جبهات الصيد العشوائي مفتوحة... وبسكنتا تحاول التصدي

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Monday, October 28, 2013

البلدية ترغب في تعميم الخطوة لأن المخاطر لا تتوقف على بيئتها
جبهات الصيد العشوائي مفتوحة... وبسكنتا تحاول التصدي

"غدي نيوز"

يوم صدح صوت فيروز عالياً: "يا حجل صنين"، لم يخطر ببال الكلمة واللحن والصوت وأصحابها والمندهشين باتساع أفقها أن تتحول الأغنية "آلة نداء" لجذب "القناصين" وبنادق الفتك بكل ريشة طير وكل فروة حيوان بري التجأ الى القمم العالية هرباً من كل مسلح، باطون كان أم آلات قتل وقتلة.
"آلات النداء"، زرعت الأعالي "كركرات" تحاكي الحجال التي ما أن تجاوبها حتى تهوي من فوق على إيقاع نيران فوهات بنادق الصيد و"كركرات" "بطولات" لم تفقه بعد أن حجل لبنان مهدد بالخطر وأن الهدهد على لائحة الانقراض وأن الثعالب التائهة من الزحف العمراني لم يعد لها في لبنان الجبال والوديان والسهول مرقداً آمناً وأن الحياة البرية في بيئة التنوّع التي كانت مميزة مهددة وأن التميّز الذي كان بالتوازن الطبيعي أصبح في خبر كان أو يكاد، وأن هواية الصيد ورياضة الصيد لم تعد في زمن زخات نار القناصين هواية ورياضة وفروسية.
حجل صنين، ليس وحده مهدداً، والحياة البرية في صنين وبسكنتا، ليست وحدها مهددة بعشوائية "القنص" ولا نقول الصيد، لأننا لا نزال نؤمن أن الصيد الحقيقي طراد ونزال وليس مباراة قتل عشوائي، ولأن بسكنتا ليست وحدها، أرادت، بإرادة ناشطين، أن تنتصر لحجلها وهدهدها وبواشقها وثعالبها وعصافيرها وأن تضع حداً لعشوائية الصيد لتبقى قمماً للحياة، عالية في بيئة مميزة، لذا رفعت الصوت، ناشطين وبلدية، جاوبتها وزارة البيئة، وأسست لرقابة أهلية بلدية أمنية عساها تفلح في الحفاظ على ما تبقى وتحوّل الأعالي من ساحات إطلاق نار الى ساحات تخييم واستمتاع بطير عابر وآخر محلق وحيوان بري باحث عن ركن آمن وعن استمرار للحياة.. نقول عسى بسكنتا تنجح فتكون نموذجاً لبلدات أخرى، تشكّل طبيعتها ممرات للطيور العابرة وبيئتها حضن للحياة البرية الى أن يأتي يوم يطبق فيه قانون الصيد ويعود الصياد صياداً.
ترزح طيور لبنان تحت وطأة الصيد العشوائي الذي يلاحقها عبر المواسم، ناسفا موائلها الطبيعية ومهددا بانقراضها، إن من خلال استخدام الماكينات وأساليب الصيد الجائر، بالحيلة أو بقصب الدبق أو حتى استخدام نماذج لطيور وهمية وغيرها من الأسلحة الفتاكة غير الشرعية.
وعلى الرغم من أن الصيد ممنوع في لبنان منذ عام 1996، فهو يسجّل "جبهات" مفتوحة في العديد من المناطق، علما أن قانون الصيد واضح في نصوصه وأن لبنان يقع على أهم ممر لهجرة الطيور بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. فالهدهد غير الموجود في أوروبا والفريد من نوعه في لبنان، هو للأسف على طريق الانقراض، إذ بقي منه واحد في المئة فقط، وكذلك حال البواشق. أما الحجل، فحدّث ولا حرج، يلاحقونه من موسم الشتاء وحتى الربيع، يصطادونه في أوقات تكاثره، طمعا بصحن من "كبّة حجل".
ولعلّ الكتاب الموجّه مؤخرا من بلدية بسكنتا إلى وزارة البيئة، والذي حوّلته بدورها إلى وزارة الداخلية والبلديات، للمطالبة بالتنسيق مع القوى الأمنية والتشدد في قمع مخالفات الصيد، فتح الباب واسعا أمام العديد من التساؤلات، فهل يجوز أن يبقى الصيد فلتانا مستشريا، يقضي على ثروة لبنان من الطيور والحياة البرية النادرة والمهددة؟ متى ينظم ويراقب قطاع الصيد؟ ومتى يستفيد لبنان من هواية ورياضة الصيد ومن هواة الصيد في كل المناطق، كي لا يبقى الصياد متّهما بأنه "قنّاص" والرياضة بأنها "قتل"؟!.

"البيئة": قانون الصيد واضح

وترى رئيس دائرة الأنظمة الايكولوجية في وزارة البيئة لارا سماحة أن "قانون الصيد واضح في نصوصه، حيث يولي قوى الأمن الداخلي وحراس الأحراج التابعين لوزارة الزراعة وحراس المحميات، عملية قمع المخالفات ومنع الصيد غير القانوني".
وتذكّر أن "موسم الصيد لم يُفتح رسميا هذه السنة، حاله حال السنوات السابقة، فهو ممنوع منذ العام 1996 ولغاية تاريخه، إلا أنه يحصل بطرق غير شرعية وغير قانونية. من هنا أهمية تنظيم الصيد، فلا يجوز منعه كليا ولا يجوز السماح فيه عشوائيا"، لافتة إلى أن "الموسم يجب أن يُحصر بين شهر أيلول (سبتمبر) وأواخر كانون الأول (ديسمبر)، حفاظا على عملية تزاوج وتكاثر الطيور وتعشيشها، وبالتالي على مسألة رعاية الطير الأم لصغارها".
وتشدّد سماحة على أنه "بامكان أي بلدية وأي مواطن التبليغ عن المخالفات التي ترتكب في منطقته، وتنظيم محاضر ضبط فيها لدى القوى الأمنية" موضحة أن "بلدية بسكنتا أرسلت كتابا إلى وزارة البيئة تطلب فيه التدخل لضبط عملية الصيد والتنسيق مع الفريق المولج بمراقبة الصيد البري. ونحن بدورنا لم نفوّض أحدا، إنما أرسلنا الكتاب إلى وزارتي الداخلية والبلديات والزراعة لأنهما المخوّلتان تنظيم محاضر ضبط بحق المخالفين، وذلك سعيا لتفعيل التنسيق مع البلدية".
وتوضح أنها لا تعلم بالضبط ماذا يحصل في بسكنتا، لكن إن كان ما يحصل صيد جائر، فهذا خطأ كبير".

ناشطون بيئيون: موائل وطيور مهددة

وإذ تكشف مجموعة من الناشطين البيئيين، أن "عملية الضبط الحاصلة لا تردع المواطنين عن الصيد في منطقة بسكنتا، حيث تستمر المجازر البيئية، بطرق وأدوات وأسلحة صيد غير شرعية من استخدام الماكينات والشبك والنصلية وأساليب الصيد بالحيلة وبقصب الدبق والخراطيش، على الرغم من وجود القوى الأمنية، وهذا مناف لقانون وزارة البيئة ويعدّ انتهاكا للنظم الإيكولوجية".
وتنبّه من أن "عددا من الصيادين الذين يقصدون هذه المنطقة يستخدمون أسلحة غير تقليدية من مثال سلاح بست ضربات وغيرها من الأعيرة الثقيلة، التي تحوّل الصيد من هواية إلى مجزرة حقيقية، فضلا عن التلوث البيئي الذي تحدثه من مخلّفات الصيد وعن الممارسات الأخلاقية المرفوضة"، مؤكدة أنهم بذلك "يطيحون بثروة بيئية وطنية باتت مهدّدة بالانقراض، مثل طيور الهدهد والباشق والحجل والحسّون وبعض الطيور الصغيرة، علما أنها طيور محلّية تبقى في بسكنتا وتتنقّل، وأنها تلعب دورا أساسيا في تنقية المنطقة من الحشرات والديدان".
وتتساءل المجموعة: "ما هي علاقة الثعلب، حتى يصطادونه؟ والأهالي اليوم يشكون من كثرة الفئران، التي كانت تأكلها الثعالب والبواشق، والتي بات اليوم القضاء عليها، محصورا بالحبوب السامة والرش، وهذا ما يزيد من أعباء وزارة الزراعة التي "طلعت" صرختها مع التكاليف الاضافية. وما هي علاقة طير السنونو الذي يأكل 4000 حشرة يوميا؟. المسألة للأسف لم تعد هواية أو ترفيها إنما باتت جريمة تُرتكب ليس فقط في بسكنتا، بل في كل تلال المتن الأعلى والشمال، وعلى طول خط بسكنتا، صنين، وادي الدلب، الزعرور، ميروبا، بتغرين، كسروان حيث النشاط الهائل في الصيد والمروج التي تعتبر أكبر نقطة للصيد".

فلتان مقنع

فالصيد، برأي هؤلاء الناشطين، قصة "فلتانة" وواقع مؤلم ومجازر مخفية، حيث نرى إبن 12 عاما وحتى أصغر يحمل البندقية ويصطاد من دون أي توعية أو إرشاد، علما أن بسكنتا مثلا تتميز بتنوع في الطيور، فالهدهد غير موجود في أوروبا وهو فريد من نوعه في لبنان، ولكنه للأسف على طريق الانقراض، إذ بقي منه واحد في المئة فقط، وكذلك حال البواشق. أما الحجل، فحدّث ولا حرج، يلاحقونه من موسم الشتاء وحتى الربيع، يصطادونه في أوقات تكاثره، طمعا بصحن من "الكبّة النيّة"، مضيفا: "هذا حرام، لا يجوز، إننا نفقد وطننا طيورا نادرة هامة لها منافع عديدة".
ويقول الناشطون: "إنها صرخة موجعة، فما علاقة البيئة بالمسار السياسي، علما أن هناك مناطق مفتوحة للصيد، ربما لأن تجار الأسلحة يسعون لكسب أرزاقهم، مستغلين الطريقة اللبنانية "إنو يلا ما حدا بحاسب وما في دولة".
ويؤكدون أن "تغاضي بعض البلديات وعدم حماسها للغوص في القضية وردع المخالفات، يبرره المعنيون بالعمل على تفادي المشاكل مع الأهالي وتجار الأسلحة، ما يعني أن البيئة كل مرة تدفع فاتورة المواطن، علما أنها ملك كل لبنان وليست حصة مواطن معين أو تيار سياسي معين".
وفي حين يكشف الناشطون أن "بلدية بسكنتا تنفذ دوريات"، يضيفون: "لكن لا يطلع بيد البلدية شيء، فالصيادون يتحجّجون بعدم علمهم بالقانون، علما أن وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناظم الخوري أعلن عبر الاعلام أنه لم يفتح موسم الصيد".
وتبقى الأولوية في بسكنتا برأيهم، "تفعيل الفريق المولج بمراقبة الصيد البري وتعزيز التنسيق مع القوى الأمنية للتشدد في ضبط المخالفات، وبالتالي توعية المواطنين حول أهمية الحفاظ على الموائل الطبيعية للطيور وتنشيط حركة المجتمع المدني في هذا الاطار، خصوصا أن الفساد مستشر في عدد من المراكز والادارات الرسمية والبلديات وأن المصالح للأسف تعلو على القانون والعلم والبيئة".

2014 محطة تنظيمية للصيد

ويحذّر مدير عام جمعية حماية الطبيعة في لبنان "SPNL" وممثل منطقة الشرق الأوسط في المجلس العالمي لحماية الطيور أسعد سرحال، من أن "الصيد العشوائي يفقدنا الكثير، خصوصا أن لبنان يقع على أهم ممر لهجرة الطيور على الكرة الأرضية بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، ولم تتمّ الاستفادة من موقعه سياحيا واقتصاديا، علما أن مراقبة الطيور هي القطاع الأكثر سياحة عالميا، بل على العكس تم استغلال الهجرة بالصيد".
ويقول: "ما يحصل اليوم هو إبادة للطيور وجريمة فظيعة بحق الطيور وبحق الصيّاد الملتزم الذي يحرص على اصطياد الطرائد فقط وليس تلك المهددة بالانقراض، حيث أن الصياد النظامي هو الملتزم بأخلاقيات وقانون الصيد والمحفّز على حماية المحميات الطبيعية وتأمين استدامة الصيد والحفاظ على الموائل".
ويأمل سرحال أن "تكون سنة 2014 محطة تنظيمية للصيد في لبنان، حيث من المرجح أن يصدر آخر قرار تطبيقي من أصل 12 قرارا متعلقا بقانون تنظيم الصيد 580/2004، والذي يقرّ التأمين الالزامي، فتكتمل بذلك آلية القانون ويُفتتح عندها الموسم وفق القانون الجديد، وهو يعدّ أحدث قانون على المستوى العالمي. ما يعني تنظيما جديا للصيد بعد 20 عاما من المنع، حيث تم المنع عام 1994 وبدأ رسميا عام 1996، وبعد اقرار قرارات رخصة الصيد والنوادي والطابع المالي واجراء الامتحانات ورخصة حمل السلاح".
ويؤكد أنه "لو تمّ تطبيق خمسين في المئة من القانون، يعتبر انجازا كبيرا. وقد دربنا أكثر من 400 عنصر من قوى الأمن الداخلي وحراس الغابات ومدراء المحميات والبلديات حول القانون. كما أصبح هناك دورة تدريبية online على الموقع الآتي: www.sayd.com، بحيث تقدم إليها لغاية تاريخه أكثر من 6 آلاف شخص، يعمل على ملء الاستمارة والاجابة على 20 سؤالا. ويعتبر هذا امتحانا تجريبيا قبل الخضوع للامتحان الرسمي".
ويكشف سرحال أن "الجمعية ستصدر قريبا خريطة للأماكن المسموح فيها بالصيد، تنجز هذه السنة، وذلك بالتعاون مع وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP" وجامعة البلمند، سعيا لتسهيل عمل قوى الأمن فيما يتعلق بتطبيق القانون".
ويضيف: "بدأنا بانشاء مركز الصيد المستدام في لبنان والشرق الأوسط في البقاع، وننظم كل أسبوع دورة تدريبية للنوادي المعترف فيها، وسوف نستهدف تجار الأسلحة والخرطوش الذين باتوا يدركون أن الصيد العشوائي والصيد بالليل على الاضاءة هو ابادة للطيور، لا تجوز وبالتالي كل مصلحتهم تتوقف مع انقراض الطيور. وقد اقترحنا على نقابة تجار الأسلحة والخرطوش أن يتم كتابة سطور توعية على علبة الخرطوش مثلها مثل الدخان، بعدم جواز صيد الطيور المهدّدة".
ويعلن سرحال أن "أحد المصارف سيصدر "بطاقة الصياد" التي تعتبر بمثابة قرض مسهّل للصياد النظامي فقط، يؤمن له تكاليف اجراء الفحص ودفع رسم الامتحان وشراء بطاقة حمل سلاح من وزارة الدفاع ورخصة صيد من وزارة البيئة وكلفة التأمين الالزامي. كما يحصل معها على جوائز تشجيعية مكافأة له".
ويشيد بـ "مبادرة بعض البلديات والمواطنين الذين عمدوا إلى تنظيمى ورعاية عددا من الحمى الطبيعية لتنظيم الصيد المستدام مثل حمى الفاكهة في منطقة البقاع الشمالي وحمى عندقت في عكار وحمى قيتولي في جزين"، لافتا إلى أن "البلدات المحيطة بمحمية أرز الشوف ترغب بمنع الصيد، وهناك خيار لدى البعض بتخصيص أماكن معينة للصيد مثل خرائط استعمال الأراضي".
ويأسف سرحال كون "55 ألف موقعا الكترونيا على الكرة الأرضية تطرق إلى قضية قتل اللبنانيين لـ"عقاب بونييلي" الذي يعيش 30 عاما".

بلدية بسكنتا: نرفض استنسابية التطبيق

ويشدد رئيس بلدية بسكنتا طانيوس غانم على أنه "لا يجوز تطبيق القانون على بسكنتا دون غيرها، فإذا كان الصيد مسموحا ليتم السماح فيه على مستوى كل لبنان وإن كان ممنوعا فليُمنع في كل المناطق. أما بالنسبة لمخالفات الصيد فقد وجّهنا كتابا إلى وزير البيئة، ونحن نحرص على قمع المخالفات، لكن لا أن تتم بشكل يمنع السياحة في منطقتنا، في وقت يستمر فيه الصيد في باقي المناطق".
ويقول: "نحن نخضع للقانون، ونضع كل تعاوننا مع قوى الأمن الداخلي لضبط المخالفات ومع وزارة البيئة والجمعيات البيئية، ولكن لا يجوز تفسير الكتاب بشكل سيء، فنحن لا نريد أن تتحول مسألة قمع المخالفات إلى تعسف في القمع وتعدٍ على حرمات المنازل لمصادرة ما يربّونه مثلا من طيور، متغاضين عن محلات بيع الطيور وكذلك تجار الأسلحة. فإما أن يكون التدبير شاملا وساريا على جميع الأراضي اللبنانية وإما ألا يكون".
ويشير غانم إلى أن "مخاطر الصيد العشوائي لا تتوقف على بسكنتا فقط، إنما تطال جميع المناطق اللبنانية، ففي شتورا نرى الصيادين واقفين بالصف".

سارة مطر عن "المستقبل"


 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن