غدي نيوز تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
"غدي نيوز"
قراءة تحليلية في ١٠٠ يوم من العمل الإصلاحي في وزارة الزراعة بقيادة الوزير الدكتور نزار هاني -
إعداد: فادي غانم -
مقدمة: حين تتحول الوزارة إلى مختبر إصلاح وطني
في مشهد لبناني تتسيده الأزمات المتداخلة والشلل المؤسساتي، قلّما يشهد القطاع العام قصص نجاح قابلة للقياس. لكن وزارة الزراعة كسرت هذا السياق خلال أول 100 يوم فقط، عبر دينامية إصلاحية علمية، أعادت الاعتبار للزراعة كركيزة اقتصادية واستراتيجية، وليس كقطاع هامشي.
الزراعة هنا لم تكن شعارًا، بل منظومة متكاملة أُعيد بناؤها بمنهجية مدروسة، قائمة على ستة محاور استراتيجية، توازي في أهميتها "خطة وطنية مصغرة" للتنمية الريفية والأمن الغذائي والحفاظ على البيئة.
الرؤية الوزارية التي أُطلقت مع بداية الولاية، لم تأتِ كمجرد ردّ فعل على الأزمات أو التحديات، بل جاءت نتيجة تحليل واقعي للقطاع الزراعي وتحديد دقيق لنقاط الضعف ومجالات القوة. انطلقت الوزارة من مبدأ أن الزراعة لا يمكن أن تنهض دون استراتيجية علمية متكاملة، فصاغت رؤية ذات ستة محاور مترابطة تشكّل خريطة طريق واضحة نحو النهوض:
ثانيًا: ثقة دولية وترجمة مالية للإصلاح
ما يلفت الانتباه في هذه المرحلة هو حجم التمويل الخارجي المُفعل، والذي يعكس بوضوح مستوى الثقة المتنامي بالإدارة الزراعية الجديدة وبالنهج الإصلاحي المعتمد. فقد تم تأمين أكثر من 280 مليون دولار، توزعت على النحو الآتي:
هذا التمويل لا يُعدّ مجرّد "مساعدات موسمية"، بل هو بمثابة تصويت بالثقة من المجتمع الدولي، وإقرار بجدية المقاربة اللبنانية في إعداد المشاريع ومتابعة تنفيذها وفق أعلى معايير الشفافية والكفاءة.
في عصر تتزايد فيه أهمية الإعلام كأداة للتنمية والتأثير، شكّل التحول الإعلامي في وزارة الزراعة أحد أبرز ملامح التجديد الإداري. فقد أعاد الوزير نزار هاني تعريف وظيفة الإعلام الزراعي، ليس كمجرّد نافذة دعائية، بل كركيزة استراتيجية لربط الوزارة بالمزارعين والمجتمع، ولتعزيز الشفافية وتكريس الثقة.
لم تكتف الوزارة بنشر البيانات التقليدية أو بالتغطيات البروتوكولية، بل بادرت إلى:
كما وإطلاق تطبيق إرشادي بالتعاون مع "ازرع" شكّل نقطة تحوّل رقمية، حيث أصبح المزارع قادرًا على الوصول إلى المعلومات الزراعية بشكل لحظي، علمي، ومصادق عليه رسميًا.
الإعلام لم يعد أحادي الاتجاه. ولعل أبرز المبادرات التي تُجسّد هذا التفاعل كانت حملة زراعة 50,000 شجرة زيتون في جنوب لبنان، التي جمعت بين المزارعين، والشباب المتطوعين، والمؤسسات البلدية، تحت مظلة وطنية ذات بعد بيئي وزراعي وإنساني.
كما تم توحيد وتحديث المحتوى الإرشادي الزراعي للمرة الأولى، مما يضع حداً لحالة الفوضى المعلوماتية التي لطالما عانى منها القطاع، ويخلق مرجعية وطنية موحّدة.
من خلال هذا الزخم الإعلامي والتواصلي، أعادت وزارة الزراعة بناء علاقة جديدة بين الدولة والريف، علاقة مبنية على الاحترام المتبادل، والمعرفة، والدعم المتواصل. وهنا لا يمكن إغفال أن هذا التوجّه يمثّل استعادة للثقة المفقودة بين المواطن والسلطة، في وقت بات فيه الريف يشعر بالتهميش.
ما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق خلال 100 يوم، لولا وجود فريق عمل يتجاوز حدود "الجهاز البيروقراطي"، ليصبح شريكًا فعليًا في قيادة التغيير.
تكوّن الفريق من طاقات وخبرات تراكمية، جمعت بين العلم الميداني والدينامية الإدارية، وعملت بروح خلية النحل، لا بمنطق التسلسل الهرمي فقط، بل عبر فرق عمل تخصصية فاعلة.
هذا الفريق:
لم يكن الوزير نزار هاني قائدًا منفصلًا عن الفريق، بل كان حاضرًا في كل محطة، ميدانيًا وتخطيطيًا، ما عزّز روح الانتماء والمسؤولية داخل الوزارة. هذا التلاحم بين القيادة والفريق أنتج نموذجًا يُحتذى به في العمل العام، يقوم على:
من خلال هذا الجهد، تحوّلت صورة الموظف في وزارة الزراعة من بيروقراطي تقليدي إلى مبادر، مشارك، ومتفاعل مع تطلعات الناس. وبهذا، لا تُنجز الملفات فقط، بل يُعاد تكوين صورة الدولة من الداخل، عبر بشرٍ يؤمنون بالتغيير، ويجسّدونه.
خامسًا: بناء مؤسساتي وتنظيم قطاعات حيوية
من أبرز مقومات الإصلاح المستدام في أي قطاع حيوي، هو تعزيز البنية المؤسساتية وتنشيط الأطر التنظيمية، وهو ما تم العمل عليه بشكل منهجي ومدروس في وزارة الزراعة خلال الفترة الأخيرة. وقد شمل ذلك:
هذا الجهد لا يُنتج فقط تحسينات إدارية فورية، بل يُشكّل تحولًا نوعيًا في مقاربة الحوكمة الزراعية، حيث يتم بناء مؤسسات قادرة على التخطيط، والتنفيذ، والمساءلة، بعيدًا عن العشوائية والارتجال، بما يضمن استمرارية العمل وتحقيق العدالة في إدارة الموارد.
سادسًا: الزراعة التعاقدية كأداة لتحصين السوق وضمان الأمن الزراعي
في مواجهة التقلّبات السوقية، وغياب التخطيط المسبق للإنتاج، وانكشاف المزارع اللبناني أمام مخاطر الخسارة والعجز، برز نموذج الزراعة التعاقدية كإحدى أهم الابتكارات الإصلاحية المعتمدة من الوزارة، وهو يُشكّل نقلة نوعية في العلاقة بين المزارع والسوق، ويقوم على مبدأ ربط الإنتاج الزراعي مباشرةً بالطلب المحلي أو التصديري من خلال عقود واضحة وشفافة.
هذا النموذج يتيح:
وإلى جانب الزراعة التعاقدية، جاء التوجه الإصلاحي ليشمل خطوات داعمة ومتكاملة، منها:
في ظل هذه المبادرات، لا تُعدّ الزراعة مجرد نشاط تقليدي، بل تتحول إلى قطاع إنتاجي محصّن ومنظّم، قادر على الصمود والمنافسة، ضمن رؤية متكاملة للأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
سابعًا: رقابة بيئية حازمة وردع فعلي للمخالفات
لأن الأمن الغذائي لا يمكن فصله عن الأمن البيئي، تحرّكت الوزارة بسرعة لملء الفراغ الرقابي وتفعيل أدوات الردع، في مقاربة تُجسد جدية غير مسبوقة في فرض القانون وحماية الموارد الطبيعية. وفي فترة وجيزة، تم اتخاذ إجراءات نوعية أبرزها:
هذه الإجراءات لا تعكس فقط تحركًا إداريًا سريعًا وميدانيًا فاعلًا، بل تُشير إلى تحوّل حقيقي في عقلية الإدارة الزراعية والبيئية، نحو ربط واضح بين الحوكمة الرشيدة والتنمية المستدامة. إنها بداية مرحلة جديدة تُعيد الاعتبار للقانون، وتضع البيئة في قلب السياسات العامة لا في هامشها.
ثامنًا: ديبلوماسية زراعية فعّالة تكسر العزلة وتفتح الآفاق
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد، برزت الدبلوماسية الزراعية كأداة استراتيجية لإعادة ربط القطاع الزراعي اللبناني بالمحيط الإقليمي والدولي، وتفعيل حضوره في المعادلات التنموية الكبرى. وقد قاد هذا التوجه إلى حراك غير مسبوق على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف، تُرجم من خلال:
لقد نجحت هذه المقاربة في كسر العزلة التي طالما أحاطت بالقطاع الزراعي، ونقلته من موقع المتلقّي إلى موقع الشريك في القرار، ما أدى إلى تحقيق اندماج فعلي في أجندات التنمية الدولية، وفتح الباب أمام تمويلات، واستثمارات، وخبرات نوعية طالما افتقر إليها.
إنها ديبلوماسية هادفة وواقعية، لا تكتفي بالبروتوكولات، بل تبني جسورًا عملية بين الميدان المحلي والمؤسسات الدولية، وتُسهم في تعزيز صمود الريف اللبناني وتثبيت دوره في الأمن الغذائي الوطني.
تاسعًا: خطاب استراتيجي وتظاهرة وطنية غير مسبوقة للزراعة
في خطوة تحمل دلالات استراتيجية ورمزية عميقة، نظّمت وزارة الزراعة بالشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مؤتمرًا وطنيًا استثنائيًا بعنوان "الزراعة نبض الأرض والحياة"، وذلك للمرة الأولى في تاريخ لبنان برعاية وحضور فخامة رئيس الجمهورية، ما شكّل تحوّلاً نوعيًا في موقع الزراعة ضمن أولويات الدولة العليا.
هذا المؤتمر لم يكن حدثًا عابرًا، بل تظاهرة زراعية وطنية بكل ما للكلمة من معنى، وقد تميّز بـ:
لقد جاء هذا المؤتمر ليؤكد أن الزراعة لم تعد قضية هامشية، بل أصبحت قضية وطنية جامعة تستحق أن تُناقش من أعلى منبر سياسي في البلاد، وفي حضرة المؤسسات الدستورية، وأمام الرأي العام.
وتزامن المؤتمر مع تنظيم الأيام الوطنية للزراعة، التي شكّلت مساحة لقاء مباشر بين المنتجين والمستهلكين والمواطنين، تحت شعار "دعم السوق المحلي"، ما ساهم في تعزيز الثقة بالمنتج اللبناني وتحفيز الاستهلاك الوطني.
إنها تظاهرة زراعية شاملة وغير مسبوقة، جمعت بين الرؤية السياسية، والعمل التقني، والانخراط المجتمعي، لتُعلن بوضوح أن الزراعة في لبنان بدأت تستعيد مكانتها، بدعم سياسي فعلي، ورؤية إصلاحية متقدمة.
عاشرًا: تخطيط بعيد المدى واستشراف المستقبل
في مؤشر واضح على التحوّل من منطق المعالجات الظرفية إلى نهج التخطيط الاستراتيجي المستدام، باشرت وزارة الزراعة العمل، منذ الأشهر الأولى، على وضع أسس مستقبل القطاع الزراعي، من خلال:
هذه الخطوات لا تُعبّر فقط عن رؤية بعيدة المدى، بل تؤكد أيضًا على عقلية مؤسساتية جديدة، توازن بين الحاجة إلى حلول عاجلة في المدى القصير، وبين ضرورة بناء قطاع زراعي مرن، مستدام، ومندمج في الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.
إن استشراف المستقبل في الزراعة لا يعني فقط وضع خطط على الورق، بل يتطلب إرادة تنفيذية، وقدرة على التكيف مع التحولات المناخية والاقتصادية، والالتزام بشفافية البيانات ورشادة السياسات — وهي كلها مؤشرات بدأت تظهر في مقاربة الوزارة الجديدة.
الخاتمة: من وزارة تقليدية إلى رافعة وطنية للتنمية
في مئة يوم فقط، تحوّلت وزارة الزراعة من إدارة تقليدية تئنّ تحت وطأة الإهمال والروتين، إلى رافعة وطنية حقيقية للتنمية الشاملة، ونموذج يُحتذى في الإصلاح المؤسساتي، والإبداع الإداري، والربط بين السياسات القطاعية والاقتصاد الوطني.
فالوزير الدكتور نزار هاني لم يقدّم مجرد خطة تقنية لتحسين الأداء، بل طرح رؤية متكاملة تُعيد تعريف الزراعة في لبنان:
زراعة ليست فقط إنتاجًا، بل حماية للموارد، وتمكين للمزارعين، وضمان للغذاء، ورافعة للسلام الاجتماعي.
لقد أثبتت وزارة الزراعة خلال هذه المئة يوم أنها قادرة على:
هذا التحوّل لا يُعد فقط إنجازًا حكوميًا، بل هو في جوهره ولادة جديدة لوزارة الزراعة، التي استعادت دورها كمؤسسة قيادية، تُجسّد صلة الوصل بين الإنسان والأرض، بين الريف والدولة، وبين التراث الزراعي والاقتصاد المعاصر.
ولأن الزراعة هي فعل انتماء وجذور، فإن ما تحقق خلال مئة يوم هو أكثر من إنجاز، إنه وعد بمستقبل منتج، أخضر، ومستدام.
#الزراعة_نبض_الأرض_والحياة | #الوزير_نزار_هاني | #وزارة_الزراعة_اللبنانية
#تحوّل_زراعي | #إصلاح_مؤسساتي | #لبنان_المنتج | #100_يوم_من_العمل
"غدي نيوز" هلا مراد - *** في بلد يُعدّ من الأفقر مائيًا في العالم، مقارنةً بخط الفقر المائي العالمي البالغ 500 متر مكعب سنويا للفرد، حيث لا تتجاوز حصة الفرد السنوية في الأردن 61 مترًا مكعبًا. لا تبدو الأزمة المائية في الأردن ناتجة فقط عن قسوة المناخ أو ندرة الموارد، بل تتعمق جذورها في بنية غير عادلة للتوزيع، وهشاشة في الحوكمة، وضعف في الاعتراف بالمياه كحق إنساني أساسي.
"غدي نيوز" في زمن تزداد فيه التحديات وتضيق فيه مساحات الأمل، تبرز مبادرة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون بإضافة كلمة "الحياة" إلى شعار الحملة الوطنية للزراعة كحدث مفصلي يتجاوز البعد الرمزي إلى العمق الاستراتيجي. ففي افتتاح مؤتمر "الزراعة نبض الأرض"، لم يكن مطلب الرئيس مجرّد لفتة أدبية أو تعبيراً عن تفضيل لغوي، بل كانت إعلاناً وطنياً بأن الزراعة لم تعد شأناً قطاعياً، بل أصبحت ركيزة للكرامة والوجود.
"غدي نيوز" بيروت، 13 أيار 2025 – خاص منذ تسلّمه مهامه على رأس وزارة الزراعة ، أطلق الوزير الدكتور نزار هاني ، بالتعاون مع المديريات الأربع (المديرية العامة لوزارة الزراعة، المديرية العامة للتعاونيات، المشروع الأخضر، ومصلحة الأبحاث العلمية الزراعية)، وفريق عمل متكامل، ورشة نهوض شاملة، جعلت الوزارة خلية نحل لا تهدأ، تعمل ليلًا ونهارًا، متجاوزة منطق التباطؤ الإداري والروتين التقليدي.
"غدي نيوز" عمان – أكد خبير الأمن الغذائي د. فاضل الزعبي، أن الأردن من أكثر المناطق هشاشة مناخيًا، إذ يتسم بندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة أصلًا، ومن ثم فإن التغير المناخي العالمي، يضاعف التحديات المحلية، ويجعلنا أمام ضرورة عاجلة لتبني تقنيات زراعية مقاومة للجفاف، وتحسين كفاءة استخدام المياه، وإعادة النظر بنوعية المحاصيل التي نزرعها.
© Ghadi News. All Rights Reserved 2025