وزير البيئة محمد المشنوق في حوار مع "غدي نيوز"

wowslider.com by WOWSlider.com v8.6

Thursday, May 19, 2016

:'وزير البيئة محمد المشنوق في حوار مع "غدي نيوز
التحاذب السياسي أدى إلى عدم قدرتنا على تأمين المطامر

fiogf49gjkf0d

''غدي نيوز''

 

في لقائنا مع وزير البيئة محمد المشنوق تأخذنا الصراحة إلى أبعد الحدود، وينحو الحوار ليكون شفافا رغم ضبابية المشهد السياسي وما يحجب الحقائق عن المواطن، وليس بغريب أن تكون أزمة النفايات في لبنان بعضا من ضبابية السياسة والتباساتها، وبعضا فساد السلطة المتحكمة بمرافق ومؤسسات الدولة، وأن ثمة من أراد التوظيف والاستثمار في النفايات، ولو حساب أزمة طالت أكثر من احد عشر شهرا، وطاولت المواطن في كرامته وصحته ومستقبله.
وحضرت في اللقاء الكثير من الأسئلة، ومنها كيف – وبسحر ساحر – وجدت الأزمة طريقها إلى الحل المؤقت؟ ولماذا لم يكن مقبولا الحل يوم استبدت الأزمة وتصدرت النفايات لبنان؟
اسئلة أجاب عنها الوزير المشنوق، وكان هذا الحوار نابضا بالمودة، وحاملا هواجس مشتركة.
وفي ما يلي نص الحوار:

"غدي نيوز": معالي الوزير كيف تنظرون اليوم إلى الواقع البيئي في لبنان؟

محمد المشنوق: الوضع البيئي اليوم أفضل، على أساس أن النفايات التي كانت منتشرة في جميع المناطق، في بيروت وجبل لبنان، أصبحت تقريبا غير موجودة، بمعنى أن هناك حوالي ثمانمئة ألف طن تم رفعها من الأراضي وطمرها في مطمر الناعمة، هذا مؤشر جيد، لم يعد هناك من نفايات قديمة على الأرض، طبعا هذا زعج الناس أساساً، لأنه عند تحريك النفايات تصدر منها روائح، اليوم لم يعد هناك رائحة، وبالتالي، إن شاء الله يتمكن الأهالي من نسيان هذه الأزمة التي مر بها البلد، المهم أن نكرس اليوم الحل المؤقت قبل الوصول إلى الحل المستدام، الحل المؤقت، وهو الكنس والجمع واللم والمعالجة والفرز من المصدر والتدوير والتسبيخ، وهذا ما لا بد منه في الدورة المعروفة عن معالجة النفايات، عندها يكون الطمر قليلا، وهناك مطامر موجودة، إن كان في منطقة "الغدير" التي تعرف بـ "الكوستابرافا"، وإن في منطقة برج حمود – الجديدة – سد البوشرية، وهذه المنطقة تضم مطمرين صغيرين نسبيا، ولكن يستوعبان كميات مهمة، الهدف كله إقامة نظام يعتمد على المواطن أولا في معالجته البيئية، الأولى لما ينتجه هذا المواطن من نفايات، بمعنى أن المطلوب من المواطن التخفيف من نفاياته لا أن يشتري بكميات كبيرة ويرمي منها الكثير، وأن يستهلك ويشتري حاجته، لأنه لا يمكن أن نستمر بزيادة النفايات، وتخفيفها من هذه الجهة ضروري، وتاليا فرز النفايات من المصدر، أي من المنزل وهذا أمر ضروري، ونضطر هنا للقول إلى أن المقصود هنا ليس أي نوع من الفرز، وإنما الفرز الذي يعني أخذ مواد لإعادة التدوير تكون نظيفة، وليس "كرتونا" عائما بالمياه والعصارة، بمعنى أن على المواطن أن ينتبه في هذا المجال، لأن التدوير لاحقا ينتج ويحقق أموالا، ومن ثم يأتي الفرز الآخر الذي تقوم به الآلات في معامل المعالجة، ثم نذهب إلى التسبيخ، أي "الكومبوست" الذي يمكن أن ينتج لنا شيئا جيدا، وما يتبقى بعد ذلك يكون ضئيلا، وهناك نوع من العوادم يمكن طمره دون أية مشاكل. هذا الجزء الذي نعتبره مؤقتا لمدة ثمانية عشر شهرا، والعمل به سيصل لغاية أربع سنوات في حال اعتمدنا سياسة التفكك الحراري المقررة منذ سنة 2010، وعاد وجدد مجلس الوزراء موقفه منها، واستطاعت شركة "رامبول" أن تحضر الدفاتر، التي تفرز فيها وتقوم بعمليات التصنيف للشركات التي من الممكن أن تشترك، وبنفس الوقت أعدت ملفا للتلزيم، وهو ملف جيد، تتم مناقشته الآن في لجنة برئاسة وزير الداخلية، وهنا يجب أن يكون معروفا أن الحلول المؤقتة والتي تجري مناقصات لأجلها سريعة، بالنسبة للكنس والجمع والمعالجة والطمر خلال الثمانية عشر شهرا، والتي من الممكن أن تمتد لأربع سنوات، وتتم أيضا من خلال لجنة برئاسة وزير الداخلية وممثلة فيها الوزارة، ولكن من يقوم بهذه المناقصات هو "مجلس الإنماء والاعمار"، هذه هي الصورة بشكل عام، ومعظمها يتناول بيروت وجبل لبنان.

