات من اللقاح، وعدل بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية، منها إن كان الكلب سليما وملقحا، فيمكننا ألا نعطي المريض اللقاح، ونراقب الكلب ونتصرف بناء عليه، وفي حالة الشاب نافعة، فالكلب أليف، وقال صاحب الكلب أنه ملقح، وهذه النقطة هي باعتقادي المشكلة، فربما كانت نابعة من جهل، أو بعدم علمه باللقاحات الخاصة التي أخذها كلبه، وهذه مسألة خطيرة بأن كل الحيوانات الأليفة يجب تلقيحها والتأكد من أخذها لقاحاتها وأنواعها وجرعاتها المطلوبة، ولكن أتى خبر لطوارئ مستشفى طرابلس الحكومي حيث أخذ المريض علاجه، أن الكلب تعرض لعضات من كلاب برية، فهنا اتجه الفريق الطبي في الطوارئ وعلى الرغم من البروتوكول بعدم إعطاء اللقاح في هذه الحالة، وزيادة في الحيطة والحذر بإعطاء الشاب اللقاح على جرعتين، ولكن كان من المفترض بعد أخذ هذا القرار الإتصال بوزارة الصحة للتحقيق، والتأكد من لقاحات الكلب لدى الكلب، ولكن اكتفوا بجرعتين ثم جرعة بعد أسبوع وفقا للبروتوكول، ولو تم معرفة أن الكلب غير ملقح فكان من الضروري إعطاء علاج سريع وهو العلاج المناعي Immunoglobulin الذي يعطى مباشرة، خصوصا إن كانت العضة في الرأس والكتف، لأن اللقاح يأخذ أسبوعا وحتى 10 أيام ليعمل، بينما الأجسام المضادة تعمل مباشرة، وخلال 24 ساعة، ولكن وقت فعاليتها قليل، ولكنه فعال في مثل هذه الحالات، فأفراد الطوارئ في مستشفى طرابلس الحكومي، لم يكونوا ملزمين بإعطاء اللقاحات وفقا للمعلومات المعطاة، وقد أتت أقاويل على لسان الشاب أن طبيبا بيطريا فحص الكلب، وأشار إلى ظهور أعراض الكلب عليه بعد ذلك، ولكنه لم يبلغ لا وزارة الزراعة ولا الصحة".

        وأوضحت بري حول حالة نافعة "نعمل بكل طاقاتنا، وقد استشرنا عددا كبيرا من الأطباء في هذه الحالة، وقد أمنا له علاجا خاصا ضد الفيروسات، ووضعه مستقر الآن، وعلى أمل شفاء المريض"، ولكنها لفتت إلى أنه "من الضروري التصرف بسرعة في حالات العض من قبل الكلاب أو الحيوانات البرية أو الأليفة، خصوصا وأن حالات كلب سجلت في شمال فلسطين المحتلة، وقد وجد كلب في مرجعيون مصاب بداء الكلب، وعض شخصا وأعطي العلاج، وهذا دليل على أن المرض موجود ومن السهولة انتقاله من الحيوانات البرية، ومع الحالة شمالا، فهناك تخوف من انتشاره".

 

العلاج مجاني

       

        وقالت "اللقاح مجاني وموجود في حوالي 10 مراكز، وكل محافظة لديها مركز على الأقل تابع لمصلحة الطب الوقائي، وهي في بيروت مستوصف التمليص، ومستشفى رفيق الحريري الجامعي، ومستشفى ضهر الباشق، في البقاع مستوصف زحلة المركزي، مستشفى بعلبك الحكومي ومستشفى الهرمل الحكومي، في الجنوب مستوصف صيدا المركزي، في النبطية مستشفى النبطية الحكومي، في الشمال مستشفى طرابلس الحكومي (القبة)، وفي عكار مستشفى عبدالله الراسي الحكومي (حلبا)، وعلى الأشخاص عند الإشتباه الإتصال بوزارة الصحة، مصلحة الطب الوقائي على الأرقام التالية: 01-830300، و01-843769".

        وأشارت إلى أن "المريض يأخذ 4 جرعات من اللقاح ويكلف حوالي 130 دولارا، ومن المهم توعية الناس حول هذا المرض وتوجههم للعلاج في حالة الإصابة فهو مرض خطير، والتضليل الحاصل هو ما أدى إلى هذه الحالة التي أصيب بها الشاب، ففترة الحضانة سريعة، بسبب إصابته برأسه، وعادة قد يظل المرض لفترة أسابيع قبل أن تظهر الأعراض".    وختمت بري: "اتبعنا بعد هذه الحالة قرارا بوجوب إبراز وثائق تثبت أن الكلب ملقح بهذا اللقاح وإلا نعتبره غير ملقح، ويتبع حينها الإجراء العلاجي وكأن الكلب مصاب بالكلب، والأهم هو توعية الناس بأنه يوجد حلول، لكن من الواجب الإسراع في العلاج وقبل فوات الأوان".

ملاحظة: جرى إضافة وتصويب بعض المعلومات بناء على توصيات من وزارة الصحة بتاريخ 9 شباط (فبراير) 2018.

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن