خاص "غدي نيوز" – سوزان أبو سعيد ضو

وجد في أصقاع سيبيريا وبالتحديد في "كهف داينسفوفا" the Denisova Cave (في سلسلة جبال آلتاي  Altai Mountain range) وقرب بقايا بشرية قديمة في العام 2008 سوارٌ لونه مائل للأخضر، قُدر عمره وقتذاك بحوالي 40 ألف عام، ليجد العلماء الروس في ما بعد أن عمره يتجاوز 65 ألف عام وقد يكون 70 ألف عام، ويعتقد العلماء أنه أقدم قطعة مجوهرات في العالم، والمثير للدهشة في الموضوع أن تقنية صناعته متقدمة، وتشبه تقنيات عصور حديثة نسبيا.

       وقد أشار مقال أولي في صحيفة "الديلي ميل" البريطانية في أيار (مايو) الفائت، إثر كشف العلماء عن هذه القطعة النادرة من المجوهرات، إلى أن طريقة صقل السوار تدل على تقنية عالية، وربما يخص إحدى أميرات مجموعة Denisovans المنقرضة التي كانت تتواجد في تلك القفار، وعلى الرغم من أنها اكتشفت منذ العام 2008 إلا أنه لم يكشف النقاب عنها إلا منذ ثلاثة شهور، ويؤكد الخبراء الذين أمضوا سنوات في فحص السوار إن الأدلة تشير إلى أنه كان عنصرا نادرا بشكل استثنائي في ذلك العصر، ومن المرجح أنه يحمل أهمية كبيرة لمن ارتداه، وفقا لما ذكرته صحيفة "سيبيريان تايمز" The Siberian Times.

تقنية عالية

بالإضافة إلى ذلك، فإن مستوى المهارة والخبرة اللازمة لإبتكار هذه القطعة النادرة أدى إلى تكهنات بأن هؤلاء البشر في ذلك الوقت من العصور التاريخية السحيقة، كانوا أكثر تقدما من الناحية التكنولوجية مما كان يعتقد سابقا، وأن مجموعة Denisovans على ما يبدو أكثر مهارة من المجموعة التي ننتمي إليها وهي Homo sapiens أو إنسان "نياندرتال" Neanderthals.

ووجد العلماء أن فتحة قد حفرت في جزء من السوار بتقنية عالية، تحتاج أدوات حفر عالية الدقة تشبه تلك المستخدمة اليوم.

كما أن السوار مصقول بعناية، مع إضافة علاقة ثقيلة في المركز، وربما كان تعلق بقطعة قصيرة من الجلد، ومع ذلك، استبعد علماء الآثار أن يكون السوار قد تم صنعه في عهد لاحق ودفن مع بقايا Denisovans في وقت سابق.

وأشار العلماء أيضا إلى أن الحجر مصنوع من الكلوريت Chlorite، وهي مادة موجودة على بعد أكثر من 150 ميلا من موقع الكهف، ما يشير إلى أن السوار كان ذا أهمية في ذلك الوقت.

... وتكنولوجيا معقدة

وهذه المجوهرات الفريدة موجودة حاليا في "متحف التاريخ والثقافة للشعوب في سيبيريا والشرق الأقصى" the Museum of History and Culture of the Peoples' of Siberia في مدينة نوفوسيبيرسك Novosibirsk.

وقالت مديرة المتحف إيرينا سالنيكوفا Irina Salnikova: "أولى نظرياتنا أن مبتكر السوار قد يكون Homo sapiens أو إنسان "نياندرتال" Neanderthals، ولكنه تبين لنا أنه من الـ Denisovans"، وأضافت: "كان للمجوهرات معنى سحري للناس القدامى، وكانت الأساور والقلادات التي تستعمل للزينة لحمايتهم من الأرواح الشريرة، على سبيل المثال"، وأشارت إلى أنه "من الواضح نظرا للتكنولوجيا المعقدة والمواد المستوردة، أنه ينتمي إلى شخص رفيع المستوى من ذلك المجتمع".

وقال أناتولي ديريفانكو، مدير معهد الآثار والأثنوغرافياthe Institute of Archaeology and Ethnography، من فرع سيبيريا للأكاديمية الروسية للعلوم: "إن هذا السوار مذهل، فهو يعكس نهارا أشعة الشمس الساطعة، وليلا وعلى ضوء النار يلقي ظلالا عميقة من اللون الأخضر"، وأضاف: "من غير المرجح أنه كان يستخدم كقطعة مجوهرات يومية. وأعتقد أن هذا السوار الجميل والهش للغاية كانت يرتدى فقط لبعض لحظات استثنائية".

ظاهرة على مستوى العالم

وقال ماكسيم كوزليكين Maksim Kozlikin الباحث في معهد الآثار والإثنوغرافيا في نوفوسيبيرسك: "تم التوصل إلى نتائج أولية حتى الآن وهي أن هذا السوار يعود إلى تاريخ stratum 11 أي في الفترة بين 65 و70 ألف سنة"، لذلك من الممكن أن يكون تاريخ هذه القطعة قديما للغاية".

وأكد مدير المعهد البروفسور ميخائيل شونكوف Mikhail Shunkov بأن السوار  يعتبر "ظاهرة على مستوى العالم"، وأضاف: "حتى إن كان يبلغ من العمر 50 ألف سنة فوجوده يطعن كل ما كنا نعتقده في مستوى التكنولوجيات المعروف آنذاك، وعلى سبيل المثال، فإن السوار يحتوي ثقبا حفر بدقة شبيهة بأدوات الحفر الحديثة".

ومن المقرر ان يلتقى العلماء من جامعات اوكسفورد Oxford وولونغونغ Wollongong فى استراليا هذا الشهر مع نظرائهم الروس، وسيقوم الأكاديميون بتحليل وتفسير البيانات من الاختبارات على تاريخ طبقة التربة التي تم العثور على السوار فيها وغيرها من القطع الأثرية، بما في ذلك إبرة من ما قبل التاريخ.

المصادر: Siberian Times، Daily Mail ووكالات ومراجع