تحالف شركات النفط والفحم يرعى مؤتمر المناخ Cop24... ويجهضه!

Ghadi news

Friday, December 28, 2018

تحالف شركات النفط والفحم يرعى مؤتمر المناخ Cop24... ويجهضه!

خاص "غدي نيوز" - سوزان أبو سعيد ضو

 

على الرغم من الإحتفاليات التي رافقت إعلان اتفاق باريس للمناخ Cop21 في العام 2015، والتصديق عليه من 195 دولة، و"اعتباره مناسبا ودائما ومتوازنا وملزما قانونيا"، وفقا لوزير الخارجية الفرنسي الحالي  لوران فابيوس، إلا أن مؤتمرات المناخ التالية، Cop22 في المغرب في العام 2016، وCop23 في بون في العام 2017، ولا سيما المؤتمر الحالي Cop24 الذي اختتم في بولندا في مدينة كوفيتشه Katowice في 14 كانون الأول/ديسمبر 2018، جاءت متعثرة إلى حد كبير، واعتبر هذا المؤتمر بأفضل نتائجه "تسوية"، خصوصا لجهة تواضع الإنجازات.

 

بعض الدول لم تستيقظ

      

بعد مفاوضات دامت أسبوعين، وتأثير التحالف النفطي السلبي بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والمملكة العربية السعودية والكويت كما ذكرنا في مقال سابق تحت عنوان "هل يطيح تحالف النفط بمؤتمر المناخ Cop24"، وتأثير الدولة المضيفة بولندا "التي دافع رئيسها بقوة عن صناعة الفحم، فضلا عن شركات الفحم الراعية لهذا المؤتمر، والسعي إلى استخدام هذا المؤتمر كسوق تجارية للترويج للفحم وعدم اهتمامهم بالتوصل إلى نتائج طموحة"، وفقا لمحمد آدو Mohamed Adow المسؤول عن المناخ الدولي في منظمة كريستشان إيد أي Christian Aid، وأضاف منتقدا مواقف الصين والهند والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، فضلا عن البرازيل وأستراليا، الذي قال: "لقد تمت صياغة غالبية قواعد اتفاقية باريس، وهو أمر يجب أن نشكرهم عليه، لكن الواقع أن الأمر تطلب جر هذه الدول بكل الطرق، حتى خط النهاية، وما أظهره هذا الأمر، أن بعض الدول لم تستيقظ إلى النداء العاجل للتقرير الصادم الذي قدمه الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ"، وأشار إلى أن "تغير المناخ هو أحد قضايا حقوق الإنسان في عصرنا، لا شيء أكثر أهمية من الحق في تنفس الهواء النقي. وإذا لم تستطع شرب الماء بسبب الجفاف أو تناول الطعام لأن ارتفاع مستوى البحار قد أدى إلى قتل المحاصيل الخاصة بك، فإن ذلك يؤثر كثيرا على حقوق الإنسان"، وتابع: "إن محاولات صياغة اللغة وإزالتها لجهة حقوق الإنسان من مفاوضات تغير المناخ تظهر التجاهل التام لهذه الدول لأفقر شعوب العالم".

 

انقسام غير مسؤول

 

       ولجهة موضوع رعاية شركات فحم لـ COP24، قال آدو "إن شركات الفحم التي ترعى هذا المؤتمر تعادل في الواقع وجود تجار أسلحة في قمة سلام، إن الفكرة القائلة بأن الرئاسة البولندية تملك الشركات نفسها التي تتسبب بتدمير المناخ وبنفس الوقت ترعى محادثات الحد من تغير المناخ، تشكل صفعة في وجه الدول الضعيفة المعرضة للخطر والتي تعاني من آثار تغير المناخ، وهو أمر غير ملائم لجهة رئاسة بولندا لمثل هذا المؤتمر".

       وليس موقف آدو الوحيد المنتقد لسياسة هذه الدول وغيرها، فالمديرة التنفيذية لمنظمة "غرينبيس"، جينيفر مورغان، قالت: "هذا التقصير في الرد على تقرير الهيئة الحكومية يشكل صدمة". وأضافت: "لا يمكن الاجتماع بعد ذلك والقول إنكم لا تستطيعون فعل المزيد"، وأشارت إلى أنه "ما نشهده من انقسام غير مسؤول، يضع البلدان الصغيرة والفقيرة في مواجهة مع هؤلاء الذين قد يعيقون العمل المناخي، أو الذين لا يتحركون بالسرعة الكافية بطريقة غير أخلاقية"، وانتقد كثيرون غيرها أداء و"إنجازات" المؤتمر!

 

إنجاز منقوص

 

       بالمقابل، توصل المجتمعون إلى شبه اتفاق على إقرار  ما يسمى بـ "كتاب القواعد" Rule Book، أو دليل القواعد التشغيلية اللازم لتنفيذ اتفاق باريس لتغير المناخ، وحتى هذا الإنجاز سيبقى منقوصا لجهة هذا الدليل خصوصا وأنه لم يكتمل بصورة نهائية، إذ عندما يدخل حيز التنفيذ في العام 2020، يتوجب على كل دولة المضي قدما بتخفيض انبعاثاتها، والإبلاغ عنها كل عامين اعتبارا من العام 2024، فضلا عن استخدام "حزمة واحدة" تنطبق على كافة الدول، سواء منها المتقدمة أو النامية، إلا أنه تضمن "فسحة من المرونة" لتلك الدول التي لا تتوفر لديها إمكانيات كافية لتطبيقه.

 

صياغة كتاب القواعد!

      

وفي صياغة "كتاب القواعد" المكون من 133 صفحة، تم الضغط لاستخدام كلمة "Shall"  في 260 موقعاً، مقارنة باستخدام كلمة "should" الأكثر مرونة، وقد استخدمت 110 مرات فقط، أما بالنسبة لتطبيق المادة الرابعة من اتفاق باريس والتي تنص على تعهدات البلدان بالتخفيف أي "المساهمات المحددة وطنياً"، فإنها استبدلت باستخدام  "منهجيات ملائمة وطنياً" بدلاً من "مطالبة البلدان بالالتزام بمناهج علمية ومعيارية".

       من جهة ثانية، وبعد اعتراض التحالف النفطي المكون من الدول الأربعة السابقة الذكر على صياغة التقرير، تم تأجيل البت في نتائج تقرير الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ إلى العام 2019 بهدف عرضه على المناقشة في "الهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية" Subsidiary Body for Scientific and Technological Advice المعروفة اختصارا بـ SBSTA ، وصدر هذا التقرير في تشرين الأول (أكتوبر) 2018، وعللت وفود تلك الدول السبب باحتوائه على فجوات علمية وثغرات معرفية، واكتفت بالدعوة لاستكماله والاستفادة منه في المناقشات القادمة!

 

التمويل

 

يعتبر التمويل أحد المجالات الجوهرية للبحث بالنسبة للدول النامية، فدون التزام الدول المتقدمة بهذا الأمر، لا يمكن الوصول لأي تقدم خصوصا في مجالي التخفيف والتكيف. وللأسف فقد جاءت الصياغة، مناسبة للدول المتقدمة لجهة السماح لها بخلط أنواع التمويل التي تقدمها للدول النامية، وإدراجها ضمن بند مساهماتها التمويلية في مشاريع المناخ في الدول النامية، وهذه الثغرة تفرغ محتوى الهدف الدولي الخاص بتوفير 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020، كما أن المعالجة القواعدية للمادة 7.9 المتعلقة بالمحاسبة المالية ضمن بند الشفافية، كما وتفتح الأبواب أمام احتساب القيمة الاسمية للقروض التجارية، والأسهم، إلخ، باعتبارها تمويلاً للمناخ، وهذا الأمر، بحسب المراقبين، أسوأ من المنهجية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

أما بالنسبة للمادة التاسعة من اتفاق باريس حول الإبلاغ عن التمويل المتعلق بتغير المناخ، فقد جاء في النص النهائي لكتاب القواعد والتي تغطي المادة 5.9 (المتعلقة بالإبلاغ عن مدى التوفر المتوقع لتمويل المناخ في المستقبل)، والمادة 7.9 (المتعلقة بالأموال التي تغيرت فيها الأيدي بشكل فعلي - مصطلح يدل على انتقال الأموال من يد المشتري إلى يد البائع) – فمثلا، يتعين على الدول المتقدمة بشكل واضح وصريح  (shall)، كما يتوجب (should) على الدول النامية، أن تقوم بالإبلاغ عن أي تمويل لمشاريع المناخ تقوم بتقديمه، وهذا الأمر يعتبر تسوية وانتقاصا لهدف التمويل.

 

بنود أخرى

      

ومن البنود الأخرى لجهة آليات السوق، خصوصا المادة 6 من اتفاق باريس، بما يشمل المادة 2.6، المتعلقة بالقواعد الخاصة بآليات السوق الطوعية لجهة تداول الكربون، خصوصا بالنسبة لإتاحة الفرصة للدول الأطراف إمكانية التداول في زيادة التعهدات الخاصة بالمناخ، والمادة 4.6 والتي تتيح للمشاريع الفردية المتعلقة بتوليد شهادات أرصدة الكربون وعرضها للبيع، فقد تم تأجيل البت في الموضوع إلى مؤتمر الأطراف الخامس والعشرين القادم في تشيلي (بعد اعتذار البرازيل عن رعايته)، بعد فشل الوصول إلى حل توافقي خلال هذا المؤتمر، إلا أنه بوسع الدول وفقا لبعض الخبراء، التداول الطوعي بالكربون.

       واستعيض أيضا عن "آلية التنمية النظيفة" الخاصة ببروتوكول كيوتو، بالتعويض عن انبعاثات الكربون وهي تعويضات تتم بشراء شهادات الكربون من المشاريع التي تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أي الاستثمار في مشاريع مثل كفاءة الطاقة، والطاقة المتجددة، والغابات، فضلا عن "التقاط" المجموعة الكاملة من غازات الدفيئة مثل تخزين الغازات الصناعية والميثان في مواقع طمر النفايات، وبذلك يمكن تعويض مطلقي الانبعاثات ومنهم من لا يرغب أو يقدر من أفراد، ومنظمات أو دول من التقليل منها محلياً، فضلا عن كيفية أو إمكانية اعتماد منهجيات في مجال آليات التنمية النظيفة، لتعويضات تتعلق بانبعاثات الكربون.

 

اخترنا لكم

قرّاء غدي نيوز يتصفّحون الآن