بحث

الأكثر قراءةً

اخر الاخبار

العيناتي يدعي على شركتي ترابة

"خطر وبائي".. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود

حملة توعية لجمعية غدي للتعريف عن الملوثات العضوية الثابتة وأخطارها

دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟

الصحة العالمية تتخوف من تفشي إنفلونزا الطيور بين البشر.. "أخطر من كوفيد 19"

البيئة ومواجهة تغير المناخ... هل يقتدي العالم بمملكة بوتان الصغيرة؟

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Saturday, April 7, 2018

البيئة ومواجهة تغير المناخ... هل يقتدي العالم بمملكة بوتان الصغيرة؟

خاص "غدي نيوز" - سوزان أبو سعيد ضو -

 

       تحاول الكثير من الدول التوجه نحو الحلول المستدامة، بهدف مواجهة التغير المناخي وفقا لتعهدات كل بلد في مؤتمر باريس للمناخ COP23، وبالتالي الوفاء بالتزامات كل منها. ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية وعددها 17 هدفا، إلا أن مملكة بوتان الصغيرة، انفردت بإنجازات هامة وفريدة، جعلتها في مصاف الدول الرائدة في مكافحة التغير المناخي، وهي خطت خطوات متقدمة في الإستدامة البيئية.

 

انبعاثات كربون سلبية

 

ووفقا لتقرير علمي مصور لـ Brut Nature، فإن بوتان البلد الصغير في جبال الهيمالايا والواقع بين الهند والصين يتميز بانبعاثات كربون سلبية، لا بل يمتص ثلاثة أضعاف كمية الكربون التي ينتجها، وذلك لأن 72 بالمئة من أراضيه تغطيها الغابات، وفي العام 2015 تمت زراعة 49.672 شجرة في ساعة واحدة، وهو رقم عالمي سجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كما أن حوالي 100 بالمئة من الطاقة الكهربائية في بوتان يتم توليدها باستخدام الطاقة المائية.

وفي هذا المجال قال رئيس وزراء بوتان "تشيرنغ توبغاي" Tobgay Tshering  في محاضرة على TED Talks أن "ما يميز بلادنا ليس ما نرتديه من ملابس ملونة فحسب، وهي زي Gho التقليدي، بل إن توجهنا للوصول إلى انبعاثات محايدة، وهو أمر فريد من نوعه".

وتوبغاي السياسي والمهندس وخريج جامعة هارفارد، والمنتخب ديموقراطيا، مثل سلفه، هو حالة فريدة في البلاد النامية، وهو رئيس وزراء مملكة بوتان منذ العام 2013.

ولفت توبغاي إلى أنه "من بين 200 بلد في العالم اليوم، يبدو أننا الوحيدون المحايدون للكربون، والحقيقة أن بلادنا ليست محايدة في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون فحسب، بل هي سلبية الإنبعاثات، فبلدنا بأكمله يولد 2.2 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون ، ولكن غاباتنا تحجز أكثر من ثلاثة أضعاف تلك الكمية، لذا فبلدنا عبارة عن بالوعة صافية للكربون لأكثر من أربعة ملايين طن من ثاني أوكسيد الكربون كل عام".

وأضاف توبغاي: "نولد في بوتان معظم الطاقة المتجددة التي ننتجها من الأنهار السريعة التدفق، لذلك فإن الطاقة النظيفة التي نولدها توازي حوالي ستة ملايين طن من ثاني أوكسيد الكربون من الدول المجاورة، وبحلول عام 2020 ، سنقوم بتوليد ما يكفي من الكهرباء لتوازن 17 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون، ولو استطعنا أن نستغل حتى نصف إمكاناتنا للطاقة الكهرومائية، وهذا بالضبط ما نحاول الوصول إليه، فإن الطاقة النظيفة والخضراء التي نولدها ستتمكن من معادلة حوالي 50 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنويا، وهي كمية أكثر مما ينتج عن مدينة نيويورك بأكملها في عام واحد".

 

الحوكمة الرشيدة

 

وقال: "بلدي ليست (الجنة المقدسة على الأرض) Shangri-La وليست معبدا كبيرا، بل هي دولة صغيرة في الهيمالايا، وفيها بالكاد 700 ألف شخص (في العام 2016) ومحاطة بأكثر دول العالم ازدحاما بالسكان ومن أكثرها تلويثا للبيئة، الصين والهند"،  وأضاف توبغاي: "والحقيقة هي أننا بلد صغير ومتخلف، ونبذل قصارى جهدنا للبقاء على قيد الحياة، لكننا نفعل ذلك بطريقة حسنة، بل في الواقع، نحن مزدهرون، بسبب ما أنعم الله علينا من ملوك مستنيرين غير عاديين، عملوا دون كلل من أجل تطوير بلدنا ، وتحقيق التوازن بعناية بين النمو الاقتصادي وبين التنمية الاجتماعية، والاستدامة البيئية والحفاظ على التراث الثقافي، وكل ذلك في إطار الحوكمة الرشيدة، أو ما نطلقه من تسمية على هذا النهج الشامل للتنمية وهو (السعادة الوطنية الإجمالية) Gross National Happiness أو GNH، وفي سبعينيات القرن الماضي، أعلن ملكنا الرابع أنه بالنسبة لبوتان، فإن إجمالي السعادة الوطنية أكثر أهمية من الناتج القومي الإجمالي"، وقال: "منذ ذلك الوقت، فإن الدافع للتنمية في بوتان هو GNH، وما يمثل رؤية رائدة تهدف إلى تحسين السعادة والرفاه لشعبنا".

وأشار توبغاي إلى أن "اقتصاد بوتان صغير، ولكن هنا يكمن الأمر المثير للاهتمام، فالتعليم مجاني تماما، ونضمنه لجميع المواطنين، ويتم توفير تعليم جامعي مجاني لأولئك الذين يعملون بجد، كما أن الرعاية الصحية مجانية تماما، وتوفرها الدولة، وتمكنا من إنجاز هذا لأننا نستخدم مواردنا المحدودة بعناية فائقة، ولأننا نبقى مخلصين للمهمة الأساسية لـ GNH، وهي التنمية ذات القيم، فاقتصادنا صغير، ويجب علينا تعزيزه، والنمو الاقتصادي مهم، ولكنه يجب ألا يأتي على حساب تقويض ثقافتنا الفريدة أو بيئتنا الأصلية".

وقال توبغاي: "لذا فإن ثقافتنا مزدهرة، وكذلك بيئتنا، فهناك 72 بالمئة من بلدي تحت غطاء الغابات، ويفرض دستورنا بأن تبقى 60 بالمئة من أراضي بوتان على الأقل تحت غطاء الغابات في كافة الأوقات، وغاباتنا عذراء، وتحتوي أكبر تنوع بيولوجي في العالم"، وتابع: "ليس ذلك فحسب، بل فرض الدستور وفقا لتوجيهات ملكية بفرض الديموقراطية علينا، وبوجوب تنحي الملك عند بلوغه ست 65 سنة!".

 

التغير المناخي

 

وتابع: "بلدنا ليست (بالوعة) لانبعاثات الكربون المحلية فحسب، بل توازن انبعاثات الدول المجاورة، ولا نساهم بتغير المناخ، إلا أننا نعاني منه، فالأنهار الجليدية لدينا تذوب، ما يسبب الفيضانات والانهيارات الأرضية، وقبل 20 سنة فقط، لم تكن الكثير من البحيرات موجودة،  فقد كانت جليدا صلبا، وخرقت بحيرة جليدية منذ سنوات سدودها وأحدثت دمارا في الوديان، ولدينا 2700 منها نواجه كوارثها، والهدف من هذا كله، أن بلدي وشعبي لم يفعلا شيئاً للمساهمة في الاحترار العالمي، لكننا بالفعل نتحمل وطأة عواقبه، لكننا لن نجلس مكتوفي الأيدي، سنحارب تغير المناخ، لهذا السبب وعدنا بالبقاء محايدين لانبعاثات الكربون، وقد حصل هذا في COP15 في العام 2009 في كوبنهاغن، ولم يلحظنا أحد، كون الجميع كانوا مشغولين بالجدال مع بعضهم البعض، وكررنا تعهدنا في COP21 في باريس، إلا أنه لاحظنا الجميع، ما كان مختلفاً في باريس هو أن الحكومات اتحدت معاً لتقبل حقائق تغير المناخ، وتؤكد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أنه إذا تم الإلتزام بهذه التعهدات فقد نتمكن من احتواء الاحترار العالمي بمقدار درجتين مئويتين".

 

بوتان خضراء

 

وقال: "أما كيفية تمكنا من ذلك، فقد وفرنا الكهرباء المجانية للفلاحين في المناطق النائية ليتوقفوا عن إستعمال الحطب والفحم في التدفئة، ونستثمر في النقل المستدام، وندعم شراء المركبات الكهربائية، فلا ضرائب عليها، وبالتالي تمكنا من التخفيف من استيراد الوقود الأحفوري، كما ندعم استخدام مصابيح LED في الإضاءة، وتحاول الحكومة أن توقف استعمال الورق، نحاول تنظيف بلدنا عبر برنامج (بوتان الخضراء) Green Bhutan وبرامج أخرى، كما أن مناطقنا المحمية مساحتها أكثر من نصف البلاد، هي في صميم استراتيجيتنا المحايدة للكربون، فهي رئتنا، وقد ربطناها مع بعضنا البعض من خلال شبكة من الممرات البيولوجية، وما يعنيه هذا هو أن الحيوانات لدينا حرية في التجوال في جميع أنحاء بلدنا، فعلى سبيل المثال هذا النمر، تم رصده على ارتفاع 250 مترا فوق مستوى سطح البحر في أدغال شبه استوائية، وبعد عامين، شوهد النمر ذاته على ارتفاع 4000 متر في جبال الألب الباردة".

وأشار توبغاي إلى نية بوتان، توريد الطاقة الكهربائية الفائضة عن حاجتها إلى الدول المجاورة، وتبيع حاليا 70 بالمئة منها إلى الهند، كما أن 80 بالمئة من مزارع بوتان عضوية، وتنوي التحول إلى 100 بالمئة زراعة عضوية في العام 2020، كما أن المدارس تتبنى المبادرات البيئية الخضراء، وقسم من اليوم الدراسي مخصص للتربية البيئية، وختم  توبغاي إلى أن "النمو الإقتصادي هام، ولكن يجب موازنته مع نواحي الحياة المهمة الأخرى، مثل التربية والتعليم، التراث، الروحانيات، والبيئة، وهناك تركيز دائم على البيئة في بلادنا، وعلى التنمية المستدامة".

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن