حماية المناخ تبدأ من المدرسة... ناميبيا نموذجا

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Wednesday, April 17, 2013

"غدي نيوز"

يهدد خطر الجفاف البلدان التي تتمتع بأكثر من 300 يوم مشمس في السنة، ومن ضمنها ناميبيا، لذا أخذت منظمات مختلفة زمام المبادرة لإعداد الشباب الناميبي لمكافحة التغير المناخي.
"تغير المناخ في هذه المنطقة بلغ بالفعل مرحلة متقدمة للغاية، لدرجة أننا نستطيع في دراستنا الاعتماد على وقائع حقيقية". هذا ما يقوله دنكان ميتشل، الذي يجري منذ سنوات مع فريق متعدد التخصصات، أبحاثا حول تغيير الحياة البرية في دولة ناميبيا في جامعة ويتواترسراند.
ويركز عالم وظائف الأعصاب مع فريقه في تلك الدراسة على كيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ على الحيوانات التي تعيش في الصحراء.
وكما يقول ميتشل فإن معدل الأمطار الشحيحة أصلا في ناميبيا، سوف يواصل الانخفاض  بنسبة 40 في المئة: "وسيتحول المناخ في ناميبيا إلى صيف دائم مع هطول الأمطار بارتفاع يبلغ 60 مليمترا فقط سنويا". والجدير بالذكر هنا للمقارنة أن متوسط هطول الأمطار في ألمانيا يصل إلى حوالي 830 ملميترا في السنة.
ويضيف: "أولا ستشهد البلاد موجات من الهجرة. ولن تواجه بعض الحيوانات مثل البقر الوحشي مشاكل، فهي تكيفت بالفعل في الماضي، ويمكنها السفر لمسافات طويلة عبر الصحراء دون الحاجة إلى شرب الماء. أما الثدييات الكبيرة مثل وحيد القرن والفيلة وأفراس النهر فلن يكون الوضع سهلا بالنسبة لها، لأنها لا تستطيع التكيف بسرعة كافية، وسوف تواجه على الأرجح خطر الانقراض".

التعلم من الصحراء

لكن ناميبيا لا تقف مكتوفة اليدين حيال تغير البيئة فيها، وهناك المئات من المنظمات التي تحاول القيام بدورها للمساهمة في حماية البيئة. وعلى سبيل المثال قامت وزارة البيئة والسياحة في ناميبيا بإنشاء منظمة وطنية للشباب في كل أنحاء البلاد، ويحاول أعضاء هذا الائتلاف الشبابي بشأن تغير المناخ زراعة محاصيل جديدة، ويساعد كذلك في تركيب محطات الطاقة الشمسية في القرى أو تطبيق معلوماتهم في مجال الري بالتنقيط. أما المنظمات الأجنبية مثل منظمة Resource Afrika البريطانية، فتسعى بالتعاون مع البرامج المحلية لتبادل الخبرات والمعرفة، وأيضا لتشجيع السكان على توثيق التغير المناخي الذي يحدث في مناطقهم لنشر النتائج على نطاق واسع.
وتحمل جميع المشاريع تقريبا قاسما مشترك، وهو أنها ترى فرصة للتغيير عبر المعلومات والتعليم، وخاصة بالنسبة للشباب. تعول مؤسسة التعليم البيئيNaDEET  على سبيل المثال منذ عام 2003، على تلاميذ المدارس الصغار، حيث يتفتح وعي أطفال المدارس على فهم أفضل لضرورة حماية المناخ الذي ينبغي أن يكون جزءا من حياتهم اليومية وتقومNaDEET  في هذا الإطار على مدى أسبوع كامل بتنظيم رحلات للتلاميذ إلى منطقة الصحراء. ويتضمن البرنامج التعرف على المشكلة الأكثر إلحاحا في ناميبيا، ألا وهي توفير المياه. لكن مشاكل مثل تجنب انبعاثات الغازات الدفيئة والنفايات مدرجة بدورها على البرنامج، وتمثل المسابقات والألعاب المفتاح لتفسير وتوضيح قيمة الطبيعة.
وكما تقول فيكتوريا كيدينغ مديرة المدرسة: "يجب على الأطفال استيعاب مفهوم الحفاظ على البيئة، وألا يقتصر فهمهم فقط على ضرورة الاقتصاد في استخدام المياه، لكن أيضا الأسباب التي تجعل ذلك أمرا ضروريا وهاما. إن مصدر الإلهام للتنفيذ العملي لنمط حياة مستدام، مصدره البلد نفسه غالبا، كما ترى كيدينغ، التي تضيف: "الواجب الذي يقع على عاتقنا يتمثل في رفع وعي الأطفال ببيئتهم، ومثال من الصحراء هي خنفساء توك توك، التي تستمد الدفء بسرعة كبيرة من خلال لونها الأسود الداكن، وهنا يُسأل الأطفال عن فائدة هذه المعلومة، ويحصلون على الجواب عمليا عندما يشاركون جميعا في الطبخ باستخدام الأواني السوداء الكبيرة.
يمكن استيعاب ما يصل إلى 40 طفلا في إطار الرحلات التي تنظمها  NaDEETحيث يقسمون إلى مجموعات ويتم إعطاؤهم مهام خاصة للأسبوع، تتنوع بين الطبخ بالطاقة الشمسية وإعادة تدوير النفايات وتجنب إنتاج القمامة أثناء قيامهم بالمهام المختلفة، واستخدام المراحيض البيئية التي تعمل دون مياه وتتيح استخدام المخلفات فيما بعد كسماد طبيعي، وأخيرا تتضمن المهام التي يقوم بها التلاميذ أيضا إنتاج الوقود من المخلفات الورقية المستعملة. وينبغي على التلاميذ أثناء تأديتهم لكل تلك الأعمال التحكم في كمية المياه المستخدمة بدقة، فالكمية المتاحة محدودة ويجب أن تكفي للمدة الزمنية خلال الرحلة بأكملها. وهناك مؤشر على برميل الماء يجعل الأطفال يعرفون الكمية المتبقية لديهم، وهكذا يدخل الأطفال في مسابقة، الفائز فيها من تتبقى لديه أكبر كمية من المياه في نهاية الأسبوع.