"غدي نيوز": وماذا بالنسبة لباقي المناطق؟

محمد المشنوق: بالنسبة لباقي المناطق، لا شك أن هناك مجموعة من المعالجات التي تتم، منها بمساعدة من "الاتحاد الأوروبي"، ومنها بمساعدة بعض الدول التي أنشأت مصانع للفرز والتسبيخ والتدوير، وهذه موجودة، والبقاع تقريبا مغطى بالكامل، وهي موجودة في الشمال، والان يجري العمل في هذا المجال في عكار، وفي الجنوب موجودة في عدة مواقع، وما تزال هناك نواقص يمكن أن تستكمل، هذا الأمر وبالنسبة لسياستنا حياله يجب أن يطبق لجهة أن للمواطن دورا في معالجة النفايات، ويهمنا دوره كمواطن مع البلديات، مع الاعلام، مع المجتمع المدني لمراقبة هذه العملية وتأمين نجاحها.

"غدي نيوز": لقد تمكنا كـ "جمعية غدي" من إطلاق برنامج Green Teacher Green School في العام 2002 وهو يلحظ تربية التلامذة على الفرز من المصدر في المدارس، ولا نزال مستمرين بهذا البرنامج لأننا ندرك أهمية التربية البيئية، أين دور وزارتي البيئة والتربية لجهة إدراج البيئة كمادة أساسية ضمن المناهج المدرسية في لبنان؟

محمد المشنوق: أدخلنا هذه البرامج، ومجلس البحوث التابع لوزارة التربية عمل كثيرا على مواضيع البيئة ووضعت ضمن المناهج، وضمن الكتب، وموجودة في قصص المطالعة التي توزع، نحن تمكنا من تحقيق نجاحات مهمة جدا في السنتين الماضيتين، عندما كنا نواجه مشكلة المياه في الصيف، وعملنا مع اتحاد المؤسسات التربوية والمدارس، وقلنا للمعنيين أن عليهم أن يتركوا الأطفال ليقوموا هم بعملية التوفير بالمياه، وفي الحقيقة تمكنوا من إقناع أهلهم للتخفيف من استهلاك المياه، وكان هناك تجاوب كبير، ووصلتنا نماذج عما قام به تلامذة في هذا المجال، فضلا عن دور التلامذة في مكافحة الحرائق، لأن لدينا (خط ساخن 1789) وكنا نتلقى اتصالات من أولاد تتراوج أعمارهم بين 10 و 12 سنة للإبلاغ المبكر، وعندما يتم الإبلاغ عن الحرائق فور نشوبها يمكن مكافحتها، وبالفعل تراجع العدد المرصود للحرائق من 800 إلى 400 حريق، وهذا دليل على أهمية دور المواطن، فضلا عن أن الشباب ولأطفال قادرون على استيعاب هذا الدور أكثر، وبيئتنا وطننا، وشعاري "بيئتي وطني"، وهناك دور مهم للمواطن، فمن يلوث يستطيع أن يخفف التلويث، ويجب أن تستمر علاقة المواطن بالمعالجة البيئية كل يوم، ويجب أن نسأل دائما في هذا المجال، وألا يطمئن المواطن إلى أن ثمة من يأخذ النفايات، وكما نسأل عن الكسارات ومنع المرامل والتلوث بالانهار وفي الهواء والانبعاثات والشواطىء، علينا أن نسأل أيضا عن النظافة والنفايات ونعتمد الفرز الذي تطبقه البلديات، وهناك مشاريع جميلة جدا تطبقها الجمعيات على الأرض بالتعاون مع البلديات واتحادات البلديات.

"غدي نيوز": في هذا المجال، ما الذي تغير في السياسة بين البارحة واليوم؟

محمد المشنوق: سأقول لك أن ما غير السياسة من حوالي أحد عشر شهرا أو عشرة أشهر إلى اليوم، هو أن ما حصل اليوم كنا نطالب السياسيين به، لكنهم أفشلونا، وبصراحة التحاذب السياسي في ما بينهم أدى إلى عدم قدرتنا على تأمين المطامر، وكلنا يعلم انه بالنسبة الى النفايات ومن دون أن تكون هناك مطامر صحية لا يمكن معالجتها، مهما كانت الطريقة التي نعتمدها، حتى التفكك الحراري بحاجة إلى مطامر، حتى الـ "بيوغاز" وكل التطبيقات الموجودة بحاجة لمطامر، ما أتأسف لقوله أن جميعهم رفضوا المطامر الصحية، وهنا أقول أن مطمر الناعمة من أهم المطامر الصحية عالميا، ليس من خلال تقريرنا، وإنما من تقرير منظمة الصحة العالمية World Health Organization (WHO)، وهذا يعني أننا نعمل على أسس صحيحة. حرقت محطة العمروسية، وصارت ترمى فيه نفايات Fresh Waste، وهذا ما أدى إلى بعض المشاكل، لكن بصراحة، التجاذب السياسي دفع الناس لرفض المطامر والقبول بالمكبات العشوائية، للأسف هناك نحو 700 مكب عشوائي، وعلى مدخل كل بلدة تقريبا، وبعد الانتخابات البلدية أنتظر ان يرفع رئيس بلدية صوته ليقول "سأقفل المكب"، ولكن لا أحد سيقول ذلك، لانهم تعايشوا معه، وهناك القوارض والأفاعي والعقارب، وتحرق النفايات من وقت لآخر ويلوثون البيئة والمياه الجوفية، ويعودون لرمي النفايات من جديد، وبرأيي أن هذا التآخي مع واقع الحال مسيء للمواطن ولقيمة المواطن، وبصراحة يجب أن يعلم الجميع أنه لا يجوز بعد الآن ترك هذا الموضوع على غاربه، هناك ناس اعتادوا عليه وهناك من استثمره، لنتفق أن هناك من استثمر هذه المكبات.

"غدي نيوز": هنا، أين دور وزارة البيئة؟

محمد المشنوق: بالنسبة لدور وزارة البيئة، وزارة البيئة ليس لديها عسكر، أنا أحولهم إلى المحامي البيئي، ويتم إيقافهم، ويقفل المكب بالشمع الأحمر، بعد أسبوعين يعاد رمي النفايات في الليل، ومن ثم لا يعود أهل البلدة يشكون منه، وهناك استفادة من رمي النفايات، مع كل نقلة شاحنة يحصلون على 20 دولار، وهذه حلقة مفرغة.

"غدي نيوز": وماذا عن مشروع الضابطة البيئية؟

محمد المشنوق: موجودة، وصدر القانون، ونعمل الآن على المراسيم ونعجل فيها، وهذا أيضا يتطلب موازنة وعناصر. وزارة البيئة تعمل، وهناك أمر مؤسف لجهة أن هناك 65 بالمئة من عديد وزارة البيئة شواغر، ونحن حتى الان حتى وافقوا على 27 شخصا أخصائيين وإداريين وغيرهم، حتى لم يكن لدينا عناصر لمتابعة دراسة الأثر البيئي، وكنا نتأخر كثيرا في هذا المجال، وهذا لا يجوز، فالبيئة في لبنان في خطر اليوم، الحمدلله أنه تأتينا مساعدات في مجال البرامج الخارجية، واستطعنا من خلال هذه البرامج أن نعالج الكثير من القضايا.

"غدي نيوز": ستكون لدينا الكثير من اللقاءات في سياق متابعتنا لدور وزارتكم، لكن نريد منك كلمة أخيرة لـ "غدي نيوز"؟

محمد المشنوق: المسيرة الخضراء بخير، تابعوا، وأي شيء في لبنان اليوم ومن أجل أن يتحسن يجب أن تكون البيئة حليفته، هناك أناس يعملون في الاقتصاد الأخضر، هناك أناس بيئيون نقدم لهم شهادات تقدير، وهناك من يعملون على الأرض وينتجون ويناضلون على الأرض، ولا أحد يعرفهم وليسوا بطالبين أن يعرفهم أحد، هذا هو الشغف بالبيئة، لا يمكن لأي مواطن أن يعش بدون بيئة، نحن نتغنى بلبنان، فلنعيده كما كان بلدا أخضر، إذا ما نظرنا إلى لبنان نجد أن هناك كسارات ومقالع ومشاحر، وبالنهاية هذا الوطن سيعيش فيه أبناؤنا، وعلى الأقل، لنترك لهم بلدا جميلا يتباهون به.

أجرى الحوار – فادي غانم
 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن