ما الذي يتسبّب بيباس أشجار الصنوبر؟

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Tuesday, October 22, 2013

مشكلة بيئية وزراعية تواجه المزارعين
ما الذي يتسبّب بيباس أشجار الصنوبر؟

"غدي نيوز" – أنور عقل ضـو

عادت أحراج الصنوبر لتكون من جديد في دائرة الخطر مع ظهور مرض يباس الأشجار، أحد أخطر أمراض الصنوبر، فأنى توجهنا نجد أشجارا معمرة تحولت إلى كتلة يابسة لا أثر فيها لحياة، ما يعد كارثة اقتصادية وبيئة ومناخية، خصوصا وأن شجرة الصنوبر تشكل العمود الفقري لاقتصاد المتن الأعلى وبعض مناطق عاليه وجزين والشوف، ما يعني تراجع الانتاج وتقلص المساحات الخضراء، فضلا عن أن كل شجرة صنوبر تنفث يوميا أكثر من 200 ليتر من الاوكسيجين، ما يؤشر إلى فقدان لبنان لاهم مقوماته الطبيعية والمناخية.
هذا المرض يعرف في المتن الأعلى بـ "سرطان الصنوبر"، وعودة انتشاره تؤرق المزارعين والعاملين في هذا القطاع الزراعي من أصحاب أحراج وضامنين ومستثمرين وتجار ومستفيدين من دورة الانتاج، فضلا عن أن الأشجار اليابسة تصبح وقوداً للنيران ولا سيما في هذه الفترة، أي في موسم الحرائق، بشكلٍ يتهدد ما تبقى من ثروة حرجية.
أما المشكلة الأشد خطورة فتتمثل في عدم تمكن المزارعين من مواجهة المرض، فهو يتطلب السرعة في التعامل مع الأشجار المريضة، وهذا غير متاح لأصحاب الأحراج بسبب القوانين التي تمنع قطع الأشجار حتى وإن كان قد تملك منها المرض.
وأشار رئيس "نقابة عمال ومزارعي أشجار الصنوبر في لبنان" فخري المصري لـ "غدي نيوز" إلى أنه عرض مؤخرا المشكلة مع وزير الزراعة حسين الحاج حسن، وقال: "ما يهمنا سرعة المعالجة لأن الشجرة المصابة تعد بؤرة لانتشار المرض، وأكدنا لمعالي الوزير أننا بحاجة إلى تسهيل القوانين لأن مأموري الأحراج ليسوا أكثر حرصا منا على هذه الثروة، وأنه لا بد إزالة الأشجار المريضة واليابسة من جراء الحرائق أيضا لأنها تصبح موطنا لآفات وحشرات تتهدد أحراجا بكاملها".
وأكد المصري أن "مواجهة مخاطر هذا المرض تتطلب قطع الشجرة المصابة وإحراقها بالكامل من أجل الحفاظ على غابة سليمة"، لافتاً إلى أنه "لكي نحصل على ترخيص يتيح لنا إزالة الأشجار المريضة فنحن بحاجة لشهرين أو ثلاثة وسط الروتين الاداري ما يعني انتقال المرض إلى أشجار سليمة"، وأشار إلى أن "الوزير وعدنا بمتابعة المشكلة لجهة تسهيل معاملاتنا من أجل محاصرة المرض بالسرعة المطلوبة ومنع انتشاره".
ومرض يباس أشجار الصنوبر ليس آفةً مستجدة في المتن الأعلى وسائر المناطق اللبنانية، إنما هو ظاهرة "لم تتمكن وزارة الزراعة من معالجتها منذ أكثر من عشرين عاماً"، بحسب ما أكد المصري.
وعرض لطبيعة هذا المرض، فأشار إلى أنه "ناجم عن دودة معروفة بدودة الصندل التي تعشّش في الأغصان وتأكلها، فتؤدي بالتالي الى يباس الشجرة"، وأكد أن "دراسات مخبرية عدة أُجريت على هذه الدودة، وتم إيجاد الدواء الكفيل بقتلها"، لافتاً إلى أن "وزارة الزراعة حاولت منذ سنوات عدة رش مبيدات كنا طالبنا بها وبمواصفات لا تؤذي النحل وسائر الحشرات النافعة، ولكنها لم تتمكن من تغطية الغابات اللبنانية بكاملها آنذاك"، واعتبر أن "الأمر يستدعي حالياً التفاتة من وزارة الزراعة، لمعالجة المشاكل التي تواجه أشجار الصنوبر، خصوصاً أن هذا القطاع يضاهي في أهميته قطاع السياحة، فشجرة الصنوبر من الثروات الجاذبة للإصطياف، كونها شجرة مناخية وبيئية، تساعد على تثبيت التربة ومنع انجرافها، كما أن لها فوائد طبية جمة، إذ ينصح بها الأطباء لمرضى الربو وغيره من الأمراض".
ويعرض مالك حرج صنوبر في بلدة رأس المتن لبعض الحلول التقليدية التي استخدمها لإنقاذ أشجاره، فتحدث عن طريقة "التقليم" حيث يقوم المزارع، في حال لم يكن المرض قد تمكن من الشجرة بكاملها، بقطع الأغصان المريضة وحرقها، أو بقطع الشجرة وحرقها كاملة في حال كان المرض متمكناً منها"، وفي كلتا الحالتين يقول المزارع "من المستحسن أن يصار الى طمر البقايا المحروقة لمنع انتقال المرض والعدوى الى الأشجار القريبة".
ويقول إحسان أبو الحسن، وهو مغترب، بنى منزلا محاطاً بعدد من أشجار الصنوبر: "تعمدت تشييد منزلي في هذا الموقع بالذات لأنه محاطٌ بالصنوبر، ولأنني رغبت بأن تعيش عائلتي في أجواء صحية، وتأثرت كثيراً عندما رأيت خمس أشجار يابسة، وأعلنت استعدادي لأي شيء يمكن أن ينقذ جمال الموقع، لكن دون جدوى".
أما فريد زيد الدين، وهو يمتلك حرج صنوبر يستثمره كموردٍ للعيش، فأعرب عن تخوفه من أن ينتقل المرض الذي أصاب عدداً من أشجاره الى سائر الأشجار، وبالتالي يساوره القلق على موسم هذا العام الذي "نعول عليه لتغطية حاجات الشتاء من وقود وأقساط مدرسية وغيرها".
وناشد سمير حسن وزارة الزراعة "الإسراع في إيجاد الحلول الناجعة لدرء الأخطار المحدقة بالأحراج حفاظاً على معالمنا الطبيعية من جهة، وعلى لقمة العيش من جهة ثانية".
أما يوسف الأعور، فينظر للمشكلة من منظارٍ شامل إذ يؤكد "أن هذا المرض الذي يصيب أشجار الصنوبر لا يشكل خطراً على المتن الأعلى فحسب، إنما هو خطرٌ يتهدد ثروةً أساسية في لبنان ومعلماً أساسياً من معالمه السياحية". ويشير إلى أنه قبل خمسة ثلاثين عاماً انتشر المرض إياه، وكانت هناك تقنيات تعتمدها وزارة الزراعة، حيث كان فنيو الوزارة يدربون المزارعين على كيفية مواجهة المرض، عبر التخلص من الأغصان المصابة وحرقها، أو قطع الشجرة التي يكون قد تملك منها المرض وحرقها أيضاً، منعاً لانتقال العدوى إلى الأشجار السليمة.
ويشكل مرض يباس الصنوبر مشكلة تفترض اهتماماً يوازي خطورته، ذلك أن المعالم الخضراء هي صنو لبنان وأحد أهم معالمه الطبيعية والسياحية والاقتصادية والمناخية، وتبقى المعالجة برسم وزارة الزراعة، لتبدد مخاوف المزارعين، ولا سيما أولئك الذين لا يملكون إلا شجرة الصنوبر سبيلاً للقمة عيش حرة كريمة.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن