"غدي نيوز"
تحتفل الأمم المتحدة اليوم الأحد (13-10-2013) باليوم العالمي للحد من الكوارث 2013 تحت شعار "العيش مع الإعاقة والكوارث"، حيث يعتبر الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة من بين أكثر المستبعدين في المجتمع، وتضخم محنتهم عند وقوع الكوارث.
يركز اليوم الدولي للحد من الكوارث هذا العام على ما يقرب من مليار من الذين يعيشون بشكل من أشكال الإعاقة، وضعفهم في مواجهة للكوارث.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت في 22 كانون الاول (ديسمبر) عام 1989، يوم الأربعاء الثاني من شهر تشرين الاول (أكتوبر) ليكون اليوم الدولي للحد من الكوارث الطبيعية، وواصلت الاحتفال بهذا اليوم العالمي بشكل سنوي خلال العقد الدولي للحد من الكوارث الطبيعية، من 1990 – 1999، ثم قررت في 21 كانون الاول (ديسمبر) عام 2010 تحديد 13 تشرين الاوا (أكتوبر) موعدا للاحتفال وتغيير اسم اليوم إلى اليوم الدولي للحد من الكوارث، والهدف من الاحتفال هو توعية الناس بكيفية اتخاذ إجراءات للحد من خطر تعرضهم للكوارث.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالته بهذه المناسبة إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم أكبر مورد لا يستفيد منه مخططو الحد من الكوارث في جميع أنحاء العالم، هذه كلمات قالها فيروز عليزاده، وهو شخص مبتور الطرفين من أفغانستان كان من ضمن الذين أجابوا على دراسة الأمم المتحدة التي كشفت عن قصص عديدة تروي براعة الأشخاص ذوي الإعاقة وحماسهم في إدارة المخاطر الناجمة عن الكوارث.
وثمة ما يزيد على بليون شخص في العالم من ذوي الإعاقة، ويعد الاحتفال هذا العام باليوم الدولي للحد من الكوارث فرصة لتعرف دورهم الحيوي في تعزيز القدرة على الصمود.
ولفت بان كي مون مون إلى أن معظم الأشخاص ذوي الإعاقة لم يشاركوا قط في إدارة مخاطر الكوارث ولا في عمليات التخطيط واتخاذ القرارات ذات الصلة، ويعانون من الوفيات والإصابات الناجمة عن الكوارث بمستويات عالية على نحو غير متناسب. وكثيرا ما تخفق نظم الإنذار المبكر وحملات التوعية العامة وسائر أوجه التصدي في مراعاة احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، ما يعرضهم لمخاطر عالية دون مبرر، ويوجه رسالة ضارة تفيد بعدم المساواة.
وأكد مون أنه يمكننا تغيير هذا الوضع من خلال إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في مبادرات مواجهة الكوارث وتخطيط السياسات.
وقد أقر اجتماع الجمعية العامة الرفيع المستوى المعني بالإعاقة والتنمية بالحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات بشأن هذه المسألة التي تتناولها أيضا اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وإشراك الجميع ينقذ الأرواح، ويمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من أخذ زمام المبادرة بشأن سلامتهم وسلامة مجتمعاتهم المحلية.
وأضاف "يمكننا أن نرى الآن مساهماتهم المحتملة فيما يقوم به العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة المرئية وغير المرئية في جميع أنحاء العالم الذين يعملون بالفعل كمتطوعين وموظفين يقدمون المساعدة إلى المجتمعات المحلية عند وقوع كارثة وعلى التكيف ومعاودة ممارسة الحياة بعد ذلك".
ودعا مون بمناسبة هذا اليوم للحد من الكوارث، وأن نعقد العزم على بذل كل جهد ممكن لضمان توافر أعلى المستويات الممكنة من السلامة لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة، وإتاحة أكبر فرصة ممكنة لهم كى يسهموا في رفاهية المجتمع بأسره، ودعونا نبني عالما شاملا للجميع يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة أن يؤدوا فيه دورا أكبر بوصفهم عناصر ثرية بالطاقات من أجل التغيير.
ويزداد ضعف الأشخاص الذين يعيشون مع الإعاقة كثيرا في أثناء الكوارث، لأنهم أكثر عرضة للفقر، مع محدودية فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والمأوى والغذاء والعمل قبل وقوع الأزمة.
ويعيش ما يزيد على مليار شخص معاق أو 15 بالمئة من سكان العالم مع نوع ما من الإعاقة، ورغم ذلك لا يوجد تمثيل مناسب في عمليات التخطيط للحد من مخاطر الكوارث ومنع الكوارث أو بناء مجتمعات قوية، ويغفل المخططون مساهمة الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمعات المحلية في مجالات التأهب والاستجابة للكوارث ما يدلل على انعدام إدماجهم ومشاركتهم في عمليات الحد من مخاطر الكوارث.
وغالباً ما يشعر المعاقون في العديد من الدول النامية التي تواجه وطأة الأضرار بأنهم "عديمو الفائدة" أثناء الكوارث وهم بحاجة إلى أن يفهموا دورهم وأن يطالبوا بالمشاركة، ويمكن للأشخاص الذين يعيشون مع العمى أو ضعف في الرؤية أن يكونوا أكثر فعالية في عمليات البحث والإنقاذ في الظروف التي تصعب الرؤية فيها على أشخاص آخرين.
ووفقا للمنظمة الدولية للمعوقين، لا يتعرض الذين يعانون من الإعاقة لحالات الذعر في أثناء وقوع زلزال (على سبيل المثال)، لأنهم معتادون على التعامل مع البيئات الصعبة اليومية مقارنة بالذين لا يعانون من إعاقة.
ويبدو أنه لا يفعل الكثير لتغير الحالة الراهنة للأشخاص الذين يعانون من الإعاقة، أو تبديد حالات الشك التي يعيشونها، أو تسليط الضوء على التهديدات التي يواجهونها في سيناريوهات الكوارث. ووفقا لتقارير إخبارية، رفض موظفون في ملجأ بكاليفورنيا دخول رجل عندما ضرب زلزال الولاية في عام 1994، لأنهم لا يستطيعون فهم لغة الإشارة.
وفقا للمنظمة الدولية للمعوقين، تجاهل متطوعون في مأوى دخول مصابين بالشلل الدماغى اعتقادا منهم أنهم كانوا تحت تأثير المخدرات، وأفيد أيضا أنه بعد كارثة تسونامي في المحيط الهندى في عام 2004، كانت هناك أمثلة كثيرة لأشخاص من ذوي الإعاقة عجزوا عن الهروب من الأمواج فغرقوا، ولم ينج سوى 41 من 102 ساكن من ساكني منزل في جالي بسريلانكا، حيث عجز كثير ممن فقدوا أرواحهم عن ترك فرشهم أو فشلوا في إدارك ضرورة الهروب.
وفي عام 2011 حكم قاضي اتحادي أن مدينة لوس أنجلوس لم تكن مستعدة لتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في حالة وقوع كارثة، وتم التمييز ضدهم بعدم شمل المعوقين في خطط التأهب لحالات الطوارىء.
ويجرى حاليا نقاش عالمي بشأن الحد من مخاطر الكوارث، واعتمدت هذه المناقشات على إطار عمل هيوغو، وهي خطة للحد من مخاطر الكوارث العالمية التي اعتمدت في العام 2005 لمدة 10 أعوام (حتى عام 2015)، لبناء قدرة الأمم والمجتمعات على مواجهة الكوارث.
ويعد إطار عمل هيوغو الخطة الأولى لشرح ووصف النهج الكلي للمجتمع للحد من الخسائر الناجمة عن الكوارث وآثارها.
ويقول الخبراء أن المعلومات المبكرة والتي يمكن الوصول إليها عن الكوارث الوشيكة ونشر المساعدات والإغاثة هي أمور ضرورية لتحسين برامج الحد من مخاطر الكوارث وبرامج الإغاثة للمعاقين.
من جهتها، قالت ميروسلافا تاتاريان وهي زميلة بحوث في المركز التي للأدلة حول الإعاقة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي أن الكثير من المخاطر التي يواجهها الناس في الكوارث تنجم عن الفقر والتهميش الاجتماعي، فالمكان الذى يعيشون فيه والمسكن الذي يقطنون به وقدرتهم على الحركة، كلها أمور مهمة للغاية عندما يتعلق الأمر بالمخاطر .
وأضافت تاتاريان أن الإعاقة البدنية قد تعنى أن يعتمد الناس على أناس آخرين لمساعدتهم في الحركة، وتعتبر المعلومات التي يمكن الحصول عليها بشأن السلامة الأساسية والتأقلم أمرا مهما.
وقد أثبتت الأبحاث أنه في أثناء الكوارث يكون المعاقون من بين أكثر الناس عرضة للخطر، وإذا أثرت إعاقاتهم على قدرتهم على الحركة أو الاتصال، فإنهم لا يكونوا فقط عرضة لخطر الموت أو الإصابة أو العزل، ولكنهم قد يكافحون أيضا من أجل الحصول على المساعدات الإنسانية والمعلومات حول خدمات الإغاثة المتاحة. وبينما يصعب على المعاقين الحصول على المعلومات، تكافح الوكالات الإنسانية أيضا لمعرفة احتياجاتهم.
وأوضح بحث قامت به منظمة "كريستيان بلايند ميشان"، وهي منظمة دولية للمعاقين في الدول النامية، أن المجتمعات والحكومات تنقصها معلومات عن احتياجات المعاقين وقدراتهم، لذلك كثيرا ما تستثنيهم من الخطط والبروتوكولات الخاصة بالكوارث.
وينبغى أن يكون المعاقون على دراية بالسبل التي تجعلهم أكثر قدرة على الصمود وبخدمات وممارسات الحد من المخاطر، وفي نفس الوقت يجب إبلاغ العاملين في المجال الإنساني بأماكن سكن المعاقين والطرق المثلى لإمدادهم بالرعاية.
ويقول الناشطون الذين ينادون بنقلة نوعية أنه يجب النظر إلى الأشخاص المعاقين ليس باعتبارهم متلقيين سلبيين للرعاية الإنسانية، ولكن باعتبارهم مشاركين على قدم المساواة في الحد من مخاطر الكوارث.
ويحث الميثاق الإنساني والمعايير الدنيا في مجال الاستجابة للكوارث (مشروع اسفير) الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني على تصنيف البيانات في تقييماتهم وبرامجهم وفي أدوات الرصد والتقييم عن طريق الإشارة إلى ما إذا كان هناك إعاقة أم لا، ولكن المنظمة الدولية للمعاقين انتقدت توصيات هذا المشروع، ووصفتها بأنها غير كافية لتوحيد مجموعة غير متجانسة بصورة كبيرة مثل المعاقين، ودعت إلى مزيد من التحديد: كالإشارة إلى نوع الإعاقة.
وأشار ناشطون في فيتنام أن بعض أنظمة الإنذار المبكر التي يشيع استخدامها، مثل الأبواق والأعلام، تقدم مساعدة قليلة للأشخاص الذين يعانون من إعاقة بصرية أو سمعية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه إطار عمل (هيوغو)، وهو اتفاقية تم توقيعها عام 2005 لتعزيز الحد من مخاطر الكوارث، على المساواة في الحصول على التدريب الملائم والفرص التعليمية للفئات الضعيفة، إلا أن هذا الإطار فشل في الإشارة بالتحديد إلى الإعاقة.
وقد عبر الخبراء الذين اجتمعوا في المنتدى العالمي للحد من مخاطر الكوارث في جنيف عن أسفهم لهذا الإغفال، وقالوا أنه من الواضح أن الإعاقة تضخم المخاطر في حالات الكوارث.
ومع قرب انتهاء إطار عمل (هيوغو) في العام المقبل، تجرى المشاورات حول الفترة ما بعد إطار عمل 2015 للحد من مخاطر الكوارث والتي تضمنت نقاشات مهمة حول وضع معايير المسودة الجديدة بحيث تصبح شاملة للإعاقة.
ووفقا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، لا يلتحق 98 بالمئة من الأطفال المعاقين في الدول النامية بالمدارس، وبالتالي قد يفوتهم تعلم برامج الحد من مخاطر الكوارث التي يتم تدريسها في المدارس.
وقد قام فريق عمل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" المعني بالعمل الإنساني الشامل بجعل الحصول على معلومات بشأن الخدمات المتاحة للأطفال المعاقين أحد المبادىء الرئيسية للفريق.
وفي أندونسيا، تقوم منظمة "أربيتر ساماريتر بوند" وهي منظمة رعاية اجتماعية ألمانية بإدارة برامج الحد من مخاطر الكوارث خارج أبنية المدارس، ويشمل ذلك تبادل المعلومات الأساسية وبعض التدريبات العملية للأطفال المعاقين.
وعلى الرغم من أنه لا يتم بصور منهجية تسجيل البيانات الخاصة بوفيات المعاقين أثناء الكوارث، إلا أن معدل وفيات الأشخاص المعاقين في أعقاب زلزال اليابان في آذار (مارس) 2011 الذى تم تسجيله بلغ ضعف معدل وفيات الأشخاص غير المعاقين.
وقال ديفيد سنغ من مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث أن معظم البيانات الأولية الأكثر دلالة التي تأتى من أكثر من 2000 شخص أكملوا الدراسة حتى الآن عبر الانترنت (في دولتين على الأقل) هى أن 70 إلى 80 بالمئة من المعاقين لم يشاركوا أبدا بأي شكل من الأشكال في برنامج للحد من مخاطر الكوارث.
وفي نيبال حيث يوجد تكهنات منذ فترة طويلة بوقوع زلزال كبير، وتحاول المنظمة الدولية للمعاقين تحديد المنظمات المعنية بالمعاقين في كاتامندو لتكون بمثابة نقاط اتصال للجهات الفاعلة الإنسانية في حال وقوع كارثة.
وقالت سارة بلين المدير القطرى للمنظمة الدولية للمعاقين في نيبال أنه في كلا حالتي التأهب والإغاثة من الكوارث يحتاج المعاقون إلى أن يكونوا قادرين على الحصول على المعلومات والخدمات مثل أي شخص آخر.
وتدعو استراتيجية حكومة نيبال لإدارة مخاطر الكوارث إلى تحديد أولويات برامج الحد من مخاطر الكوارث التي تستهدف المعاقين.
وفي الأماكن الأخرى تم تعزيز تقنية الهاتف المحمول لاستهداف الفئات الضعيفة من السكان بما في ذلك المعاقين والقائمين على رعايتهم.
ويوجد في باكستان برنامج للرسائل النصية يستخدم نظام ترقيم لتلقى الشكاوى يتراوح ما بين صفر إلى تسعة، وذلك لمساعدة الناجين من فيضانات عام 2011 في إقليم السند في جنوب باكستان، ويغطي هذا البرنامج المعاقين وأشخاص آخرين ممن لديهم معدلات منخفضة فيما يتعلق بالإلمام بالقراءة والكتابة حتى يتمكنوا بسهولة من إعطاء ردود أفعالهم عن جهود الإغاثة.
ويعد اليوم العالمي للحد من الكوارث عام 2013 فرصة للأشخاص الذين يعانون من الإعاقة في التعبير عن أنفسهم في المشاورات التي ستدرج بشأن إطار عمل هيوغو بعد عام 2015، وتهدف المشاورات لإيجاد إطار عمل جديد يخلف إطار عمل هيوغو الحالى ويأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص الذين يعيشون مع الإعاقة في سيناريوهات الكوارث المحتملة.