وفرة مياه مفاجئة في الشمال

هكذا تصبح المياه بالنسبة للتلاميذ الصغار في ناميبيا كنزا ثمينا يجب التعامل معه بعناية وحرص كبيرين، كما هو الحال في شمال البلاد القاحل والشديد الجفاف، حيث يعيش أكثر من نصف السكان الذين يصل تعدادهم إلى مليونين ونصف المليون نسمة، وهناك على عمق بلغ نحو 200 متر، اكتشف الباحثون حوض كوفيلاي - إيتوشا Cuvelai-Etosha، الذي يحتوي على مياه صالحة للشرب تكفي لأربعة قرون قادمة. وكانت تلك المنطقة تحصل على إمدادات المياه حصرا من الجبال الأنغولية.
وكما يوضح فالك ليندنماير من المعهد الألماني لعلوم الأرض والموارد الطبيعية (BGR)، الذي يقوم برصد مواقع الحفر التجريبية في المنطقة، فإن "المياه تُضخ عبر عدد من الجبال لتتدفق إلى ناميبيا في قناة مفتوحة يصل طولها إلى أكثر من 150 كيلومترا. الأمر الذي يتسبب في خسائر ضخمة، وليس هناك ضمان بأن تصل المياه النظيفة إلى سكان المنطقة".
وتخشى الحكومة من عمليات الحفر العشوائية التي يمكن أن تؤدي إلى تلوث مصادر المياه القيمة التي يتم العثور عليها في المنطقة. وفي بلد يعتبر الأكثر جفافا في ذلك الجزء من القارة الإفريقية، تثير وفرة المياه المفاجئة رغبة كبيرة في الاستفادة من المياه في القرى لري الحقول وقطعان الماشية، وكذلك الشركات الأجنبية التي تنقب عن اليورانيوم والذهب وغيرها من المعادن في ناميبيا،  تطمح بدورها إلى نيل حصتها من المياه.
وكما يقول ليندنماير: "ما نحتاجه الآن هو وضع خطة معقولة لإمدادات المياه، حتى قبل أن نشرع في بناء أول بئر هناك". وقبل أن يتم توزيع هذا السائل الثمين، ينبغي التفكير في الاستخدام المستدام للمياه وتحديث البنية التحتية، وبالفعل حظرت الحكومة الناميبية شراء الأراضي في المنطقة.
ويمكن لتحسن حالة الإمدادات أن تحدث تغييرا في البلد برمته، إذا تم استغلال الموارد المائية بطريقة مسؤولة، فهذه الدولة الغنية بالموارد تستورد حاليا جميع احتياجاتها تقريبا من المواد الغذائية من الخارج، وترى فيكتوريا كيدينغ أن فرصة هائلة تتوفر الآن أمام نامبيبيا: "إذا كان لدينا ما يكفي من المياه، فإننا يمكن أن تنتج كل شيء بأنفسنا، ولنا أن نتصور كمية الطاقة التي سنوفرها، إذا لم يأت الغذاء الذي نستهلكه من مناطق تقع على بعد آلاف الأميال".
وبالتالي يمكن لتغيير من هذا القبيل أن يمثل خطوة ذات مغزى في مكافحة التغير المناخي.


بتصرف عن DW
 

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن