أسعد سرحال، مدير جمعية حماية الطبيعة في لبنان: نسعى لحماية الطبيعة والتنوّع البيولوجي لخدمة الإنسان

Ghadi news

Saturday, August 13, 2022

أسعد سرحال، مدير جمعية حماية الطبيعة في لبنان:
نسعى لحماية الطبيعة والتنوّع البيولوجي لخدمة الإنسان

"غدي نيوز"



هو من مواليد بلدة كيفون، قضاء عاليه، نال شهادة إدارة بيئة الحياة البريّة من جامعة ولاية أوكلاهوما في الولايات المتحدة الأميركية، وعيّن مستشاراً لدى الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية في سويسرا. وتدرب على أصول رعاية الثدييات البريّة وإدارة حدائق الحيوانات في حديقة حيوانات نيويورك، برونكس، نيويورك. وتم تعيينه ممثلاً لدى المجلس العالمي لحماية الطيور في لبنان، ومستشار بيئة لدى معالي وزير الزراعة عادل عسيران، ومستشار بيئة لدى المجلس الوطني للصيد البرّي. وهو مؤسس جمعية حماية الطبيعة في لبنان سنة 1984.
"المال والعالم" التقت السيد سرحال وأجرت معه الحوار التالي:

* بصفتك المدير التنفيذي لجمعية حماية الطبيعة في لبنان، ما هو الدور الذي تقوم به هذه الجمعية عملياً لتحقيق أهدافها؟
ـ جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL، هي منظمة غير حكومية لبنانية تأسست عام 1984 وهي الشريك الوطني للمجلس العالمي لحماية الطيور، وعضو في العديد من المنظمات الاقليمية والدولية. وتهتم الجمعية بالطيور في لبنان من تحديد ومراقبة مبيت الطيور المحلقة، حيث تطير هذه الطيور على علو منخفض مما يعرضها للمخاطر. ورصد الطيور الجارحة والطيور المائية التي تأتي للإشتاء في لبنان. وتلك التي تأتي للتزاوج او للإشتاء، ومراقبة مرور أنواع الطيور التي تتميز بنطاق محدود من الانتشار مثل النعار السوري. ويسجل لجمعية حماية الطبيعة في لبنان تعاونها مع البلديات والسكان المقيمين وقطاعات الإنتاج، في استعادة نظام الحمى في مواقع عدة ابرزها إبل السقي وكفرزبد وعنجر والقليلة والمنصوري وعندقت، وسعيها الى إعادة تكريس النظام الموروث في استخدام الموارد وتصنيف الأراضي وحمايتها في 25 حمى في المناطق اللبنانية. ويعتبر نظام الحمى، القائم على التصنيف التقليدي للأراضي، وفق استخداماتها، من اهم الانظمة التي تسهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي في العالم والمحافظة على الطبيعة ومواردها من خلال تكريس نظام تراثي اعتمدته الشعوب العربية ومارسته القرى والبلدات اللبنانية كتقليد موروث لاستخدام الأراضي، بما يضمن الاستفادة القابلة للاستمرار من الموارد الطبيعية، وبما يعني الاستثمار الرشيد للموارد والمحافظة على قدرة البيئة على تجديد مواردها.
* هل تلقون التعاون من الأجهزة التابعة لوزارة البيئة، لدعم المهام التي تحتاج إلى مثل هذه المساعدة من الجهات الرسمية؟
ـ تسعى جمعية حماية الطبيعة في لبنان من خلال شراكتها مع وزارة البيئة والمجلس الوطني للبيئة والمجلس الاعلى للصيد البري وغيرها من الاطر الرسمية وابرزها مصلحة مياه الليطاني والعشرات من البلديات الى حماية الطبيعة والتنوع البيولوجي وتأمين الاستدامة والمواءمة بين الطبيعة والانسان.
ولنا ملء الثقة بأن مساعدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الشخصية لشؤون البيئة السيدة كلودين عون روكز، تحث اجهزة الدولة على القيام بالمهام التي تحمي البيئة. وانا افتخر بوسام الاستحقاق الفضي الذي منحني اياه فخامة الرئيس، بعد فوزي بجائزة “ميدوري” العالمية للتنوع البيولوجي عن العام 2018، والتي تسلمتها في طوكيو في أواخر العام الماضي. وهذه الجائزة تعادل جائزة نوبل، ولكن في التنوع البيولوجي، ولكن المهم هو مفهوم ومنظومة الحمى التي سعينا إلى تطبيقها في لبنان والعالم، وقد نجحنا في هذا المجال إلى حد كبير، وهدفنا حماية التنوع البيولوجي وتمكين المجتمعات المحيطة، وقد وصلت هذه المساحات بالإضافة إلى المحميات إلى نحو 18 بالمئة من مساحة لبنان، وهذا الأمر يعد إنجازا هاما للبنان.
* هل تشارك الجمعية بالعناية بالمحميات الطبيعية وخصوصاً محمية أرز الشوف، ضد عوامل التلوث البيئي للهواء والمياه والتربة، وغيرها؟
ـ تبارك جمعية حماية الطبيعة مصادقة مجلس النواب للقانون المتعلق بالمحميات الطبيعية في لبنان. فهذه الخطوة التشريعية التي طال انتظارها خطوة مهمة في رحلة الألف ميل من أجل حماية التنوع البيولوجي في لبنان، وحسن استخدام الاراضي بما يحفظ الطبيعة ومصادر التنوع الحيوي التي تعد رأسمال لبنان الحقيقي. ومنذ عشرين عاماً، اختارت جمعية حماية الطبيعة في لبنان، ان تعيد إحياء نظام الحمى، وكان هذا القرار خطوة تعزز الحفاظ على التنوع البيولوجي والمحافظة على الطبيعة ومواردها من خلال تكريس نظام تراثي اعتمدته الشعوب العربية ومارسته القرى والبلدات اللبنانية كتقليد موروث لاستخدام الأراضي، بما يضمن الاستفادة القابلة للاستمرار من الموارد الطبيعية، وبما يعني الاستثمار الرشيد للموارد والمحافظة على قدرة البيئة على تجديد مواردها، والمعروف باسم “نظام الحمى” القائم على التصنيف التقليدي للأراضي، وفق استخداماتها. كما كنا من المؤسسين لمحميّة ارز الشوف بالتعاون مع النائب السابق وليد بك جنبلاط الى ان تسلمت الراية جمعية ارز الشوف، ونحن ننفذ مع الجمعية العديد من المشاريع المشتركة.
وفي لبنان اليوم 25 محمية طبيعية منتشرة في مختلف المناطق، ولم يحتج الأمر الى قانون يصدر عن المجلس النيابي، رغم أهمية صدور هذا القانون وخاصة التي تشمل الحمى باعتبارها واحدة من 4 فئات من المناطق المحمية. أحتاج الأمر الى مثابرة وارادة صلبة لا تعرف اليأس والى حوار وشراكة طويلة الأمد مع المجالس البلدية التي تعد الحلقة الأقوى والأكثر استدامة في الحفاظ على الطبيعة اذا وصل الى موقع القرار فيها مجموعة متجانسة ومقتعنة باهمية تبني نظام الحمى وتطويره.
ومن إبل السقي الى كفرزبد وعنجر والقليلة والمنصوري وعندقت ومنجز والمعبور الأبيض والفاكهة وخربة قنفار، وصولاً الى انفة والعاقورة وترشيش وجبيل عيتنيت وكيفون، تنتشر الحمى في مختلف المناطق اللبنانية وتتنوع استخدامتها بين الرعي والصيد المستدام وادارة المياه والزراعة العضوية والمسؤولة وحماية التنوع البيولوجي والغابات. ويسجل لتجربة نظام الحمى أنها تلاقي دعماً من المجلس العالمي لحماية الطيور الذي اعتمد “مفهوم الحمى” في استراتيجيته عبر ربطها بالمناطق المهمة عالمياً للطيور. ويكرس الاعتراف الدولي بنظام الحمى من خلال قرار متخذ في المجلس العالمي لحماية الطبيعة، كواحد من الانجازات التاريخية في حماية الطبيعة، وبما يعني الاستثمار الرشيد للموارد والمحافظة على قدرة البيئة على تجديد مواردها. ويتضمن القرار أسماء مختلفة عن مساهمة المجتمع في الحفاظ على الموارد الطبيعية. على سبيل المثال: الحمى، المهجر، أكدال، كوروك، آدات، أو أي أنظمة مشابهة يديرها المجتمع المحلي متواجدة في غرب آسيا وشمال أفريقيا. بحيث يتم اعتبارها نهجاً شاملاً يقوي المعرفة المحلية والثقافة والتراث. ويتضمن ايضا المحافظة على الموارد الطبيعية وتعزيز سبل العيش.
أما الخطوة الاهم فكانت اشراك الشباب في نظام الحمى من خلال مبادرة "حماة الحمى" حيث يتطوع العشرات من الشباب من مختلف القرى والبلديات للاشتراك في نظام الحماية والتدرب على سبل الادارة الرشيدة والمتوازنة للحمى، وهم يتلقون التدريب والموارد العلمية والمعرفية اللازمة لتطوير قدراتهم بما يمكنهم من ان يكونوا بحق حماة الطبيعة ومصدر استدامتها للأجيال المقبلة.
يعزز هذا الخيار شراكة استراتيجية مع القطاع الخاص، تسمح بتبادل التجارب وتعزيز الابتكار وفتح آفاق الاستدامة في ظل انحسار المساعدات الدولية الخاصة بالبيئة بشكل عام وبحفظ الطبيعة بشكل خاص، هذه الشراكة تم التعبير عنها في أكثر من مشروع واعد، أبرزها مركز حماة الحمى في خربة قنفار في البقاع الغربي، ومركز حمى جبل لبنان في كيفون، ليربطا مختلف الحمى على الأراضي اللبناني بشبكة تواصل تسمح بتعزيز هذه المفهوم واستدامته.
* هل لديكم بعض الأفكار والحلول البيئية لمشكلات القمامة والتلوث التي تهدّد معظم المناطق اللبنانية بلا استثناء؟
ـ نتعاون بشكل دائم مع الجهات التي تسعى الى الحد من التلوث لا سيما مصلحة مياه نهر الليطاني ولقد وقعنا وثيقة تعاون بهذا الخصوص، كما نأمل ان يسهم القانون الجديد لادارة النفايات في تكريس نظام ادارة مستدام يقوم على التخفيف من النفايات واستردادها من خلال الفرز من المصدر واعادة التدوير والتسبيخ السليم للمواد العضوية بهدف الاستخدام الزراعي العضوي، اضافة الى ضمان التخلص النهائي من المرفوضات دون الحاق اضرار جسيمة بالبيئة، وهذا لن يتم إلا من خلال حلول تعتمد انظمة متكاملة وتقوم على اسس قانونية وعلى رؤية استراتيجية واضحة، ونحن دائم نقول انه في نظام الحمى لا يوجد تلوث لان الناس تصبح معنية بالحماية بدل التلويث، وتجرب مياه نبع شمسين في حمى عنجر وفي كفرزبد خير مثال على ذلك. المهم اشراك الناس في حماية الطبيعة لضمان استدامتها، وتكريس مبدأ الملوث يدفع.
* ماذا عن دور الجمعية بالنسبة إلى ظاهرة الصيد العشوائي للطيور، والتي تحرم لبنان من الاستفادة من مواسم هجرة الطيور كل عام؟
ـ تسعى جمعية حماية الطبيعة في لبنان الى تكريس مفهوم الصيد المستدام، وانفاذ قانون تنظيم الصيد الصادر عام 2004. ولقد اصدر المجلس مجموعة من القرارت التنظمية اهمها: مشروع مرسوم بوليصة تأمين إلزامية لضمان الأضرار التي قد تلحق بالغير من جراء ممارسة الصيد. 
القرار المتعلق بتحديد النوادي الخاصة لإجراء الامتحان الذي يخضع له لزاماً كل طالب صيد للمرة الأولى. تنظيم التقاط الحيوانات والطيور لغرض البحث العلمي، تحديد الأراضي التي يمنع الصيد فيها بناءً على طلب مالكيها أو مستثمريها، تنظيم تصدير الطرائد، آلية إعطاء الإجازة الخاصة لإقامة مراكز لتربية أنواع الحيوانات والطيور البرية المحلية، تحديد رسم رخصة الصيد البري، وتنظيم وضع لوحات منع الصيد على الأراضي الخاصة أو العامة. كما سعت الجمعية الى إنشاء مناطق خاصة للصيد في جميع المحافظات اللبنانية، وأن يتم تحديد هذه المناطق في المرسوم الذي يصدر عن وزير البيئة بفتح موسم الصيد. وبناءً على ذلك، يمكن الصيادين الذين لديهم حسّ المسؤولية والذين لديهم اهتمام باستدامة المواقع المهمة لطرائدهم، أن يكونوا جزءاً من قوى ضاغطة تدفع باتجاه صون الطبيعة، وأن يصبحوا جزءاً من حل مشكلة الصيد العشوائي بدلاً من أن يكونوا هم المشكلة.
وعلى امتداد الاعوام الثلاثة الماضية تمكن فريق دولي من لجنة مناهضة ذبح الطيور يعاونهم فريق متخصص من جمعية حماية الطبيعة في لبنان ، من توثيق العديد من اعمال القتل العشوائي للطيور المحلقة المهاجرة، وتعد هذه المرة الاولى التي يقوم فيها فريق دولي مختص بتوثيق وملاحقة اعمال القتل العشوائي للطيور، بالتعاون مع مختصين لبنانيين وصيادين مسؤوليين ونشطاء في مراقبة الطيور.
وتشير التقديرات إلى أن ما مجموعه نصف إلى مليار من الطيور المهاجرة يتم إطلاق النار سنوياً عليها في بلدان البحر الأبيض المتوسط، بواسطة ما يقرب من 10 ملايين صياد. وتشمل التقديرات عشرات الآلاف من الطيور المهاجرة التي يتم إطلاق النار عليها في لبنان. وتسعى الجمعية بالتعاون المجلس العالمي لحماية الطيور، ومركز الشرق الاوسط للصيد المستدام، والتجمع اللبناني لحماية الطيور والعديد من البلديات والجمعيات في مختلف المناطق اللبنانية الى توثيق جميع المخالفات وضمان احالة المرتكبين الى العدالة، بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية لا سيما وزارتي الداخلية والبلديات والبيئة، وبالتالي فان توثيق اعمال الصيد العشوائي واحالة مرتكبيها الى القضاء هو امر ايجابي، لا سيما ان هذه الاعمال، على بشاعتها، قد انخفضت بشكل ملحوظ بالمقارنة مع ما كان يحصل في السنوات السابقة.


المصدر: المال والعالم

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن