حملات تشجير مليونية والأخضـر الى تناقص

Ghadi news

Sunday, April 17, 2011

باسكال عازار – عن "النهار" الأحد 17 نيسان 2011

هل صارت حملات التشجير موضة؟ وهل أفادت من تظاهرات الأرقام المليونية؟ كل حملة تعلن أنها تهدف الى زرع مليون شجرة، لكن نسبة الأخضر في لبنان في تناقص مستمر، فأين تذهب «ملايين» الأشجار وعشرات الحملات التي نشاهدها في الإعلام؟ هل هي في الاعلام فقط؟
يقول مدير التنمية الريفية والثروات الطبيعية في وزارة الزراعة الدكتور شادي مهنا حيال الموضوع في إحدى مقابلاته مع "النهار"، "لو عاشت الشتول التي زرعناها لكنّا نحرّج البحر حالياً". الحملات كثيرة، وما كم احصاء لها، وليس هناك من جهة رسمية تمسك بالملف. لم يكن التحريج من مهمات وزارة البيئة لكنه بات كذلك بعد قرار أصدرته الحكومة في العام 2001، بحسب ما أوضح مدير مشروع التحريج في الوزارة غارو هاروتيونيان "وخصصت حينها مبلغ 25 مليار ليرة لبنانية سنويا على مدى خمس سنوات للوزارة خارج موازنتها لصرفه في مجال التحريج". بعد صدور القانون باشرت الوزارة وضع "الخطة الوطنية للتحريج"، حددت عبرها المناطق المؤاتية لزرع الغابات والأصناف الممكن الإعتماد عليها. وعلى ضوء الخطة أنجزت الوزارة أوّل مرحلة على فترة سنتين من 2002 حتى 2004 ثم نفذت المرحلة الثانية من 2004 حتى 2006 ولم تكتمل كما يجب بسبب حرب تموز (يوليو).
وشهدت المرحلتان نجاحات وإخفاقات "تعاقدت خلالها الوزارة مع شركات خاصة ومشاتل وجمعيات وخبراء، في حين اقتصر دور البلديات على تسهيل الأمور... الإخفاقات التي واجهناها مردّها قلة اهتمام البلديات لأنها اعتبرت نفسها غير معنية، قد لا يكون هذا السبب الوحيد للفشل لكنه واحد منها".
نظراً لهذه العثرة "توقفت الوزارة بين عامي 2006 و2009 عن التحريج، واكتفت بإعادة النظر في الخطة. في 2009 أطلقنا بالشراكة مع الـUNDP وبتمويل جزئي من مشروع Global Environment Facility
Safe guarding and restoring Lebanon’s woodland resources
يهدف المشروع إلى مساعدة وزارة البيئة في موضوع التحريج قدر الإمكان ويتخذ في الوقت عينه طابعاً علمياً وبحثياً، إذ نختبر عبره بعض التقنيات الجديدة". وأضاف "في منتصف 2009 اقترحنا على وزير البيئة السابق التعاقد المباشر مع البلديات، تجاوبت الأخيرة معنا باعتبار أن الموضوع يناسبها لأنها ستشارك في صنع القرار...". وأضاف: "وقّعنا 41 عقدا مع البلديات المهتمة، وتمتد الفترة الزمنية للعمل من 2011 حتى 2013 سنزرع خلالها اعداداً من الهكتارات. وتعتبر أهم حملة في تاريخ الوزارة، ونحن في انتظار استكمال الأوراق لدى وزارة المال". وأوضح "سنزرع بموجب هذه الحملة 185 هكتارا، 800 غرسة في الهكتار الواحد وندفع مقابل كل غرسة 13 ألف ليرة مما يجعل الكلفة النهائية للحملة مليار و924 مليون ليرة لبنانية، ما يعادل مليون و283 ألف دولار أميركي". كذلك كشف عن أن الوزارة "تحضّر لمشروع مع الأميركيين تبلغ قيمته نحو 12 مليون دولار، بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومن تنفيذUnited States Forest Services ". ورحّب بأي جهة ترغب في تنظيم حملة تحريج، متمنياً "أن تكون الحملة مدروسة حتى تعطي نتيجة. نعرف أن هناك حملات ناجحة وأخرى غير ناجحة ربما لأنها غير مدروسة بطريقة كافية أو لأن هدف القائم بالحملة هو الدعاية الإعلامية... نحن مستعدون لتأدية الدور، وفي إمكاننا وضع خبراتنا بين أيدي المهتمين". ولفت إلى أن الوزارة "لا تملك إحصاءات عن عدد الحملات، وإن كان هناك من إحصاء فأنا لا املكه». أما إذا كان الوضع فوضوياً ويخلّف آثاراً سلبية، فأجاب «الوضع غير فوضوي ولكنه في حاجة إلى تنسيق أكبر".

حملة وزارة الزراعة

لوزارة الزراعة أيضاً حصتها في مجال التحريج. شرحت رئيسة دائرة الحدائق والمراعي في الوزارة زينة تميم الآلية المعتمدة "إذ تعمل الوزارة على التحريج في مناطق معينة بناء على طلب تقدّمه البلدية أو جمعية أو المراكز الإقليمية التابعة للوزارة والموزعة في المناطق التي تنقل إلينا الصورة".
بعيداً من طلب البلديات او الجميعات، تعمل الوزارة ضمن خطة استراتيجية لزيادة المساحة الخضراء "تبلغ مساحات غاباتنا 13,4%، وهناك 11% عبارة عن أراض حرجية قابلة للتحوّل إلى غابة إن سمحنا لها بذلك. قررنا العام الماضي رفع نسبة الـ13,4% إلى 20% إما عبر الزرع وإما عبر السماح لـ11% بالتحوّل إلى غابات". وأوضحت أن "الوصول إلى نسبة 20% لن يعتمد كثيرا على نسبة الـ11% لأن الناس قد لا تقبل تحويل أحراجها إلى غابات، فجزء من هذه الاحراج هو ملك خاص... قدمنا هذه الإستراتيجية إلى الحكومة وتم التوافق عليها، لكن ننتظر إقرارها ربما مع الحكومة الجديدة". وتتضمن الخطة أكثر من محور "أولا حماية غابات الدولة، إذ هناك غابات تابعة للدولة لكن حدودها غير محددة، مما جعل البعض يضعون أيديهم عليها. تشكلت لجنة في الوزارة لتحديد وتحرير غابات الدولة، ويتم وفقا لذلك مسح الغابات وترسيم حدودها لحمايتها من الرعي والحرائق وغيره". وأضافت: "نطلب من البلديات التعاون معنا حيث يوجد غابات تابعة للدولة، لوضع خطة إدارة للغابة تشمل حمايتها وحسن إدارتها وتنظيمها".
تنص الخطة في شقها الثاني على "تنمية الأراضي الحرجية وهي تشكل 11%. في بعض الحالات قد لا تسمح طبيعة الحرج بتحويله غابة حتى ولو قمنا بحمايته فقدرته تقف عند حدود معينة. في المقابل، تملك بعض الأحراج القدرة في التحول إلى غابات إن وفرنا لها الحماية".
أما النقطة الثالثة في الخطة فتتناول "التحريج ضمن أملاك الدولة والمشاعات، في هذا الجزء نضطر إلى إنتاج الشتول عبر مشاتلنا في الوزارة، ومن ثم التحريج ضمن الخطة التي وضعناها. طالبنا كل المراكز الإقليمية التابعة للوزارة بالتعاون مع البلديات بتعيين الأراضي المؤهلة للتحريج. فأحيانا قد يقترح أحدهم تحريج منطقة ليتبين أن السكان غير راضين عن تحريجها، لذا يجب الإتفاق مع سكان المنطقة لناحية تحديد الرقعة الممكن تحريجها وحمايتها، فبعد ثلاث أو أربع سنوات على الغابة أن تستمر بمفردها من دون أي تدخل منا". وأوضحت ان "المعلومات التي توفرها المراكز الحرجية تتضمن معطيات تحدد حاجة المنطقة إلى التحريج وإن كان أحدهم قد حرّجها سابقاً حتى نحوّل جهودنا للعمل في أماكن أخرى". وأوضحت أن "مجهوداً كبيراً في مجال التحريج موزع بين الوزارات والمهتمين، ولا بد من أن تمسك جهة معينة بكل ما يتعلّق بالموضوع، المهم في النهاية أن نصل إلى الهدف المنشود ولكن لا بد من جهة معينة تحصر المهمة بها. من جهتي أفضل أن تكون وزارة الزراعة القائدة في هذا المجال لناحية جمع المعلومات عن ما يحصل على الأرض...". وحددت هدف الخطة "بتحريج 500 هكتار سنوياً انطلاقاً من السنة حتى 20 سنة مقبلة، وتنفيذ الخطط التنظيمية للأراضي الحرجية الأخرى هي 250 هكتاراً سنويا لمدة 20 سنة أيضاً. خلال الفترة المذكورة سنكون قد منحنا أنفسنا فرصة التعلم من الدروس التي سنصادفها وتصحيح الأخطاء. إنها خطة طويلة الأمد تقوم على الاستمرارية وتعاون الناس مع اعتيادهم على فكرة أن هذه الأرض هي لهم".

المجتمع المدني

تعمل الجمعيات بثقل كبير في ما خص الموضوع ولأنه يستحيل الإحاطة بالكم الهائل من الحملات التي ينظمها المجتمع المدني سنتوقف عند أبرز حملتين.
أشارت المديرة العامة لجمعية "الثروة الحرجية والتنمية" AFDC سوسن أبو فخر الدين إلى "حساسية موضوع التحريج لأن كل وزارة لها علاقة من قريب أو من بعيد بموضوع الغابات تعمل على التحريج بشكل منفرد للأسف وما من تنسيق بينها". ولفتت إلى أن "لا أحد يملك الحق الحصري لتنظيم الحملات، الأمور (فلتانة) كما يقال، فعلى الرغم من أن الغابات تشكل موردا أساسيا إلا أننا لا نملك قانونا ينظم أمورها، وبالتالي كل من في إمكانه تأمين الشتول يقوم بالتحريج أكان له الخلفية العلمية المطلوبة أم لا". وأسفت إلى كون "البعض يأتون بالنصوب من الخارج، على الرغم من أن مشاتلنا في إمكانها توفير المطلوب... إن ملف التحريج مصاب بفوضى كاملة، وعلى الرغم من إطلاق بعض المبادرات من قبل بعض الوزارات لتنظيم الموضوع، إلا أننا لم نلمس ما هو عملي على الأرض، فالتحريج حق مشاع للجميع وهذا ليس بمؤشر جيد". وحددت الحملات الأساسية في البلد بالتالي: "حملة وزارة البيئة وحملة وزارة الزراعة، وقد أطلقت وزارة الشباب والرياضة اخيراً حملة تشجير كون الشباب في إمكانه التطوع للقيام بهذا العمل والحملة الوطنية لزيادة البقعة الخضراء في رعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان". وأضافت "هناك أيضا حملات من مبادرين في القطاع الخاص والقطاع الأهلي. أما نحن فانطلقت حملتنا في العام 1993، وهذه السنة سنقوم بتحريج 40 هكتاراً بالتعاون مع البلديات من مختلف المناطق ومنظمة (الفاو) ووزارة البيئة. إلى ذلك هناك نحو 15 مؤسسة تشارك معنا ضمن برنامج سنوي تتكفل بموجبه بتحريج قطعة أرض بمعدل هكتار أو هكتارين، فيقدمون الكلفة المادية ونوفر نحن التحريج".
وتطرّقت إلى الحملات التي تنظمها الأحزاب بالقول "حرام العمل بهذه الفوضى، أنا متأكدة من أن النيات طيبة فمن يغرس الملايين من النصوب لا يمكن إلا أن تكون نيته طيبة، ولكن ما من راع رسمي يوجه من يرغب في التحريج، لا بد من جهة توجّه الراغبين في ذلك".
بدوره كشف مدير "الحملة الوطنية لزيادة البقعة الخضراء" والعضو في جمعية "لبنان أخضر من جديد" ربيع سالم عن أن "لبنان في الستينات كان لبنان الزراعي ولم يكن يوما لبنان الحرجي. إن الـ13% التي يتحدثون عنها كانت تشكل النسبة عينها في الستينات وبالتالي لم تكن 35 أو 40%... وما يؤكد هذه النظرية، الجلول التي ظهرت في المناطق المحترقة حيث الأحراج المعمّرة". ويعطي سالم نظرة تفاؤلية عن الوضع: "لبنان في حاجة إلى زيادة البقعة الخضراء لكنه لا يعاني نقصاً في ثروته الحرجية بل على العكس هناك زيادة في ثروته الحرجية".
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن