اكتشاف نوع جديد من القوارض المفيدة في لبنان

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, January 8, 2013

اكتشاف نوع جديد من القوارض المفيدة في لبنان
.... "فأر الغاب" يعيش من الآفات الزراعية وعدوه طائر البوم

تحقيق – أنور عقل ضو

نوع جديد من القوارض ينضم إلى قائمة الحيوانات البرية في لبنان، هو "فأر الغاب" Forest Dormouse، يتميز بألوانه المتناغمة والمتدرجة من البني إلى الاسود فالابيض، وبعينيه المكتحلتين، حتى يظن المرء للوهلة الاولى أنه أمام سنجاب صغير، خصوصا وأن حركته أسرع بمرات كثيرة من الفأر العادي، لدرجة أنه يصعب على العين اكتناه منظره الجميل، ولعل حركته السريعة أبقته بعيدا عن عيون الفضوليين وربما حالت في تأخر تصنيفه من قبل الدارسين والمهتمين بالحياة البرية اللبنانية، حتى أنه تعذّر علينا أن نلتقط له عددا كبيرا من الصور، وهو يتنقل ويتقافز بين الاغصان (في قفص كبير) أسرع من عصفور بحركات بهلوانية رائعة تخطف الابصار.
وقُدِّر لرئيس "مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها في لبنان" الدكتور منير أبو سعيد أن يكون صاحب هذا السبق العلمي، وهو استمهلنا قرابة السنة للحديث عن "فأر الغاب" ريثما يتم توثيق دراسته في المجلة العلمية Zoology In The Middle East الألمانية، وهي مجلة متخصصة تصدر باللغة الانكليزية وتعتبر مرجعا عالميا على مستوى دراسة الحياة البرية، خصوصا وأنه في مرات سابقة، عندما أطلت بعض وسائل الاعلام على حيوانات برية تم اكتشافها من قبل أبو سعيد عمد البعض إلى نسبها إليه، كما حصل عند اكتشاف "الجربوع" اللبناني (2005) ونوع نادر من السحالي الكبيرة (2001).
قد يبدو هذا الاكتشاف غير ذي أهمية لكثيرين، لكن حسب أبو سعيد فإن "اكتشاف هذا النوع من القوارض يمثل قيمة علمية على مستوى التنوع البيولوجي في لبنان"، ذلك أن "فأر الغاب" المعروف علمياً باسم dryomys nitedula مرتبط وجوده في الطبيعة بأكثر من وظيفة من ضمن منظومة بيئية متكاملة تفضي بالضرورة إلى احترام هذا التنوع المرتبط بشكل أو بآخر بمصير الانسان ووجوده.

عروس الفأر

بدأت رحلة البحث عن "فأر الغاب" عام 2004 عندما عثر أحد المواطنين على فأر مقتول في منطقة إهدن الشمالية، وقام بإحضاره إلى المركز في مدينة عاليه، ويقول أبو سعيد: "منذ تلك الفترة بدأنا رحلة البحث وقمنا أولا باستطلاع المنطقة ومن ثم نصبنا بعض الأفخاخ ولكن لم نجد له أي أثر، وذلك لم يثننا عن الاستمرار في المراقبة حتى العام 2011 عندما عثرنا على مجموعة من الفئران في منطقة إهدن على ارتفاع 1400 متر، وكان من الصعب رؤيتها بدقة لحركتها السريعة الخاطفة الشبيهة بحركة الوطواط، ونصبنا الأفخاخ لها بحيث تمكنا من الامساك ببعضها، ومن ثم وصلتنا معلومات عن أن (فأر الغاب) موجود أيضا في برقايل – قضاء عكار على ارتفاع 220 متر".
وحسب أبو سعيد، يعيش "(فأر الغاب) على أشجار السنديان والبلوط وأحيانا على أشجار الزيتون والتوت ودوالي العنب"، وأشار إلى أنه "لم يكن معروفا من قبل لان الناس لم يلحظوا وجوده"، لكنه لفت إلى أن "بعض المواطنين في برقايل أخبرونا أنهم يعرفون (فأر الغاب) باسم آخر هو (عروس الفأر)، لكن علميا لم يكن معروفا، وربما كان يظن المواطنون أنه فأر عادي إلى أن تمكنا من توثيق وجوده في دراسة علمية أولية نشرت في مجلة علمية متخصصة".

حيوان بيئي بامتياز

ما يسترعي الاهتمام أنه لا يمكن تصنيف "فأر الغاب" على أنه نوع من الفئران العادية التي غالبا ما يتسبب وجودها بكوارث تطال الانسان، فهو حيوان بيئي بامتياز، إذ يقول أبو سعيد أن "هذا الفأر يقتات على أنواع كثيرة من الحشرات المضرة بالاشجار والنباتات ومن بينها (حفار الساق) الذي يقضي على الاشجار المثمرة"، وهنا يؤكد على أهميته "لأن وجوده يساعد المزارع على التخلص من الآفات الزراعية دون الحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية المعروف أن لها تأثيرات خطيرة وسلبية على حياة الانسان".
لكن في الوقت عينه يقتات "فأر الغاب" على الثمار كالتوت والزيتون واللوزيات، ويقول أبو سعيد: "إنه يساهم في نقل البذور وتجديد الغابة بعد أكل الثمر ولفظ البذور"، إلا أنه أشار إلى أن "(فأر الغاب) مختلف في هذا المجال عن السنجاب الذي يخبئ البذار والثمار لتعود وتنمو في ما بعد، فهو يساهم في نقل البذور بآلية مختلفة من خلال تنقله في الغابات"، لافتا في الوقت عينه أن "السنجاب أكبر حجما وذيله أطول ويأكل البلوط فيما (فأر الغاب) يتغذى على ثمار الفاكهة، فضلا عن أنه يختلف عن السنجاب كونه يدخل في مرحلة سبات شتوي".
ونفى أن يكون "فأر الغاب" يتسبب بأضرار زراعية، قائلا: "ان هذا الامر يتطلب دراسات أكثر لمعرفة خصائص اضافية عنه"، لكنه لفت إلى أن "ما يجب أن نؤكد عليه من خلال ما توصلنا اليه حتى الآن ان لـ (فأر الغاب) فوائد كثيرة ومهمة".
وعن الفرق بين "فأر الغاب" و"الجربوع"، قال أبو سعيد: "الجربوع يعيش في المناطق الصحراوية والمناطق الجرداء، فيما فأر الغاب وكما يستدل من اسمه يعيش في الغابة، ولكل منهما خصائص مختلفة علميا".
ولفت أبو سعيد إلى أن "(فأر الغاب) يتكاثر مثله سائر أنواع الفئران فهو نوع من القوارض".

الموطن

وعما إذا كان "فأر الغاب" على قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض، قال: "لا يمكن الحديث عن هذا الامر الآن، وكل ما نعرفه أننا عثرنا عليه في منطقتين وهو ربما موجود في مناطق أخرى، وهذا الامر يتطلب اجراء دراسة ميدانية شاملة، اذ لا يمكن ان نتحدث عن هذا الامر بشكل حاسم بالاستناد الى دراسة منطقتين فحسب".
وأشار إلى أنه "تبعا للدراسات التي قمنا بها، فان (فأر الغاب) موجود في سوريا والعراق وفلسطين المحتلة والاردن وأوروبا"، ولفت إلى أن "وزنه حوالي 26 غراما، وطوله نحو 9 سنتيمرات فيما طول ذيله يصل إلى نحو 8 سنتيمترات".
وعن أهمية الدراسة الاولية، قال: "كما أسلفنا سجلنا وجود نوع من القوارض لم يكن معروفا من قبل، كما هو الامر بالنسبة الى الوطاويط حيث كان عدد المعروف منها في لبنان 16 نوعا فيما وصلت الآن الى 20 نوعا من خلال الابحاث التي قمنا بها على الوطاويط، بمعنى زيادة التنوع البيولوجي في لبنان وهذا مصدر غنى لبيئتنا"، ولفت إلى أنه "في أوروبا سجل وجود (فأر الغاب) على ارتفاع 600 متر عن سطح البحر وما فوق، وفي لبنان سجلنا وجوده في منطقة تعلو فقط 220 مترا، فيما كل المعلومات الموثقة عنه تشير إلى أنه يعيش في المناطق التي تعلو ما بين 500 و 2000 مترا".
وأشار أبو سعيد إلى أن (فأر الغاب) غالبا ما يظهر في الليل ويعيش دائما على الاشجار"، ولفت إلى أن "عدوه الرئيسي هو الثعلب والنمس فضلا عن طائر البوم الذي يقتات بكثرة على (فأر الغاب)"، ونوه أبو سعيد إلى أن "فأر الغاب يبني أعشاشا في الاشجار من خلال الثقوب والتجايف الموجودة فيها".

للمزيد من الدرس

وقال: "هناك أنواع عدة من (فأر الغاب) منها ما يعيش في البساتين ومنها ما يعيش في الغابات أو المناطق الجرداء، وما قمنا به حتى الآن هو دراسة أولية". ولعل لهذا السبب لم تجب الدراسة على بعض الاسئلة حول فترة التزاوج وعدد المواليد وفترة سباتها الشتوي... الخ
وعما إذا كان ثمة توجه لاستكمال الدراسة، قال أبو سعيد: "بالتأكيد، ولكن في هذه الفترة  ليس من بين أولياتنا، إذ اننا مهتمون الآن باستكمال دراساتنا على الوطاويط وما هي التأثيرات التي تتعرض لها وتؤثر على تراجع أعداها، فضلاً عن دراسة متوازية حول (ثعلب المياه) المعروف باسم Otter".
وتحفظ على ذكر المواقع التي يتواجد فيها "ثعلب المياه"، وأشار الى أن "مجرد ذكر أماكن تواجده سيكون عرضة للقتل من قبل الصيادين"، وأكد أن "(ثعلب البحر) موجود في لبنان وهو حيوان يعيش في المياه وعلى اليابسة". 

 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن